جنرال تطيحُه زوجتُه! الدانمارك تعفي رئيس أركان الجيش من منصبه

 

 النهار

قصة كبيرة في الدانمارك. عزل رئيس أركان الجيش لتدخله في وساطة لأحد اقربائه. منذ بدأ تشارك هذه المعلومة على وسائل التواصل الاجتماعي، حظي الخبر باهتمام واسع بين اللبنانيين، لما يمثله من نموذج لدولة قادرة على محاسبة مسؤولين في مناصب عالية. ولكن ما حقيقة هذا الخبر؟ هل “عُزِل” بالفعل رئيس اركان الجيش الدانماركي من منصبه؟ واذا كان ذلك صحيحا، فلماذا؟ ومن هذا القريب الذي توسط من اجله، في ما لو صح الزعم؟

“النهار” دققت من أجلكم

الوقائع: منذ بداية تشرين الثاني الجاري، تكثّف تناقل الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما على عشرات الحسابات اللبنانية والعربية في “الفايسبوك” و”تويتر”. “الدانمارك تعزل رئيس اركان الجيش لتدخله في وساطة لأحد اقربائه لادخاله الكلية الحربية… والإعلام يصف حدث الوساطة بالخطير جدا”… “تماما زي عنا”، وفقا للتعليقات. وقد أرفقت حسابات كثيرة البوست بصورة مزعومة لرئيس الاركان، ويظهر فيها رجل بلباس عسكري وهو يبتسم.

التدقيق:

-بالفعل، أعلنت وزارة الدفاع الدانماركية “انه تم اعفاء رئيس أركان الجيش الجنرال هانس- كريستيان ماثييسن (Hans-Christian Mathiesen) من منصبه”، بعدما حامت حوله شكوك في ممارسته المحسوبية واستغلال منصبه.

الخبر نشرته مختلف المواقع الاخبارية الدانماركية الاربعاء 24 تشرين الاول 2018. وقد طلبت الوزارة من قائد الدفاع بيورن بيساروب تلاوة بيان عما إذا كان رئيس اركان الجيش سعى الى التأثير على المسار المهني لزوجته. واعلنت ان فريقا من المحققين تابعا لها بدأ إجراء تحقيق أولي لتحديد ما إذا كان هناك أساس لاجراء تحقيقات جنائية بحق ماثييسن.

ويأتي هذا الإعفاء بعد تحقيق نشره موقع “OLFI” المتخصص بالشؤون الامنية والدفاعية الدانماركية، الخميس 18 ت1، عن “استغلال السلطة والمحسوبية في الجيش”، وكشفت فيه ممارسات ماثييسن. ووفقًا لمصادر OLFI، “فقد ساعد رئيس اركان الجيش صديقته وزوجته الحالية في دخول برنامجين كان مرشحون آخرون أكثر اهلية منها”.

وكشف انه “بحلول عام 2014، غيّر ماثييسن معايير القبول في ماجستير الدراسات العسكرية، من دون أن يخبر أي شخص، باستثناء صديقته. وبهذه التغييرات التي ادخلها، أمكنها الانضمام الى هذه الدراسات. وكان يتوجب عليه ان يرفع موقعها في قائمة المرشحين، وبالتالي تم قبولها بين 13 مرشحا من 97 يومذاك، رغم ان مرشحين آخرين كانوا اكثر اهلية منها. ولم يعلم مرؤوسيه بعدم اهليتها. كذلك، أنشأ ماثييسن مشروع “جنود الجيش 2025″، ووظف صديقته وعيّنها لادارته. مجددا، لم يعلم مرؤوسيه بعدم أهليتها.

وعام 2016، عمد الى تغيير معايير القبول في برنامج التدريب على العمليات والقيادة العسكرية، من اجل تسهيل قبول صديقته، رغم نقص مؤهلاتها. يومذاك، تم قبولها بين 14 من أصل 60 من المتقدمين. ومجددا، لم يخبر مديريه عن عدم أهليتها”.

اثر نشر هذه المعلومات، أعلنت وزارة الدفاع في 19 منه “فتح تحقيق حول الشكوك المتعلقة بـ”استغلال ماثييسن سلطته واعتماده المحسوبية”. وفي 31 ت1 2018، كشفت ان “فريق المحققين التابع لها وجد أن هناك أساسًا لفتح تحقيق جنائي في ما يتعلق بالتهم الموجهة إلى ماثييسن بشأن المحسوبية”.

ويخضع حاليا رئيس الاركان المعفى لتحقيق جنائي، “من شأنه أن يكشف عما إذا كان ستتم مقاضاته بتهمة استغلال السلطة والإهمال اليه”، وفقا لبيان الوزارة.

منذ اعلان إعفاء ماثييسن من الخدمة، “خصصت جميع وسائل الإعلام الرئيسية في الدانمارك مساحة كبيرة لتغطية القضية”، على قول موقع “OLFI”. ونقل عن المعلق السياسي ووزير الدفاع السابق هانز إنعل ان ما تكشفه هذه القضية ويتعلق بمناصب عالية في الجيش، “يجعل هذه الحالة غير عادية”. ويضيف: “إنه أمر خطير للغاية، ماثييسن هو واحد من كبار الضباط في الجيش. رئيس الدفاع متورط. ومن النادر جدًا أن تكون لدينا قضايا تشمل مسؤولين في مناصب عالية في الإدارات”.

يشار الى ان ماثييسن من مواليد 11 نيسان 1965، وفقا لسيرة رسمية منشورة عنه. بدأ مسيرته العسكرية عام 1984، وترقى خلالها حتى بلغ منصب رئيس اركان الجيش عام 2014. وفي رصيده 12 وساما تقديريا.

-ماذا عن الصورة المرفقة بالبوست، والتي يُزعم انها لماثييسن؟

يؤكد مكتب الاعلام في القوات المسلحة الدانماركية لـ”النهار” ان الشخص الذي يظهر فيها ليس الجنرال ماثييسن، بل الكولونيل مورتن دانيلسون (Morten Danielsson).

بحث على الانترنت يبين ان الصورة نفسها المرفقة بالبوست تقود إلى مقالة نشرها التابلويد الدانماركي “.B.T” في 12 ايار 2010 عن ترقية دانيلسون من القوات المسلحة الدانماركية الى رتبة عميد، وتعيينه رئيسا للقوة المشتركة الدانماركية والالمانية والبولونية المتمركزة في شتتين ببولونيا”. “وقد باشر مهماته الجديدة ابتداء من 1 ايار 2010”.

وتذكّر المقالة، في سياقها، بأن دانيلسون من ابرز الأسماء التي ارتبطت بما عُرِف بفضيحة ترجمة كتاب لتوماس راثساك (Thomas Rathsack) بعنوان: “Jæger – i krig med eliten”، الى العربية، بما استوجب فتح تحقيق في الأمر يومذاك.

النتيجة: ما يزعمه البوست ان رئيس اركان الجيش الدانماركي أُعفِي من منصبه صحيح. غير أن ما استوجب اعفاءه من منصبه، ليس “تدخله في وساطة لأحد اقربائه لادخاله الكلية الحربية”، كما يزعم البوست، بل “لاستغلاله منصبه” من اجل قبول زوجته تحديداً في برامج دارسية عسكرية وترقيتها في مناصب داخل المؤسسة العسكرية، “رغم عدم اهليتها”، بما يشكل “محسوبية”. فاستوجب التوضيح في هذه النقطة.

اما الصورة المرفقة بالبوست، فليست له، بل للكولونيل مورتن دانيلسون، بما يجعل الزعم انه هو، زعما زائفا.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!