اللعب على المكشوف… كشّ ملك!

اندريه قصاص

بعدما كان يصّور كثيرون أن العقدة التي كانت تقف حائلًا دون تشكيل حكومة “العهد الأول” هي العقدة المسيحية، وبالتوازي معها العقدة الدرزية، التي لم تكن من حيث صعوبة فكفكتها وحلّ ألغازها، بمقدار ما كانت العقدة التي كانت قائمة، وربما لا تزال، بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” تمنع صعود المياه إلى رأس السطح من دون الإستعانة بمضخّات مستوردة من الخارج، ومن صنع فرنسي، فرّخت فجأة عقدة تمثيل سنّة 8 آذار، ولم يكن أحد من المتعاطين بالشأن الحكومي يعتقد أو يخطر بباله أن هذه العقدة، بعد حلّ العقدتين المسيحية والدرزية، ستكون عقدة المنشار، بإعتبار أن ما بين العهد و”حزب الله” من تفاهمات على العناوين العريضة في الإستراتيجيات الكبرى لن تقف عقدة بهذا الحجم في طريق إنطلاقة العهد بزخم من خلال حكومته الأولى، بعدما كانت الحكومة السابقة بمثابة بروفه للحكومة الحقيقية، التي يصرّ الجميع على أن تكون حكومة جامعة لكل المكونات السياسية، وبالأخص “حزب الله”، على رغم التهديدات الأميركية بعدم تسليم الحزب وزارات وازنة كالصحة أو غيرها من الوزارات التي قد تمّكنها من إستخدامها كورقة مخفية لإدخال إيران إلى الساحة اللبنانية من بوابتها الرسمية وعبر الإدارات الرسمية.

فما بين “حزب الله” والرئيس ميشال عون، وقد سلّفه كثيرًا في آخر موقف له من أعلى منبر أممي ما لم يسّلفه رئيس آخر، وهو الذي وقف إلى جانب المقاومة ما دام شبر واحد من لبنان لا يزال محتلًا من قبل العدو الإسرائيلي، وهو موقف أستدعى زيارة رسمية من نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” إلى القصر الجمهوري لشكر رئيس الجمهورية ولوضع إمكانات الحزب في تصرّفه لكي تكون إنطلاقة العهد من خلال حكومته الأولى أكثر زخمًا وأكثر فعالية، لن تؤثر عليه عقدة من هنا و”تكتكة” من هناك، وهما يفهمان على بعضهما من الإشارة من دون الحاجة في كثير من الأحيان إلى أي كلام لترجمة مضمون هذه التفاهمات.

يقول البعض أن ثمة اشياء قد طرأت في آخر لحظات التأليف جعلت “حزب الله” يعيد حساباته الداخلية بموازين الربح والخسارة على المستوى الإقليمي، وهو الخارج من سوريا اقوى مما دخل إليها، وهو بات في مواجهته الإقليمية رأس حرب، بعدما أصبح اللعب على المكشوف ولم يعد ثمة أوراق مستورة أو مخفية، ولذلك فإنه رأى الفرصة سانحة لكي يستعمل آخر وسائل الهجوم في لعبة الأمم ليقول لواشنطن: “كش ملك”، بإعتبار أن الأمور وصلت إلى مرحلة الحسم بعد التهديدات الأميركية للحزب بعقوبات مالية جدّية وخطيرة على مستوى ما يمكن أن تتخذه واشنطن من إجراءات يعتقد البعض أنها ستكون موجعة.

ويرى كثير من المراقبين أن هذا هو التفسير الوحيد لموقف “حزب الله” المتشدّد حيال إصراره على تمثيل أحد النواب من سنة 8 آذار، لأن ثمة قناعة عند الجميع، وبالأخص في دوائر القصر الجمهوري أن هذه العقدة، على رغم أهمية تمثيل الجميع في حكومة الوحدة الوطنية، لا تستأهل إفتعال مشكلة من هذا النوع بين الحليفين.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!