فاطمة ياسين في فرنسا.. تخترع بطارية من النفايات الزراعية
في بلد لا يزال يتخبط منذ العام 2015 بأزمة النفايات، ويحاول ساسته إغلاق أعينهم عن الحل، هناك علماء وخبراء بيئيون يقدمون حلولاً مبتكرة وفريدة من نوعها للاستفادة من النفايات نفسها. تماماً كحال الباحثة الدكتورة فاطمة ياسين، ابنة بلدة دير قانون النهر، التي نالت براءة اختراع في فرنسا، خلال متابعة الدكتوراه في علوم المواد المركبة، إضافة إلى دكتواره من الجامعة اللبنانية في تصنيع المواد الصديقة للبيئة.
عملت ياسين لمدة 4 سنوات على ابتكار بطارية ورقية مصنعة بواسطة البكتيريا من عصارة النفايات الزراعية. تتحول عصارة النفايات الزراعية إلى ما يشبه العصير، فتُدخل إليها البكتيريا التي تتعايش مع الإنسان، ومن ثم تعمد إلى إضافة بعض المواد التي تساعد على تجفيفها للوصل إلى الورقة او البطارية. وتلفت ياسين إلى أن البطارية الورقية تستخدم كطاقة بديلة متجددة، ولا تترك آثراً بيئياً ضاراً بعكس مواد الطاقة التي تستخدم كالفيول.
العمل على الاختراع استغرق سنوات. ترجع ياسين سببه إلى تنوع وتشابك المواضيع التي يتناولها، أبرزها العلوم الطبيعية، العلوم الديناميكية والفيزيائية. وتخلله حضور مؤتمرات عدة في واشنطن، بوسطن، الإمارات، كوريا الجنوبية، وفرنسا من أجل تطويره. وكان مطلوباً من اللجنة المشرفة أن تبحث في المراجع العلمية لتتأكد إذا ما كانت الفكرة منجزة سابقاً في أي دولة في العالم. ومن بعدها قدمت ياسين أطروحتها، ونالت تقدير مشرّف جداً، وجرى تسجيل اختراعها في فرنسا، من أجل تطوير الجزء الصناعي منه وتمويله.
تفوّق ياسين بدأ من سنوات المدرسة، إذ نالت في الشهادة الرسمية مرتبة متقدمة على صعيد لبنان. لتلتحق بالجامعة اللبنانية وتتخصص في علوم الأحياء، وتابعت دراستها وتفوقت في رسالة الماجستير في علوم البيئة والنباتات. إذ أثبتت خلال بحثها أن العبوات البلاستيكية المعدة لتغذية الأطفال الرضع المستخدمة في لبنان غير صالحة للاستخدام كونها تحتوي على مادة البيسنفول الخطرة. فالتفوق في رسالة الماجستير كان بوابة العبور لها كمخترعة عالمية في جامعة كلود برنارد في ليون- فرنسا.
المقارنة لا يمكن أن تغيب عن حديث ياسين بين فرنسا ولبنان من ناحية الاهتمام بالباحثين والمخترعين. “في فرنسا ليس عليّ سوى أن أفكر وأخترع وأستكشف، من دون أن أفكر في أي عقبات مادية ومعنوية. لكن، في لبنان، أواجه صعوبة الوصول إلى المختبر وإلى الجامعة بسبب أزمات السير، ناهيك عن الأعطال التي قد تطرأ على المختبرات، فأجد نفسي مضطرة إلى القيام بدور عمال الصيانة، من أجل ضمان استمرار عملي”. لا تنكر ياسين أن الجامعة اللبنانية قدمت لها دراسة لسنوات بأقساط زهيدة، لكن تفوقها وجدارتها كانا السبب في حصولها على منحة لمتابعة دراستها في فرنسا.
لم تكتف ياسين ببحوثها واختراعاتها ومقالاتها العلمية التي تنشر في العديد من المجلات العلمية، بل قررت تقديم علمها بشكل مبسط إلى الجميع باختلاف مستواهم الثقافي والعلمي. فقامت بإنشاء صفحة في فايسبوك تحمل اسم “طيون”. تُعرفها ياسين بأنها صفحة تُعنى بالصحة البيئية وكل ما له علاقة بالموارد الطبيعية والأفكار المبتكرة لتحسين نمط الحياة. وتشبه الصفحة بأنها مشروع موسوعة متكاملة بأسلوب سهل وطريقة علميّة مبسطة، لأن العلم للجميع.
المدن