متى تعود سوريا إلى لبنان؟

 – 

لا ريب أن النظام السوري أصبح مرتاحاً لوضعه بعد التقدم الذي حققه جيشه على المجموعات المسلحة واستعادته السيطرة على محافظات عدة، بالتعاون والتنسيق مع روسيا وإيران وحزب الله. فالغطاء الجوي الروسي ساهم بشكل كبير في تطور الأحداث الميدانية لمصلحته.

وبينما بدأت الدولة السورية نشاطها لإعادة إعمار ما تهدم من قرى وأرياف ومدن، بتوقيعها اتفاقات، لا سيما مع موسكو وبكين في هذا الشأن، بدأ الحديث عن رغبة سورية بالعودة إلى لبنان، فالقيادة السورية تتطلع جدياً إلى العودة، تقول مصادر غربية.

فهل يصح ذلك، بعدما أصبحت الورقة اللبنانية بيد المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية؟ علما أنها كانت في السابق بيد دمشق والرياض وواشنطن.

وهل يصح القول إن سوريا ستعود إلى لبنان، طالما أن فريقاً سياسياً بارزاً يؤكد أن خروجها من لبنان كان عسكريا، إذ أنها بقيت سياسياً عبر حلفائها، لا سيما “حزب الله” الذي تولى قيادة الفريق الحليف للنظام؟ وفي السياق لا يخفى على أحد أن شخصيات عدة معنية باستحقاق رئاسة الجمهورية سمعت خلال فترة الفراغ الرئاسي، من القيادة السورية عند مراجعتها ببعض الأفكار والطروحات، كلاما واضحاً، مفاده ضرورة مراجهة السيد حسن نصر الله.

في الآونة الاخيرة، حصلت تطورات عديدة في سوريا. عاد الوضع في الجنوب إلى ما كان عليه بعد اتفاقية أيار 1974. تم الاتفاق على إقامة فك اشتباك بين إيران وإسرائيل على مسافة 85 كلم من الحدود السورية مع فلسطين المحتلة. قاتل عناصر حزب الله بلباس الجيش السوري في الجنوب مراعاة لحساسية المنطقة، وبتمن من النظام لعدم إحراج الروس، يقول مصدر سياسي بارز مطلع على موقف البيت الأبيض لـ “لبنان24”.

في خضم الصدام الأميركي – الإيراني، يبرز إلى واجهة، بحسب المصدر نفسه، تفهم أميركي واضح لواقع استقرار سورية وانتصار النظام وبقاء الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم، مع اعتراف إدارة الرئيس دونالد ترامب بأهمية نفوذ روسيا في المنطقة.

ما تقدم تجلى بوضوح في قمة هلسنكي. فهل تشكل المعطيات الجديدة الفرصة الذهبية لعودة النظام السوري إلى لبنان عبر بوابة الاتفاق الروسي- الأميركي؟

يؤكد المصدر نفسه، أن الاستقرار في سوريا سيلقي بظلاله على المسرح السياسي اللبناني. وهذا ما بدأ يتظهر بقوة في تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين المحسوبين على دمشق، كالنائب جميل السيد والوزير السابق وئام وهاب الذي قال جهارا “من وقت يلي فلّ السوري أيّة عقدة انحلّت في لبنان؟ اللبنانيون معتادون على الوصاية ولبنان لا يقدر أن يحكم نفسه بنفسه ولن تتشكل الحكومة إن لم تقل سوريا أوكي، لأنّ لها مصالح سياسية وجيوسياسيّة مع حلفائها في لبنان”، وصولا إلى المعارضة السنية التي لطالما أبدت في صالوناتها الضيقة استغرابا وامتعاضا من تعاطي حزب الله معها بطريقة تختلف عن تعاطيه مع التيار الوطني الحر واخرين في 8 اذار . وعلى ذمة احدى الشخصيات السنية في هذا الفريق، فإن حارة حريك، تضعهم في خانة حلفاء سورية على قاعدة أن هناك حلفاء لدمشق وحلفاء لطهران .

ويرى المصدر أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في لبنان ستكون بمثابة الباب الواسع الذي ستدخل منه سوريا مجدداً إلى لبنان. ويؤكد أن الفرقاء المعنيين بداؤا يعدون العدة للاستحاق الرئاسي. رئيس الجمهورية ميشال عون لا يخفي أو ينكر أن الوزير جبران باسيل سيكون في رأس السباق الرئاسي. ورئيس “الوطني الحر” يواصل من جهته، جولاته الخارجية لدول كبرى لهذه الغاية، مستفيدا من حقيبته الوزارية السيادية. بيد أن هذا الحراك  الرئاسي يأتي في ظل واقع إقليمي جديد لا يشبه الظروف التي أحاطت التسوية الرئاسية _ الحكومية بجوانبها كافة. فأساس تلك التسوي، بحسب المصدر نفسه، كان الحوار الأميركي – الإيراني في سياق الاتفاق النووي، وليس حوار الرياض _ طهران؛  إذ أن واشنطن يومذاك طلبت من المملكة عدم عرقلة التسوية. أما راهنا، فالمعطيات تبدلت. الاتفاق النووي ذهب ادراج الرياح. بات صعباً لا بل مستحيلا القول إن الاتفاق الذي أوجد حلا للأزمة اللبنانية وأنهى الفراغ الرئاسي وأوصل رئيسا للجمهورية من خط سياسي قريب إلى حزب الله وطهران، سيبقى ساري المفعول للحظة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

لا يكتفي المصدر بما سبق من معلومات. بالنسبة إليه، معركة الرئاسة بدأت، وربما تكون قد حسمت لمصلحة شخصية سياسية أقرب إلى سورية من لإيران، ومقبولة أميركيا وروسيا. ويقول المصدر المطلع على السياسة الأميركية “لسخرية القدر أن اتفاق مار مخايل الذي كان عراب وصول الرئيس عون إلى بعبدا سيكون في المستقبل عائقا أمام وصول شخصية مقربة من رئيس الجمهورية”، مع غمز المصدر  نفسه إلى انسجام أميركي – روسي لجهة التعاطي بحذر مع شخصيات عدة تدور في فلك الرئيس عون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى