تلوث الليطاني: المرامل والكسارات في الجنوب تعمل ليلاً؟
الجريمة المستمرة بحق نهر الليطاني، وصلت إلى الحوض الأدنى للنهر، أي المناطق الجنوبية في لبنان. فقد تناقل مواطنون وعدد من الجمعيات الأهلية في الأيام الماضية صوراً تظهر مياه نهر الليطاني بنية اللون ومعكرة. ويشكو العديد من المزراعين من عدم وصول مياه الري إلى مزروعاتهم، بسبب توحل المياه وعدم ضخها بشكل جيد بسبب الرموال العالقة فيها.
مشهد المياه الموحلة أعاد إلى الواجهة قضية المرامل والكسارات، التي تعمل في محيط مجرى الليطاني. فغسيل الرموال ورمي مخلفات الجرف الناتج عنها يؤديان إلى رفع نسبة العكر في مياه نهر الليطاني وتلوثه بالمخالفات الناجمة عن هذه الأعمال. ما يؤدي إلى تعطل مشروع الري الحديث العائد للمزارعين والمشتركين ويكبدهم أضراراً فادحة.
هذه المرامل تتمركز في مناطق الخردلي والعيشية وجسر لحد وعرمتى والريحان. وتحاول الجمعيات البيئة، لاسيما جمعية الجنوبيون الخضر، توثيق تحركات الشاحنات على خط العيشية من أجل متابعة القضية التي تشكل خطراً على النهر، وعلى معالم المنطقة البيولوجية ومواقعها التراثية، نتيجة قضم مئات الدونمات وتدمير الغابات.
لكن رئيس بلدية الريحان حسين فقيه يؤكد لـ”المدن” أن جميع الكسارات متوقفة عن العمل منذ أشهر عدة، مشيراً إلى أن هناك من يحاول تشويه عمل بلديات جبل الريحان، لتمرير أهداف معينة. ويجزم فقيه أن البلدية ستقف بالمرصاد في حال إعادة فتح أي من المرامل.
مصلحة الليطاني تتصدى للمرامل؟
يوضح رئيس مجلس إدارة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، في حديث إلى “المدن”، أن ما أثير في الأيام الماضية عن نهر الليطاني ينقسم إلى شقين. الأول، يتعلق بالمرامل والكسارات في المنطقة، وقد تقدمت المصلحة الاثنين، في 11 حزيران 2018، إلى محافظ النبطية محمود المولى بطلب إيقاف أعمال المرامل في محيط نهر الليطاني، بسبب التلوث الناتج من رمي مخلفات الجرف في منطقة العيشية. وتقدمت بإخبار إلى النيابة العامة الاستئنافية في النبطية من أجل التحقق من الموضوع ومعاقبة كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو متدخلاً أو شريكاً.
أما الشق الثاني، الذي أدى أيضاً إلى تعكر مياه النهر، فهو أعمال تنظيف مجرى النهر من قبل أصحاب المتنزهات في القرى الجنوبية الواقعة على ضفاف نهر الليطاني، التي بدأت عمليات التنظيف في 5 حزيران، وعمد أصحابها إلى استخدام الجرافات لتفريغ الأوساخ في مجرى النهر. ويشير علوية إلى أن لا صلاحية لمصلحة الليطاني بالتدخل مع أصحاب المتنزهات والبلديات المعنية، بل هي مسؤولية وزارة الطاقة. أما مهمات المصلحة فهي الكشف على مجرى النهر ومعاينة الأضرار التي تلحق بالمزارعين.
بناءً على تصرف أصحاب المتنزهات، تقدمت المصلحة إلى محافظ النبطية بكتاب تطلب فيه “تنسيق أعمال التنظيف مع المصلحة بعد ترخيص وزارة الطاقة واشتراط تنفيذها بواسطة البلديات حصراً، إضافة إلى منع أي تعد على مجرى النهر”.
لا يخفي علوية خوفه من لجوء أصحاب المرامل والكسارات إلى العمل ليلاً، داعياً القوى الأمنية والمعنيين إلى قمع أي مخالفة، مطمئناً أن ما يشهده الحوض الأدنى للنهر لا يقارن مع الحوض الأعلى، الذي يواجه كوارث بيئية وصحية خطيرة جداً.
الأثر البيئي
يشرح رئيس جمعية الجنوبيون الخضر هشام يونس أن ازدياد نسبة العكر في النهر تقلل بشكل فعال من معدلات النشاط الضوئي الذي يؤثر على إنتاجية النباتات والطحالب، المصدر الغذائي الرئيسي للحيوانات المائية. عليه، فإن الانخفاض في مصدر الغذاء له تأثير سلبي على كامل بنية النظام البيئي للنهر.
ويشير يونس إلى أن مستويات التعكر العالية تتسبب في انخفاض تركز الأوكسجين. ما يضر الحياة المائية، ويؤدي إلى ارتفاع نسبة الجراثيم في مياه النهر بشكل يهدد صحة رواده. كما يؤدي تركز العكر بمستوى مرتفع إلى إنسداد خياشيم الأسماك ونفوقها.