نيسان… شهر التوعية بالولادة القيصرية
صدى وادي التيم – طب وصحة /
يُعدّ شهر نيسان (أبريل) فرصة سنوية لرفع الوعي حول الولادة القيصرية، وتسليط الضوء على أهميتها كإجراء طبي ينقذ حياة الأم والطفل في كثير من الأحيان، وكسر الصورة النمطية التي تعتبرها خياراً أقل قيمة أو أهمية من الولادة الطبيعية. فالولادة القيصرية، وإن كانت تختلف عن الولادة المهبلية، تبقى تجربة أمومة كاملة لا تقلّ عنها في شيء.
ما هي الولادة القيصرية؟ ولماذا يتم اللجوء إليها؟
العملية القيصرية، وتُعرف أيضاً بالولادة القيصرية، هي إجراء جراحي يُولد فيه الطفل عبر شقّ في بطن الأم. وغالباً ما تُجرى هذه العملية لأسباب طبية ضرورية، مثل تعسّر المخاض، وضع الجنين غير الطبيعي، مشاكل في الحبل السري أو المشيمة، الحمل المتعدد، أو وجود مشاكل صحية لدى الأم كارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.
أسباب اللجوء إلى العملية القيصرية: طبية وشخصية
في حين أن الولادة القيصرية ضرورة طبية في كثير من الحالات، فإنها في مراحل معيّنة كانت ولا تزال خياراً شخصياً لدى كثير من النساء، وذلك لأسباب متعددة، منها الخوف من ألم الولادة الطبيعية، أو نتيجة مفاهيم اجتماعية خاطئة ترى في الولادة المهبلية مخاطرة غير محمودة. ومع ازدياد الوعي اليوم، يبرز تركيز متزايد على أهمية الولادة الطبيعية وفوائدها، لا سيما في المجتمعات العربية، ما يجعل من الضروري إعادة النقاش حول دوافع اختيار القيصرية ومتى تكون الحل الأفضل.
خطوات إجراء العملية القيصرية بالتفصيل
الولادة القيصرية ليست عملية سهلة على الإطلاق، فهي إجراء جراحي معقّد يتطلب شقّ عدة طبقات من أنسجة البطن للوصول إلى الرحم وإخراج الجنين. تبدأ العملية بشق الجلد، ثم الطبقات الدهنية، يليها شق عضلات البطن، وأخيراً جدار الرحم. بعد ذلك، يُستخرج الطفل وتُخاط الشقوق بعناية. يمكن أن تُجرى العملية تحت التخدير الموضعي أو العام، وتستغرق عادة من 45 إلى 60 دقيقة.
الشفاء بعد الولادة القيصرية: ما الذي تتوقعينه؟
التعافي من الولادة القيصرية يتطلب وقتاً أطول مقارنة بالولادة المهبلية. غالباً ما تشعر الأم بآلام حادّة في موضع الجرح، خصوصاً عند السعال أو الحركة، وقد تحتاج إلى مسكنات للألم ورعاية خاصة تمتد لأسابيع. وعلى الرغم من ذلك، يمكن لمعظم الأمهات البدء بالرضاعة الطبيعية فور الخروج من غرفة العمليات.
مضاعفات ومخاطر على الأم والطفل
لا تخلو الولادة القيصرية من المخاطر. بالنسبة للطفل، قد تشمل مشاكل تنفسية مؤقتة أو جروحاً سطحية أثناء الجراحة. أما الأم، فقد تتعرض لمضاعفات مثل النزيف، العدوى، الجلطات الدموية، أو التصاقات داخلية تؤثر على الخصوبة. كما أن تكرار القيصرية قد يزيد من خطر المشيمة الملتصقة أو تمزق الرحم في الأحمال المستقبلية.
من الأسطورة إلى الطب الحديث
لا يزال التاريخ المبكر للولادة القيصرية محاطاً بالأساطير. يُقال إن اسمها مشتق من ولادة يوليوس قيصر بهذه الطريقة، لكن وفقاً للمكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة، هذا غير محتمل لأن والدته أوريليا عاشت بعد ولادته. في العصور القديمة، كانت تُجرى هذه العملية فقط إذا كانت الأم ميتة أو على وشك الوفاة. أول تسجيل مكتوب لنجاة أم وطفلها من عملية قيصرية يعود إلى سويسرا عام 1500، حين أجرى جاكوب نوفير العملية لزوجته.
نظرة المجتمع العربي إلى الولادة القيصرية
رغم التقدم العلمي، لا تزال بعض المجتمعات، خصوصاً العربية، تنظر إلى الولادة القيصرية باعتبارها “ولادة ناقصة”، وتحمل الأمهات شعوراً بالذنب أو النقص، خصوصاً إذا تم اتخاذ القرار بشكل شخصي. هذه النظرة تؤثر على الدعم النفسي والاجتماعي الذي تحتاجه الأم في مرحلة ما بعد الولادة، مما يجعل التوعية ضرورة ملحّة.
شهر التوعية بالولادة القيصرية: لماذا نحتاج إليه؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، أكثر من 3 من كل 10 نساء وأطفال لا يحصلون حالياً على رعاية ما بعد الولادة في الأيام الأولى. وهنا تبرز أهمية شهر التوعية بالولادة القيصرية كفرصة لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ونشر الوعي حول الدوافع الطبية والإنسانية لهذا الخيار، وتأكيد أنّ الأهم هو سلامة الأم والطفل، وليس “كيفية” الولادة.
كل ولادة هي تجربة أمومة فريدة
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الولادة القيصرية تُعد منقذة للحياة في حالات مثل الولادة المتعسّرة أو وضعية الجنين غير الطبيعية، ويجب أن تكون متاحة عند الحاجة. ورغم أن المعدل المثالي للعمليات القيصرية يتراوح بين 10 و15%، فإن المعدلات العالمية ارتفعت إلى 21%، ومن المتوقع أن تصل إلى 29% بحلول عام 2030.
في نهاية المطاف، لا توجد طريقة واحدة «صحيحة» للولادة. فالقرار بشأن نوع الولادة يجب أن يُتخذ بناءً على الحالة الطبية وتفضيلات الأم، دون تدخل من الأعراف الاجتماعية. الولادة، سواءً كانت طبيعية أو قيصرية، هي تجربة شخصية متفردة. وبدلاً من إصدار الأحكام، علينا أن نقدّم الدعم لكل امرأة اختارت أو اضطرت للولادة القيصرية، وأن نُعيد الاعتبار لهذا الخيار كجزء لا يتجزأ من تجربة الأمومة.
الأخبار