لا تخافوا على الدروز، ولا تخافوا منهم.
صدى وادي التيم – متفرقات /
في الفترة الأخيرة، تصاعدت الحملة الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي، تقودها بعض القنوات العربية، للتجييش ضد الدروز واتهامهم بالعمالة وأخرها اليوم بعنوان عريض: “زيارة الدروز إلى إسرائيل”. لكن، وقبل الانسياق وراء هذه الروايات، لا بد من التوقف عند الحقائق:
1- الجولان أرض سورية محتلة
الزيارة لم تكن إلى “إسرائيل”، بل إلى الجولان السوري المحتل منذ عام 1967. هذه المنطقة لا تزال سوريّة الهوية والانتماء، رغم عقود من الاحتلال.
2- زيارة اجتماعية بامتياز
الوفد الدرزي زار أقاربه في الجولان المحتل، حيث تعيش عائلات فرّقتها الحدود لأكثر من نصف قرن. هؤلاء الدروز ظلوا محافظين على هويتهم السورية رغم التخلي العربي عنهم، ورغم الضغوط والمغريات الإسرائيلية التي رفضوها، بما في ذلك الجنسية الإسرائيلية.
3- الزيارة ببُعد ديني وليس سياسيًا:
الزيارة تضمنت التوجه إلى مقام النبي شعيب عليه السلام، وهو موقع ديني تاريخي، ولا تحمل أي طابع سياسي كما تروج له بعض الجهات.
4- الدروز والتاريخ الوطني:
لم يسجل التاريخ موقفًا واحدًا يخون فيه الدروز وطنهم، بخلاف ما تحاول هذه الحملة الترويج له. في الوقت نفسه، فإن الإسرائيليين يتحركون بحرية داخل الأراضي العربية، بينما يُهاجم الدروز بسبب زيارة لأرضهم المحتلة.
5- أهداف الحملة الإعلامية
الهدف الحقيقي من هذه الحملة هو تشويه صورة الدروز لصالح بعض الأطراف، مثل هيئة تحرير الشام، التي تسعى للضغط على الزعيم الروحي للطائفة، الشيخ حكمت الهجري. علمًا أن الدروز الذين زاروا الجولان هم من قرى جبل الشيخ، التي وقعت تحت السيطرة الإسرائيلية بعد 8 ديسمبر 2024.
6- المساعدات الإسرائيلية والادعاءات الكاذبة
القنوات التي روجت لخبر “المساعدات الإسرائيلية للدروز”، تجاهلت أن هذه المساعدات دخلت إلى مناطق واسعة تشمل القنيطرة ودرعا، ولم تكن مخصصة للدروز وحدهم.
7- العمالة السورية داخل إسرائيل:
نفس هذه القنوات ركزت على استقطاب إسرائيل لعمال دروز، لكنها أغفلت أن عدد العمال السوريين السنّة الذين دخلوا إسرائيل يفوق عدد العمال الدروز بعشرين ضعفًا.
8- التعاون المسكوت عنه:
المفارقة أن هذه القنوات تتجاهل التعاون غير المعلن بين السلطة السورية وإسرائيل، والذي استمر لسنوات، بما في ذلك نقل مصابين للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية.
9- موقف الدروز الرافض للتدخل الإسرائيلي
رغم التصريحات الدرزية الرسمية والمظاهرات الحاشدة التي نددت بالتصريحات الإسرائيلية وأكدت على الهوية السورية للدروز، تصر هذه الحملة الإعلامية على تصويرهم كعملاء لإسرائيل، في محاولة للتغطية على عجز المسؤولين عن مواجهة التوسع الإسرائيلي في الداخل السوري. وإتهام الدروز باستقطاب الوصاية الإسرائيلية.
الدروز.. بين السياسة والبساطة
الدروز بطبيعتهم لا يحبون الانخراط في السياسة، ولا يسعون للمناصب. الشيخ حكمت الهجري ليس سياسيًا، بل زعيم روحي.
ومن موقعه هو مسؤول عن حماية الطائفة من تطرف ـ هيئة تحرير الشام. التي لها تاريخ أسود مع الدروز وتعتمد في تشريعها على تكفير الأقليات .
خاصة بعد فرض دستور هش يخفي ثغرات تفتح الباب للحكم المتطرف.
في المقابل يسعى الدروز إلى دولة سورية حرة تحترم التنوع، ولن يسمحوا بظهور “أسد جديد” أو دولة اللون الواحد. كما فعل أجدادهم عند تحرير دمشق عام 1916، وكما فعل المغفور له سلطان باشا الأطرش وثوار عام 1925، سيسلمون سلاحهم فقط لحكومة سورية وطنية حقيقية، ليعودوا إلى حياتهم البسيطة.
فلا تخافوا على الدروز، ولا تخافوا منهم.
الاعلامي مقداد الجبل