هدنة الـ40 يوم المشوّهة… والبنود المجحفة!

صدى وادي التيم-متفرقات/

لا يزال العدوان على غزة متصدّرًا الصحف والقنوات العالمية، تارة تجول الوفود الدبلوماسية عواصم العالم علّها تجد حلًا مستدامًا لوقف حمام الدم في القطاع الذي يزنّره العدو نارًا من كل حدب وصوب، وتارة أخرى تتجمّد المفاوضات ويأمر نتنياهو بالقتال ظنًا منه أن النار والدم، على مختلف الجبهات، هي الحل الوحيد لبقائه في السلطة والهروب من العدالة.

فمصير غزّة وسكانها مرتبط بقرار حزب يميني ديني أقل ما يريد القيام به هو تهجير السكان من قراهم وتعزيز الإستيطان

وآخر المستجدات الميدانية هو مقترح الهدنة “المشوّه” الذي تلقّته “حماس” من فرنسا، أقل ما يقال عنه أنه مجحف بحق الفلسطينيين، لكن وللأسف تبقى معادلة “الأقوى” هي السائدة، فالتفاوت الهائل بين القوى المتصارعة، والهوة الكبيرة لناحية القدرات العسكرية والسياسية والإقتصادية نسفت التوزان التقليدي بين المتصارعين ما جعل الأقوى يفرض شروطه خلال الحرب والسلم.

لا تزال إسرائيل تحاول فرض شروطها على من معها ومن ضدها، عسكريًا ميدانيًا وعبر قنواتها الدبلوماسية التي تعمل جاهدة لتحقيق قدر كبير من المكاسب في كل مسودة إتفاق على حساب الفلسطينيين عمومًا وأهل غزة خصوصًا، وآخرها مسودة باريس التي أقرّت هدنة لمدة 40 يوم، أقل ما يقال عنها “ظالمة”.

فالبند الأول ينصّ على الإلتزام بإدخال 500 شاحنة مساعدات يومية للقطاع بظل عملية حصار وقصف لمستشفيات هي بحاجة أقلّه للأطنان من المعدات والمواد الطبية لتلبية حاجات سكان القطاع، علاوة على شبح الجوع الذي يفتك بالأحياء ومخيمات التجمّع الذي لا تكفيه الأطنان من الإغاثات يوميًا، ناهيك عن شح المياه حيث بات السكان يستنجدون المطر ليرتووا من قطراته.

فهذا الرقم قليل جدًا ولا يرتقي لمستوى المساعدات المطلوبة التي إنخفضت هذا الشهر بنسبة 50% حسب إحصاءات الأمم المتحدة، ولأن الأمل بإنتهاء المعاناة قريباً في غزة لا يزال ضئيلا، هناك هوّة بين المساعدات التي تحتاجها، والتي ستحتاجها لسنوات قادمة، وبين ما تتلقاه حاليا وستتلقّاه مستقبلًا.

والجدير ذكره أن لإسرائيل تاريخ حافل من الإخلال بالإتفاقيات والتحفّظ عن بعض بنودها، فسيناريو السماح بإدخال المساعدات ومن ثم قصف الشاحنات أو السماح لعدد ضئيل منها بالعبور ليس مستبعدًا.

وعن بند العودة التدريجية للمدنيين النازحين إلى شمال غزة باستثناء الذكور في سن الخدمة العسكرية، يعني تجريد القطاع من العناصر الشابة التي تقوم بمهام لا تستطيع النساء والأطفال القيام بها، ليس إلا محاولة قمع لأي شكل من أشكال المقاومة ما يعزّز محاولة السيطرة الأمنية على مناطق كانت مستعصية سابقًا، لكن المحاولة ستتكلّل بالفشل حتمًا نظرًا لعدم قدرة العدو بالسيطرة على الأرض حيث أثبت الواقع الميداني تفوّقه جوًا فقط.

أما بالنسبة لتبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، بنسبة 10 إلى واحد، فالإقتراح ينص على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال تحت 19 عامًا وكبار السن مقابل الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين، أقل ما يقال عنها عملية مربحة للعدو، والهدف منها نزع ورقة الأسرى من يد المقاومة.

والبادي من المحاولات الأميركية والبريطانية والفرنسية تطابقها مع خطة نتنياهو الرافضة لوقف النار نهائيًا في غزة.

هذه الطروحات ما هي إلا مناورات سياسية لتجريد المقاومة من النصر الذي أنجزته وتجريد حماس من ورقة الاسرى، وأن تكسب إسرائيل الحرب بالسياسة عوضًا عن الإخفاق العسكري.

المصدر: ماريا واكيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى