الأوضاع الأمنية والحروب على الأبواب
صدى وادي التيم-لبنانياات/
من يعتقد أنّنا نعيش بسلامٍ ونائمون على ريش النّعام فهو مخطئ بل هناك مخاوف حقيقية بشأن مستقبل الوجود المسيحي والدرزي في لبنان وسوريا ولا ننسى ما حصل مع الأقلّيّات في العراق، وهذه المخاوف تتزايد بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتقلّبة في هذه الدول.
ألنزاع العسكري المستمر في سوريا منذ عام 2011، وتأثيره على الأقليات الدينية بما في ذلك المسيحيين والدروز وَضَعهم في موضعٍ خطرٍ، حيث تعرّضت بعض المناطق المسيحية والدرزية للهجوم من قبل جماعاتٍ مسلّحةٍ متطرّفةٍ مثل داعش والنصرة، مما أدّى إلى نزوح العديد منهم إلى مناطق أكثر أمانًا، وحتى خارج البلاد وما يحصل اليوم في السّاحل السّوري من مجازرٍ وتهديداتٍ بالعلن يشعر المشاهد أننا قادمون على إباداتٍ مرعبةٍ للاقليات ..
ومن منكم لا يذكر عام 2003، كيف تعرّض المسيحيون في العراق لتهديداتٍ خطيرةٍ، خاصّةً من قِبل داعش، بعد احتلال الموصل في 2014، وتمّ تهجير الآلاف من المسيحيين وقتل العديد منهم، وهو ما أدّى إلى انخفاضٍ كبيرٍ في أعدادهم في مناطقهم الأصلية.
وبالرغم من جهود إعادة الإعمار، فإنّ العديد من المسيحيين لا يزالون في حالة نزوحٍ ويعيشون في ظروفٍ صعبةٍ.
رغم أنّ لبنان هو الدولة الوحيدة التي تُعتبر فيها المسيحية جزءًا أساسيًا من النظام السياسي والطائفي، إلا أنّ هناك تزايدًا في المخاوف بشأن الدور السّياسي المسيحي في ظلّ الانقسامات الطّائفية وتزايد النفوذ الإقليمي، وسعي بعضها إلى تغيير التوازنات الطائفية، هذا يضع المسيحيين في وضعٍ حسّاسٍ، خصوصًا مع التوترات السّياسية الدّاخلية والخارجية.
في بعض الحالات، كانت المسيحية مهدّدةً من الجماعات المتطرّفة التي تحاول فرض رؤيتها الخاصّة على المنطقة، مثل تنظيم داعش الذي كان يهاجم الأقليات الدينية، بما في ذلك المسيحيين، في العراق وسوريا، وهذه الجماعات تُشكّل تهديدًا مباشرًا على المجتمعات المسيحية في المنطقة.
فالضّغط الديموغرافي والنزوح أصبحا شبه واقعٍ في الدول الثلاث، فهناك حالة من النزوح الجماعي للمسيحيين بسبب الأوضاع الأمنية والسّياسية. فالشّباب المسيحي في بعض الحالات يغادرون البلاد بسبب الافتقار للفرص الاقتصادية والخوف من الوقوع في الصّراعات، هذا النزوح يؤثّر على العدد الإجمالي للمسيحيين في المنطقة ويجعل المجتمعات المسيحية أصغر حجمًا وأكثر عرضةً للتّهديد.
تدخلّات الدّول الكبرى والإقليمية في شؤون هذه البلدان قد تكون لها آثار سلبية على الأقلّية . على سبيل المثال، دعم بعض القوى السّياسية للإسلاميين المتطرّفين في بعض الحالات قد يزيد من التهديدات تجاه الأقليات المسيحية والدرزية وحتى العلوية والأكراد .
إضافةً إلى التهديدات الأمنية والسّياسية، يُعاني الاقلّيّون في بعض المناطق من ظروفٍ اقتصاديةٍ صعبةٍ، مثل الفقر والبطالة ،مما يدفع العديد من الشّباب إلى البحث عن فرصٍ في الخارج.
رغم أنّ الأقلية وخاصةً المسيحيين في لبنان وسوريا والعراق ما زالوا يُشكّلون جزءًا هامًا من النسيج الاجتماعي والديني لهذه البلدان، فإنّهم اليوم يواجهون تحدّياتٍ أمنيةً، اقتصاديةً، وسياسيةً قد تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على وجودهم في المستقبل, لذا فإنّ الحفاظ على وجودهم يتطلّب حلولًا سياسيةً متكاملةً بدءاً بالتغيير بالدستور يحافظ على وجودهم ، وتدعيمًا دوليًا للسلام والاستقرار، وخلق بيئاتٍ آمنةٍ توفّر لهم الحياة الكريمة في بلدانهم.
د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي