“بدي حق نزيه وما برضى الا بإلاعدام”… هذا ما قالته زوجة “شهيد طرابلس”
وجّه نشطاء لبنانيون انتقادات حادة لقوى الامن الداخلي على خلفية مقطع “الفيديو” الذي جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُظهر كيف تم التصويب على المغدور نزيه حمود ويوضّح لحظة سقوطه أرضاً فور خروجه من سيارته ليفارق بعدها الحياة.
وقد أثار البيان الذي اصدرته المديرية العامة لقوى الامن الداخلي موجة غضب عارمة لدى ابناء طرابلس، لا سيّما عائلة نزيه واصدقائه، الذين استنكروا محاولة تلميع صورة الجاني، مطالبين رجال السياسة والمسؤولين بعدم التغاضي عن هذه الجريمة التي تمسّ بشكل مباشر بأمن المواطنين واستقرارهم.
واعتبر البعض ان الاضاءة على تكريم الرتيب “ج.خ” ونيله وسام الشرف تقديرا لجهوده في التصدي لعملية ارهابية داخل مسجد المنصوري العام الفائت من شأنه أن يشكّل استفزازاً لمشاعر أهل الفقيد من دون ان يغيّر واقع المأساة التي حصلت ظهر امس، رافضين عبر حساباتهم على “السوشيل ميديا ” ان يجري تفصيل القوانين بعدة “مقاسات”. فالجريمة قد حدثت في وضح النهار، من دون وجه حق، والقانون كالشمس الشارقة!
ومن جهتهم، فإن أعضاء فريق “Tripoli Bikers” الذي أسسه الفقيد “حمود” والمؤلف من 136 “درّاجا” من مختلف مناطق الشمال يتحضّر لتنفيذ اعتصام مساء الجمعة المقبل عند مدخل طرابلس احتجاجاً على جريمة القتل التي نفذت بدم بارد، والمطالبة بالعدالة لنزيه، مؤكدين أن زوجة الضحية “يسرا.غ” تتجه نحو إقامة دعوى قضائية بوجه عناصر قوى الامن الذين تواجدوا على الحاجز لحظة وقوع الجريمة مهددين بخطوات تصعيدية في حال لم يتم الاستجابة لمطالبهم التي هي واجب على الدولة تجاه هذه العائلة.
تروي يسرا في حديث لـ “لبنان 24” أن “أبو جاد” وهو الاسم الملقّب به المغدور “نزيه حمود” كان السند الوحيد لها في هذه الحياة، فهي عاشت محرومة من العائلة منذ ولادتها، لأسباب لم تشأ الخوض في تفاصيلها، وتربّت في كنف جدّتها حتى التقت نزيه الذي تخلّى عنه ابواه وهو في سن مبكرة بعدما انفصلا وانصرف كل منهما نحو بناء حياة مستقلة، فعرض عليها الزواج، وكافحا معاً متسلّحين بالصبر والايمان لبناء أسرة مكونة من اربعة اطفال، اكبرهم لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره.
“انا بدي حق زوجي وحق ولادي، انا ما بقبل بأقل من الاعدام، بكرا بس يكبروا بدي قلّن الدولة قتلت أبوكم يا ماما”!! بهذه الكلمات ختمت يسرا حديثها مطالبة الاجهزة المختصة بالاقتصاص من الجاني وانزال اشد العقوبات بحقه نتيجة تصرّفه اللامسؤول الذي أطاح بعائلة بأكملها، فرمّل زوجة ويتّم اطفالاً وقطع مصدر رزقهم الوحيد، لا سيما وان العائلة تعيش في بيت تدفع أجاره مما كان يدخّره نزيه من محله الصغير لـ “تصليح الدواليب”.
يقاطع احد اصدقاء نزيه المقرّبين والذي بدا منفعلا من حرقة الوداع، ان “ابو جاد” توفّي قبل نقله الى مستشفى “الشفاء” في أبي سمراء، وان عناصر القوى الامنية سلموه لسيارة الاسعاف في منتصف الطريق وانصرفوا، مشيرا الى ان مقطع الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل للرتيب الجاني، وهو يتأكد من نجاح مهمّته عبر تحسس جثة الضحية بحذائه العسكري مشهد لن يفارق خياله ابدا.
ويضيف”عبودة.ش” احد اصدقاء العائلة: “شوفي كام ضرب في بالسيارة ما حدا يقول بالغلط”! ولدى الاطلاع على سيارة “نزيه” تبيّن أنها اخترقت بأكثر من ثلاث رصاصات، الأمر الذي يجعلنا نتساءل، ما هي التهمة التي دفع ثمنها نزيه حمود حياته؟ ولماذا تصرّ الاجهزة الامنية على التعاطي مع طرابلس تحديدا بتهمة الارهاب؟ اذ ان عدم امتثاله للحاجز لا يعني انه “مسجّل خطر”، ولا يعطي الحق للعناصر بإطلاق النار دون الانذار اولا بطلقة في الهواء قبل التصويب على اطارات السيارة، وما كان ليحدث لو جرى التصرف بحكمة من قبل الحاجز تجاه تجاوز “الشهيد” له؟
نعم شهيد، فنزيه حمود شهيد الحاجة في هذا الوطن، حيث بلغ الفساد ذروته، واهمال الدولة لأبناء الارض قد وصل الى حد لا يطاق! والفقر كان السبب الجوهري وراء فرار “حمود” وعدم امتثاله للحاجز الامني، فكان لعدم اكتمال اوراقه القانونية المكلفة، نهاية لحياته! في لبنان عليك ان تلتزم واجباتك دون المطالبة بحقوقك، وإن استوقفك حاجز امني، توقف مرددا: على قيد الحياة يا محسنين.