غرافيا مفيد سرحال ..بقلم سلمان لمع
صدى وادي التيم-راي حر باقلامكم/
من بلدة وادعة أمينة، وعلاقة عمرٍ مع ناسها، غمرتني محبتهم، لأجيال ثلاثة في رسالتي التعليمية، كرمٌ وكرامةٌ، وطيبُ علاقة مع عائلاتها وبيوت فيها عامرة..
طلع الرجل، واعتمر رسالة حياته، مراسلا صحافيا متميزا، حمل قضية الكلمة وسبر أغوار الحدث، وارتقى بجمالية الحرف إذ يكتب، فصارت مقالاته أيقونات غاصت في بحور اللغة، وانتقت جواهرا فيها كامنة، وإذ تقرأ تنساب كلماته مضيئة شفيفة رهيفة…
وبعد،
عرفت الرجل في حركة مجتمع منطقة راشيا ناشطا اجتماعيا وسياسيا، حاضرا في مناسباتها، واثق الطلة، مشاركا وفاعلا.. عارفا أميناً بتاريخ رجالات الوادي، يؤبن بل يوثّق رحيل قامات فيه على شكل (مدبّجات وجدانية صادقة ومؤثرة) تصير (توثيقا تاريخيا) يحكي الرجال في مقاربة فكرة (البقاء والوداع والصيرورة).. والكل، ينتظر ليقرأ ويسمع..
امتلك حريته ولغته فأفاضت، وتعمقت صادق كلمة صادحها، آمن بالحريّة في منطويات حلولها، يناقش الرأي الآخر ويحترم ويقبل، وتلكمُ والله سمة رافقت الرجل وعُرف بها، (لي حريتي ولكم حريتكم، تجمعنا المحبة، فما كنا في الحياة إلا أحرارا وأحباء)..
عمل في الصحافة المكتوبة، فشكل نموذجا في مقاربة الحدث، وشكلت مقالاته توثيقا وتشريحا، وتصريحا وتلميحا، وفي كل الحالات مقطوعات ولا أحلى تبدأ ب(بسملة جمال) وتختم ب(حمد قداسة الحرف )..
في العام 2005، أصدر كتابا عن (حرمون الجبل الشيخ) وشرّفني بنسخة منه تحكي الجبل تاريخا عابقا، وجغرافيا ضاربة في عمق تكوين، وإنسانه في مرتقيات عنفوان، وعلاقة جذلى بين التيم ومحيطه العميق، وجبله الشامخ أبدا..
والرجل ضنين ب”عشيرة معروفية” متمسكا بتراثها، محبا وحاضرا في حضرة مشايخها سائلا عنهم، وفيّا لسيرة أفاضلهم، تراه متنقلا دؤوبا في رحابهم، نحلة تغرف من رحيق ازهار معرفة، وعظمة إيمان، فتحمل كلماتهم عسلا عرفانيا طيبا، للمريدين في خلايا الوادي الزاهر..
وكما دوما يضيق المدى الفايسبوكي فاختصر، وأترك لعارفيه الكثر ومحبيه، إضافةً وإضاءة..
وقبل وبعد،
ربطتني بالرجل علاقة صادقة تجاوزت قوانين الرياضيات، حيث أن خطّان متوازيان لا يلتقيان،
فرغم وجودنا لزمن، في خطيّ سياسة مختلفين، فقد التقينا دوما في رحب فكر إنساني،
والتقت خطوط التوازي في حضرة الحرية العظمى: (الإنسان هدفٌ قبل وبعد)..
وكلمة:
هي بلدة تنورة الرابضة عل سفح حرمون يستقبل ناسها شمس صباحاته في حقول خير فتزهر، وتخضوضر..
وهو ال(مفيد) صديقا يصدق، وحضورا غنيا يفيد فيضيف، وكلمة ترتقي في معراج حقيقة..
بقلم سلمان لمع