جينات جنبلاط وخيارات الحزب التقت!

صدى وادي التيم-لبنانيات/

غداة 7 أوكتوبر، حسم الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمره  بالوقوف إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان ضد العدو الإسرائيليّ بلا أي تردد، وهو بقي منسجمًا مع هذا الخيار ومتطلباته حتى اليوم. 

وعلى الرغم من “الضغوط الناعمة” التي تعرض لها جنبلاط من الداخل والخارج لدفعه إلى التراجع عن موقفه، إلا أنه بقي متمسكًا به، بل أن تصريحاته أظهرت أنه مصر عليه أكثر من أي وقت مضى، مؤكدًا أنه يؤيد المقاومة الإسلامية، “وليكن هذا الأمر واضحًا وكفى غموضًا، ولا يمكن فصل المقاومات في لبنان وفلسطين.” كما صرح أخيرًا. 

وبعد استشهاد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر، زار جنبلاط الضاحية الجنوبية حيث قدم التعازي لقيادة الحزب في مجمع سيد الشهداء ثم وقف إلى جانب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم وعائلة الشهيد متقبلًا التعازي، في مشهد يختزن الكثير من الدلالات السياسية والرمزية في لحظة مفصلية على مستويي لبنان والمنطقة.

وسبق ذلك، تطوعُ جنبلاط لصد مشروع الفتنة الإسرائيليّ الذي هبّت رياحه من مجدل شمس في الجولان المحتل، مسارعًا إلى نزع فتيل أي شقاق درزي – شيعي يخدم دولة الاحتلال، عبر تكذيبه القاطع للرواية الإسرائيلية حول الصاروخ الذي استهدف البلدة، ما عطل المفعول الفتنوي لهذا الصاروخ. 

وبهذا المعنى، يبدو جنبلاط وكأنه بات جُزءًا من المعركة، أقله ببعديها السياسي والمعنوي، لناحية مساهمته في تحصين الخطوط الخلفية والجبهة الداخلية في مواجهة محاولات اختراقها، تارة عبر السموم الإسرائيلية وطورًا من خلال أحصنة طروادة الداخلية. 

وليس خافيًا أن العدو يفترض بأن إشغال المقاومة بتوترات  جانبية في عز المواجهة معه، من شأنه إرباكها وإضعافها، على قاعدة أن اهتزاز أو تفسخ خط ظهرها سيشوش عليها ويشتت انتباهها، وبالتالي فإن مواقف جنبلاط المتقدمة قلصت أمام الإسرائيليّ فرص الاستثمار في الواقع اللبناني لخدمة أجندته وحساباته، وإن تكن المقاومة قادرة إلى حد كبير على فصل دورها عن “الشغب” الداخلي الذي يحصل من حين إلى آخر. 

وإذا كان هناك في الفريق المعارض لحزب الله من يعتبر أن سلوك جنبلاط منذ عشرة أشهر ناتج بالدرجة الأولى عن الخوف من الحزب، فإن المواكبين لمسيرة جنبلاط يؤكدون أن ما يحركه هو الخوف على لبنان ووجوب حمايته من العدوان الإسرائيلي، إضافة إلى انحيازه البديهي والتلقائي إلى جانب القضية الفلسطينية وحقوق أصحابها.  

ويلفت هؤلاء إلى أن دعم جنبلاط للمقاومة إنما ينسجم أصلاً مع جيناته السياسية الموروثة عن والده كمال جنبلاط والتي انتقلت أيضًا إلى ابنه تيمور، وليس أدلّ على ذلك من مبادرة جنبلاط الأب إلى إلباس الابن الكوفية الفلسطينية في المختارة خلال حفل تسليمه مقاليد الحزب التقدمي، مع ما عكسته تلك الإشارة من تكريس وتثبيت لنهج الالتزام بالقضية الفلسطينية.

وبناء عليه، يعتبر القريبون من جنبلاط أنه موجود حاليًّا في الموقع الطبيعي، وما يجب أن يكون مدعاة للاستغراب ليس تموضعه في هذا الموقع بل ذهابه إلى مكان آخر لا يشبه قناعاته وتراث “الاشتراكي.” 
 وأيًّا يكن الأمر، تعامل حزب الله بكثير من التقدير مع مواقف وليد جنبلاط منذ 7 أوكتوبر، خصوصًا أن أمله خاب في بعض من كان يفترض أنهم حلفاء له، بينما من كان مصنفًا في خانة الخصم ولو تحت سقف تنظيم الخلاف اتخذ موقفًا أصيلًا إلى جانب المقاومة بمعزل عن التباينات حول ملفات أخرى. 

وغالب الظن أن الحزب سيبني الكثير على حصيلة التجربة الراهنة لإعادة ترسيم حدود تحالفاته وخصوماته عقب توقف الحرب، والأكيد أن علاقته مع جنبلاط و”الاشتراكي” ستسلك منحى متطورًا في اتجاه تقويتها.

المصدر: عماد مرمل – الأفضل نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!