جنوب لبنان… حروب متعددة ونزوح متكرر
صدى وادي التيم – لبنانيات /
لم تكُن المرة الأولى التي ينزح فيها أهالي جنوب لبنان عن مدنهم وقراهم، لا سيما الحدودية منها، بسبب الحروب الإسرائيلية المتعاقبة، إذ تكرر هذا النزوح الجماعي عامي 1978 و1982 ثم في 1996، وفي 2006 وما بين هذه السنوات من حروب صغيرة أو كبيرة كانت تحصل ويضطر فيها أبناء القرى إلى إخلاء بلداتهم تحت وابل القصف والغارات، لكن هذه الحروب لم تكُن في مداها الزمني لتوازي الحرب الأخيرة التي بدأت منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وتكاد تلامس مدة تسعة أشهر متواصلة.
نزوح على أمل عودة قريبة
في بادئ الأمر والحرب، ظن كثيرون من أبناء القرى الجنوبية الحدودية الواقعة تحت نيران الحرب اليومية الساخنة والتي تعرضت لوابل من الغارات والقصف المستمر أنهم سيخرجون من بيوتهم مرغمين في سبيل حماية أنفسهم وعيالهم مدة وجيزة من الزمن، ثم يعودون مع انتهاء الحرب على غرار ما كان يحصل في السابق، لكن لم يكُن في بال أحدهم أن الحرب ستستمر تسعة أشهر وأن الأفق مفتوح على مزيد من الأيام “السوداء” وتطورات لم يعُد يعرف أحد متى تنتهي، لذلك تكرر هذا النزوح الأخير بين مد وجزر، ومن منطقة إلى أخرى بحثاً عن ملاذ آمن.
تجاوز عدد النازحين من القرى الحدودية بحسب تقديرات الدولة اللبنانية وعدد من المنظمات المحلية والدولية 100 ألف نازح توزعوا على مناطق آمنة نوعاً ما في جنوب لبنان وعلى البقاعين الغربي والشرقي ومناطق صيدا والعاصمة بيروت وغيرها من المدن والبلدات خارج الاستهداف أو الحرب المباشرة، لكن عائلات كثيرة اضطرت إلى النزوح أكثر من مرة ولأسباب كثيرة، منها أن عائلات لجأت إلى بيوت وشقق قدمها أصحابها أو الأقارب والأصدقاء على اعتبار أن الحرب ستكون لأيام أو أسابيع قليلة ليس أكثر، ومع استمرار أمد الحرب خارج المتوقع كان لا بد لأصحاب البيوت من استرداد أملاكهم أو السعي إلى تأجيرها.
شقق بألف دولار شهرياً
وأدى هذا النزوح كذلك إلى فتح شهية كثيرين من أصحاب البيوت والشقق السكنية على استغلال الأمر وتأجيرها بمبالغ عالية راوحت في كثير من الأحيان ما بين 500 دولار وألف دولار أو أكثر بين شقة خالية أو مفروشة.
تجشمت عائلات كثيرة هذا العناء المادي الطارئ على اعتبار أن المدة الزمنية للحرب لن تتجاوز شهراً أو شهرين بالحد الأقصى، وما كان يدخره بعضهم، خصوصاً أن معظم العائلات التي نزحت هي أسر تعتاش من الزراعة، جرى صرفه في الأشهر الأولى ولم يعُد من بديل سوى البحث عن بيوت أو شقق أقل كلفة.
منذ الشهر الأول للحرب، تلقت العائلات النازحة من القرى والبلدات الأمامية إلى بيوت ومنازل في مناطق النبطية وصور وحاصبيا وبنت جبيل، وإلى مراكز إيواء جماعية في مدن الجنوب وحولها مساعدات عينية من فرش وأغطية ولوازم مطبخ ومواد غذائية وحفاضات وحليباً للأطفال، قدمتها الهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب ومؤسسات رعائية أخرى تكفلت كذلك بتأمين وجبات طعام يومية، وقدم “حزب الله” عبر لجانه الخدماتية مساعدات غذائية ومالية إلى كل عائلة نزحت، منها 200 دولار أميركي كمصروف شهري ونحو 330 دولاراً إلى كل من استأجر بيتاً.
نزوح متعدد
لم يكُن قاسم بيضون يرغب في مغادرة بيته في مسقط رأسه بنت جبيل، ويقول “بقينا فيها أشهراً عدة ما بعد اشتعال الحرب، وعندما بدأت المدينة تتعرض للقصف قلت ’لن أخرج دعوني أموت هنا لأن من يترك بيته سيتبهدل‘، إلى أن سقط في إحدى الغارات على وسط المدينة علي بزّي وشقيقه إبراهيم وزوجة إبراهيم شروق حمود بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2023، وبدأ الناس يغادرون بنت جبيل وصارت تخلو من أهلها شيئاً فشيئاً، فقلت في نفسي ’لدي عائلة، منهم ثلاثة شبان كيف سأتركهم هنا تحت الخطر؟ وهل أضحي بعائلتي لأنني لا أريد أن أترك؟‘. لست مضطراً إلى ذلك، وفي الوقت عينه كنت خائفاً من النزوح، إذ إن البيت ستر أصحابه وفيه كل ما يحتاج إليه الإنسان من أغراض ولوازم، والانتقال إلى مرحلة ثانية وطارئة ستكون صعبة جداً”.
وعن حكاية النزوح يروي بيضون “نزحنا إلى عين بعال في قضاء صور، إلى شقة لشقيقتي الموجودة في أميركا، وأهلي، أمي وشقيقاتي وأولادهم كانوا لجأوا إليها منذ مطلع الحرب، ودعوني كي ألتحق بهم وأكون بينهم، وعلينا أن نتحمل بعضنا بعضاً، وبدأنا من أسبوع إلى أسابيع ثم إلى الشهر الثاني وصولاً إلى شهر رمضان، هنا بدأت تتبدى المشكلات العائلية والأسرية، خصوصاً أن الجميع في حال من القلق والخوف، يضاف إلى أن أبنائي الشبان تفرقوا كل واحد في جهة، ومنهم من عاد لبنت جبيل، تفرقت عائلتي بالكامل وصرتُ أمام واقع مرير فقلت “هيا إبحث عن بيت آخر واجمع عائلتك من جديد‘”.
البحث عن بيت
لم يكُن من السهل على بيضون أن يجد بيتاً بعد خمسة أشهر من التهجير القسري لمئات العائلات، وباتت جميعها مأهولة من أصحابها ومن النازحين، علماً أنه يعمل في لجنة تنسيق خدماتية بين اتحاد بلديات صور واتحاد بلديات بنت جبيل.
ويضيف بيضون أنه “بعد بحث مرير عن بيت أشار إليه أقارب أن لديهم بيتاً خالياً في بلدة البرج الشمالي شرق صور، أصحابه مسافرون ولكنه يحتاج إلى تأهيل إذ مرت مدة طويلة من دون أن يسكنه أحد، وكانت الرطوبة أكلت سقفه وجدرانه، ومع ذلك قلت يجب أن أضحي فلا خيار آخر أمامي، فقمت بتأهيله وطلاء الجدران وعالجت وجود كثير من الجرذان فيه، واشتريت براداً وغسالة ولوازم مطبخ وكثيراً من الأغراض، لكن قبل أن نصل إلى منتصف الشهر الثاني من لجوئنا إليه، جاء عامل سوداني يشتغل عند أصحاب البيت ليخبرني بضرورة إخلاء البيت لأنهم سيعودون من الاغتراب وسيقيمون فيه”.
اسودت الدنيا أمام بيضون وعائلته “فأنا لم أحتل البيت بل هم دعوني كي أسكن فيه وتكلفت كثيراً على إصلاحه ويريدون رمينا في الشارع، فكيف هذا الأمر؟، ثم راحوا يضغطون باتجاه إخلاء البيت، وكنت على أبواب السفر إلى الحج على رأس حملة أقوم بها في كل موسم حج، فطلبت التريث إلى حين عودتي وأعمل بعدها على ترتيب الأمور، ونالني ما نالني من غضب وقهر، فأنا تركت بيتي في بنت جبيل مساحته 300 متر مربع عدا عن الحديقة، وبتّ أنزح من مكان إلى مكان؟، لكن وبعد عودتي من الحج وجدت أن عائلتي عثرت على منزل لا بأس به في البرج الشمالي وانتقلت إليه لقاء أجر شهري يبلغ 450 دولاراً، واعتبرت ذلك إنجازاً أن تجد بيتاً خالياً بعد ثمانية أشهر من النزوح القسري”.
تفرق العائلة
ومع ذلك لم يتمكن قاسم بيضون من جمع عائلته، فأحد أبنائه “عاد إلى متجره لتأجير النراجيل في بنت جبيل، والآخر وهو طالب جامعي التحق بوظيفة لدى أحد المتاجر في المدينة لقاء أجر شهري يبلغ نحو 350 دولاراً، ويتوجه كل يومين إلى مدينة صور ليلتحق بجامعته، أما الثالث فلجأ إلى أحد أصدقائه في محلة الحوش في صور ويقيم عنده، لقد نزحت وتفرق شمل عائلتي”.
كان المزارع أحمد زهران يقطن قرب بلدة المجيدية في خراج كفرشوبا، لكن مع تعرض المنطقة للقصف “نزحت مع عائلتي منذ ثلاثة أشهر إلى كامد اللوز في البقاع الغربي، بعدما قدم لي أحدهم بيتاً هناك، لم نجد راحة فيه فاستأجرنا بيتاً آخر بمبلغ 250 دولاراً، بقينا فيه مدة من الزمن ثم قلت ’فلنمت في بيتنا أشرف لنا من هذا النزوح المذل‘، إذ عشنا معزولين عن الناس ولا أحد يلتفت إلينا، أو يسأل ماذا نحتاج؟، لا دولة أو جمعيات أو أي جهة أخرى اهتمت بنا، فعدنا إلى بيتنا، على رغم كل الخطر والقصف الذي يتساقط حولنا وعلى التلال، وسنبقى في بيتنا مهما جرى”.
“صرفنا كل ما لدينا”
أما محمد حسن الحاج، فكان يعتاش من متجر له في كفرشوبا وسيارات فان (باص) ينقل فيها تلامذة إلى مدارسهم “إلى أن بدأت الحرب، فتركت وعائلتي المؤلفة من أربع صبايا وأمهم بداية إلى حاصبيا، لكن لم أجد بيتاً خالياً فأقمت في فندق في عين قنيا، بعدها استأجرت لهن منزلاً قرب بيروت وعدت لبلدتي لعلني أُخرج ما تيسر من بضاعة المحل أو استرد بعض ديوني، وتنقلت بين حاصبيا والهبارية، وفي آخر المطاف التحقت بعائلتي في بيروت”.
ويضيف “كان الحمل كبيراً عليّ والعائلة تحتاج إلى مصاريف، فبعت سياراتي كي أصرف عليها، ووجدت أنني سأصل إلى مكان لن يبقى معي أي شيء، فسافرت إلى تركيا وبقيت هناك شهراً و10 أيام، واشتغلت في ورش البناء بما يشبه الأشغال الشاقة، ثم عدت إلى بيروت، بقيت شهراً ثم سافرت مدة شهر وعدت مجدداً منذ أسبوعين، وبتّ اليوم بلا عمل والعائلة تحتاج إلى مصروف يومي، وانتقلنا إلى الدبية قرب السعديات”.
772 دولاراً أجرة بيت في حاصبيا
نزح علي معروف عقل من الهبارية (حاصبيا) بسبب زوجته التي تعاني شللاً وابنه من أصحاب الاحتياجات الخاصة، ويقول “نحن خمسة أفراد، زوجتي تخاف كثيراً وكذلك ابني المريض، فاضطررت منذ بداية الحرب إلى ترك المنطقة نحو حاصبيا، أنا عسكري متقاعد وراتبي الشهري لا يتجاوز 220 دولاراً، فأعوض من الزراعة وموسم الزيتون، والبيت يستر أصحابه، فهم يتدبرون أمورهم كيفما كان، وسكنت في بيت صاحبه ملياردير، وكنت أدفع أجرة كل ليلة أكثر من 20 دولاراً، حتى دفعت في شهر واحد 772 دولاراً، دفعت كل ما ادخرته من بيع الزيت والزيتون، ثم رتبت أموري مع عمتي التي تعيش هناك وبقينا نحو سبعة أشهر”.
انتقل عقل بعدها إلى السعديات قرب بيروت ووجد بيتاً فاستأجره بمبلغ 300 دولار شهرياً “لا يكفي راتبي الشهري التقاعدي كي أسدد به أجرة البيت، لذلك أتواصل مع أقرباء لي هنا وهناك كي أستر نفسي أنا وعائلتي وسط ظروف صعبة جداً، خصوصاً أن مريضين في البيت ويحتاجان إلى أدوية ومصاريف خاصة”.
لم يتلقَّ عقل أي مبالغ من “حزب الله”، “على اعتبار أن بلدتنا الهبارية خارج تصنيف العدوان المباشر، بل اعتبرت قرية نزوح ولجأت إليها عائلات كثيرة نازحة، مع العلم أن بلدتنا سقط فيها ثماني ضحايا من القصف والغارات الإسرائيلية، من بينهم سبعة مسعفين دفعة واحدة بغارة ليلية آخر مارس (أذار) الماضي، وأهلها يمرون بظروف صعبة حتى لو أنها لا تتعرض للقصف المباشر اليومي، فالقذائف تتساقط حولها والغارات تستهدف التلال القريبة، نحن نحاول أن نتعايش مع هذا الوضع لكن القصة طويلة”.
من مكان إلى مكان
يحكي إسماعيل ناظم عبدالعال عن الأسباب التي دفعته إلى النزوح، فيقول “تعرض جوار البيت إلى قصف مدفعي وتحطم زجاج بيتنا، ولم نفكر في مغادرة البيت، بعدها بدأنا نتعرض لرمايات رشاشة من مواقع الإسرائيليين في رويسات العلم ونال بيتنا كثيراً من هذه الرشقات وباتت الإقامة فيه خطرة جداً، فلجأنا في بادئ الأمر إلى بيت شقيقتي في صيدا، وسكنّا فيه ست عائلات، إذ حاولنا البحث عن بيوت للإيجار ولم نجِد بمبلغ يقلّ عن 250 دولاراً”.
ويضيف “بعدها عدنا إلى الهبارية القريبة من كفرشوبا، حيث بقينا مدة في بيت عمي إلى أن وجدنا بيتاً مستقلاً متواضعاً، أجرته أهون من فاتورة كهرباء الاشتراك وكهرباء الدولة، كنت أشتغل سائقاً في بلدية كفرشوبا، لكن البلدية أوقفت رواتبنا، أنا خدمت 22 سنة وفي ظل هذه الظروف الصعبة أنتظر أن تدفع لنا البلدية كل ثلاثة أشهر أو أربعة ما بين 20 دولاراً و50 دولاراً كحد أقصى”.
ويشير عبدالعال إلى “أن العودة للبيوت تحتاج إلى مبالغ كثيرة للترميم وإعادة التأهيل، فمعظم بيوت القرية لم تعُد صالحة للسكن، المعاناة كبيرة ولم نعُد نحتمل، ولا نجرؤ على الذهاب إلى بلدتنا وهي لا تبعد أكثر من 10 دقائق بالسيارة”.
تعريف النزوح إلى الجغرافيا
يقول المدرّس أيمن غنوي من حولا “صار يجب إضافة تعريف النزوح إلى كتاب الجغرافيا، إذ باتت للنزوح تعريفات كثيرة وصار لكل عائلة نزحت تاريخ يوصف بمعاناة النزوح، فليس الأمر فقط أن تغادر القرية إلى المدينة، بل بات أكثر صعوبة من ذلك بعد التجربة التي عشناها”.
ويتحدث غنوي عن مشقة النزوح منذ مطلع الحرب في أكتوبر 2023، فيقول “عندي ثلاثة أولاد وبيتي قريب من موقع ومقام العباد، أكبر موقع للرصد والتجسس، فقررت إخراج عائلتي من هذا الأتون، وقصدت شقيقتي المقيمة في بدنايل (البقاع) على قاعدة أن نعود بعد أيام عدة وتكون المعركة قد هدأت، وهنا بدأت المعاناة، ولم نكُن نتصور أننا سنعلق المفاتيح في أعناقنا، خرجنا بقطع من الثياب ليس أكثر ظناً منا أننا سنعود بعد أسبوع أو أسبوعين”.
ويتابع غنوي “الجزء الأول من المعاناة أننا خرجنا من دون أي شيء ولم نعُد نستطيع العودة لبيتنا كي نؤمن منه بعض الأغراض، فوقعت تحت مصاريف وأعباء كبيرة حتى أمنت للعائلة جزءاً مما تحتاج إليه من ثياب ولوازم أخرى، والتحقت بإحدى الثانويات في شمسطار كوني أستاذاً ثانوياً وداومت هناك، وكان جزء من معاناتي ما تكبدته من وقت واتصالات للالتحاق بثانوية رسمية عملاً بقرار وزير التربية الذي دعا النازحين المعلمين إلى الالتحاق بأي مدرسة قريبة من أماكن النزوح، هناك في المنطقة التربوية لم يكُن لديهم أي علم بقرار الوزير واحتاج الأمر إلى وقت حتى أعدنا ترتيب القصة”.
عاد غنوي وعائلته في فترة الهدنة التي بدأت بتاريخ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى حولا “وبين تحضير أنفسنا للنزوح مرة ثانية أو تمديد فترة الهدنة وجدنا أنفسنا بعد أسبوع ننزح إلى منطقة السعديات، لعند أخي الذي استأجر بيتاً هناك لعائلته النازحة وسكنّا ثلاث عائلات في غرفتين. لا يمكن وصف أن تجتمع ثلاث عائلات في هذا المكان الضيق مدة من الزمن، بلا حرية أو استقلالية، حتى إن العلاقة مع الأولاد بدأت تتأثر، خصوصاً أن هذه المرحلة استمرت خمسة أشهر متتالية”.
في أبريل (نيسان) اضطر غنوي إلى إدخال والدته إلى مستشفى تبنين الحكومي (بنت جبيل) بعد مشكلات في الكبد والضغط “وتعبت نفسيتها، هكذا هم الكبار مثل السمك، يموتون خارج مياههم. صرت أتجول بين القرى المجاورة لتبنين ورأيت الناس يعيشون فيها حياة طبيعية ويشتغلون بالزراعة، فقلت لماذا لا أنتقل إلى هنا، فأنا أصلاً أدرّس في ثانوية مجدل سلم القريبة وزوجتي تعمل في مستشفى تبنين لذا قررت أن أستأجر بيتاً في المنطقة”.
لجأ غنوي إلى بيت زميل له في بلدة مجاورة لمسقط رأسه حولا “لكن صاحبه طلب مني مغادرته بعد شهر، بعدما بدأ كثير من أهالي حولا يترددون إلى بيتي للاطمئنان. فاتصلت بأحد الأصدقاء في تبنين ووجدت منزلاً مستقلاً انتقلت إليه واشتريت ما يلزمني من أغراض”، لكنه يعيش قلقاً تجاه موضوع أطفاله وأعمارهم ثماني سنوات و12 و13 و16 سنة “لقد أثر الوضع في نفسياتهم، خصوصاً في مرحلة التعلم عن بعد ’أونلاين‘ وكانوا يدرسون قبل الحرب في مدرسة عين إبل، كان هذا الأمر مجهداً للجميع ولم يحصّل الأطفال أكاديمياً كما يجب من المدرسة خلال العام الدراسي الذي مرّ”.
ثمة مشكلة تثير قلق رب العائلة غنوي، ويتساءل “هل نسجل أولادنا في مدارس جديدة في المنطقة التي نحن فيها؟ لو افترضنا أننا سنعود في الغد القريب لقرانا، ماذا نكون قد فعلنا؟ وكيف سننقل أولادنا من مدرسة إلى مدرسة؟ وهل سننزح مجدداً؟”.
كامل جابر – اندبندنت عربية