الدولار المصرفي: بين 25000 و30000 نهاية أيار؟
صدى وادي التيم – إقتصاد /
بعد مرور أكثر من 3 أشهر على إقرار موازنة 2024 واعتمادها بالعديد من بنودها سعر صرف 89500 ليرة للدولار، ورغم إصرار مصرف لبنان على أنه رافض لعملية تسعير الدولار المصرفي دون سعر الدولار الحقيقي، يبقى العائق الأساس الذي يقف حائلاً دون اعتماد السعر الحقيقي للدولار، رفض المصارف تحمُّل أعباء سعر الصرف الحقيقي، وتواطؤ السلطة السياسية ومصرف لبنان نفسه معها، وإن كان الأخير يجاهر بإصراره على فرض سعر صرف 89500 ليرة على السحوبات المصرفية،إذاً عاد ملف الدولار المصرفي الى الواجهة في الايام القليلة الماضية، من بوّابة إعلان رئيس حكومة تصريف الاعمال ان تحديد سعر هذا الدولار سيتمّ قبل نهاية ايار الجاري ومع هذا الاعلان، عادت الاجتهادات في شأن السعر الذي سيُعتمد، والجهة التي ستتخذ القرار، وتتحمّل المسؤولية امام الناس.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر مالية لـ«اللواء» أنه تم الإقتراب من تحديد سعر الدولار المصرفي بسعر يتراوح بين 25 و30 ألفاً من قبل حكومة تصريف الأعمال في أقرب جلسة تعقد قبل نهاية شهر أيار ،وخاصة بعد الإتفاق على هذا السعر بين وزير المالية يوسف خليل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجمعية المصارف كسعر متقارب» بين 25000 و30000 ليرة».
وتشير المصادر إلى أن هذا الأمر بات ملحاً،وعلى الحكومة أن تعتمد هذا السعر من أجل إرساء القواعد المالية والنقدية بشكل شفاف في البلاد لأن المودعين اليوم لا يقبضون دولاراتهم على أي سعر لأن المصرف المركزي قد حدد وفق التعميم 167 سعر الدولار الفعلي على أنه 89500.
وتوضح أن هذا السعر هو سعر ميزانية ومطلوبات المصرف المركزي وعلاقته بالمصارف،وسعر الموازنة وليس سعر الدولار المصرفي الذي هو من مهمة الحكومة أن تقوم بتحديده.
وتحذر أنه على الحكومة أن لا تطيل الوقت أكثر، وتقوم باتخاذ القرار بالسير بسعر جديد للدولار المصرفي بانتظار موازنة عام 2025 التي يجب أن تتضمن سعر صرف واضح، وتأمل المصادر أن يكون هو نفسه سعر الدولار الذي يتداوله مصرف لبنان.
أما الكاتب والباحث في الشؤون المالية و الإقتصادية البروفسور مارون خاطر فلفت في حديث لـ«اللواء» إلى أن إعتماد أي سعر غير سعر السوق أي السعر الحقيقي للدولار هو ظلم بحق المودعين لأن الودائع هي أمانة لدى المصارف، ويَجِب أن تُرَدّ إما بعملة الحساب نفسه وإما بالسعر الفعلي للسوق. لذلك فإن أي رقم أكان 15 أو 25 ألفاً على سبيل المثال أو أي رقم آخر أقل من سعر السوق الحالي هو ظلم بحق المودعين.
وشدد خاطر على أن المشكلة الحقيقية هي أن سعر السوق الحالي لا يعكس حقيقة الواقعَين الاقتصادي والنَّقدي فالبلد مأزوم منذ فترة طويلة، وبالتالي فإن إعتماد سعر الـ25000 هو إمعان في الهيركات على الودائع والمودعين.
في إطار مُتَّصِل أشار البروفسور خاطر الى أن إعتماد سعر جديد للودائع المُقوَّمة بالدولار يدفع المودعين الذين وصلوا إلى حالة «اليأس» الى سحب ودائعهم. فالحلول غائبة وتعاميم مصرف غير قادرة لوحدها على احتواء الازمة والمصارف تُمعِن في احتساب المصاريف الباهظة.
وفي ما يختص بتعاميم مصرف لبنان أردَفَ خاطر: «التعميم 682 لَم يُنَفَّذ،التعميمين 166و 158 خاضعَين لإستنسابية المصارف» وشدد على أنَّ «السحب المُتَوقَّع للودائع يؤدي إلى تذويبها وإراحة المصارف من ثقلها على حساب المودعين».
وأكد أن تحديد سعر جديد للصرف يأتي متأخراً من دون أي مبرر يذكر، وهذا أمر معيب باعتبار أن الموازنة بقيت دون سعر للصرف حتى هذه الساعة (على الرغم من عدم مشروعية تحديد سعر لصرف الودائع وسعر للصرف).
واستطرد خاطر قائلاً: «السعر الجديد عودة الى تَعَدُّد أسعار الصرف ودليل على أنَّ ما قام به المصرف المركزي ليس توحيداً لسعر الصرف، إذ أنَّ توحيد سعر الصرف له شروط إقتصادية ومالية غير متوفرة في الوقت الراهن.»
وخَتَمَ: «ما يحدث من تخبط داخل وزارة المال ومن تقاذف المسؤوليات بين وزارة المال والمصرف المركزي يعكس التخبط الموجود على أرض الواقع في السياسة كذلك في الإقتصاد وفي النقد».
ومن جهته أوضح رئيس جمعية المودعين حسن مغنية في حديث لـ«اللواء» أن هذا لم يعد يسمى بتحديد سعر صرف «رسمي» بل أصبح يسمى تحديد سعر صرف «وهمي» لأنه على الرغم من أن هذا السعر هو لإعطاء المودعين على أساسه ودائعهم ولكن هل الجباية ستكون على نفس السعر؟ بالطبع لا.
وأردف مغنية قائلاً:«إذا أردنا أن نتبنى هذا المنطق فهذا يعني أن شركة الكهرباء عندما تريد أن تسعر فاتورة المواطن على الـ1000 دولار على سبيل المثال فهل ستتم الجباية على سعر الـ25000؟ بالطبع لم تتم لأن الجباية حكماً ستتم على سعر 89500.»
وشدد على أن هذا الموضوع بالنسبة لجمعية المودعين هو مرفوض رفضاً تامّاً، وهو جعجعة من دون طحين لأن هذا الموضوع هو هيركات على المودعين أي إستكمال لسرقة أموال المودعين.
وأكد أن هذا الرفض لا يجب يتم عبر جمعية المودعين وحسب، بل يجب أن يتحول هذا الرفض إلى رفض شعبي عارم، أي رفض يكون نابعاً من المودع بشكل أساسي،على الرغم من تفهُّم المودع الذي يسحب أمواله من المصارف مجبراً ويتحمل هذه الخسائر على قاعدة مجبر أخاك لا بطل لأنه فقط يريد أن يعيش،ولكن هذا أمر هو إستمرار وإستكمال لنحر وذبح الشعب اللبناني إجتماعياً وإقتصادياً وذبح المودعين عبر إستكمال هذه السرقة الممنهجة بهيركات أكثر من 70%.
عبدالرحمن قنديل – “اللواء”