البلاستيك يجتاح العالم… وأمريكا تقاوم خفض الإنتاج

صدى وادي التيم – متفرقات /

لا يكاد يمضي شهر أو أسبوع، إلا ونسمع عن كارثة طبيعية أو ظاهرة مناخية، إما حلّت أو ستحل بكوكبا، ومع ذلك يبدو أن سكان الأرض غير مبالين بالأسباب التي نكتشف أن غالبيتها من صنع الإنسان، فهو المسؤول الأول والرئيسي عن تلويث البيئة والطبيعة بمنتجاته ومخلفاته خصوصًا البلاستيك (باختلاف أنواعه وأشكاله) دون النظر إلى المخاطر الناجمة عن هذا السلوك البشري التدميري، بقدر اهتمامه بالربح المادي وتحصيل الأموال الطائلة. 

 

حجم كميات البلاستيك التي تنتجها الشركات

 

 عمليًّا، تنتج الشركات كل عام أكثر من 400 مليون طن متري من البلاستيك، حيث ينتشر القسم الأكبر منه في الممرات المائية أو الشواطئ، مما يؤدي بالتالي إلى انسداد مجاري المياه، فيما يطفو الجزء الآخر في بقع ضخمة في المحيطات.

 

 صحيح، أنه في بعض الأحيان، قد يكون من الصعب معرفة الشركات التي تقف وراء كل هذا البلاستيك – ولكن العلماء تمكّنُوا الآن، من معرفة البعض من أكبر المساهمين في إنتاج البلاستيك في العالم.

 

وتبعًا لذلك، حدّدت دراسة جديدة نشرت في مجلة Science Advances (تابعة للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم (AAAS)) في 24 نيسان الجاري، بعض العلامات (الشركات) التجارية الكبرى المسؤولة عن التلوث البلاستيكي عبر القارات الست، إذ وجد الباحثون، الذين استخدموا فريقًا يضم أكثر من 100000 متطوع لفهرسة أو جدولة أكثر من 1.8 مليون قطعة من النفايات البلاستيكية، أن 56 شركة كانت مسؤولة عن أكثر من 50 % من النفايات البلاستيكية ذات العلامات التجارية على مستوى العالم.

 

إلى جانب ذلك، وللحصول على البيانات، أجرى الآلاف من المتطوعين حول العالم “عمليات تدقيق” في أماكن الانتشار العشوائي للبلاستيك، ولهذا قاموا بتمشيط الشواطئ والحدائق والأنهار وغيرها من المواقع بحثًا عن النفايات البلاستيكية، كما عمد المتطوعون إلى فحص كل قطعة من النفايات، وسجلوها في العلامات التجارية التي تنتمي إليها.

 

ليس هذا فحسب، فقد نظمت مجموعة “التحرر من البلاستيك”، 1576 عملية تدقيق بين عامي 2018 و2022. أما النتيجة التي توصلت إليها الدراسة فكانت صادمة، إذ أظهرت الدراسة أن العلامات التجارية الخمس الأولى على مستوى العالم (المساهمة بالتلوث البلاستيكي هي شركة كوكاكولا (11٪)، وبيبسيكو (5٪)، ونستله (3٪)، ودانون (3٪)، وألتريا (2٪) (ودائمًا الكلام على ذمّة دراسة مجلة Science Advances في 24 نيسان الجاري) 
 

 أكثر من ذلك، توضح الدراسة، أنه من بين أكثر من 1.8 مليون قطعة من البلاستيك التي شملها الاستطلاع، كان هناك ما يقرب من 910.000 قطعة تحمل علامات تجارية مرئية (يمكن أن تفقد المواد البلاستيكية علاماتها التجارية من خلال التعرض لأشعة الشمس والطقس).

 

وتعقيبًا على ذلك، أكد الباحثون أن النتائج تكشف عن ضخامة مشكلة التلوث البلاستيكي على كوكب الأرض، وهذا برأيهم جهد هائل يتعين علينا القيام به”. وفي السياق ذاته، أقرّ وين كوجر، مدير الأبحاث في معهد مور لأبحاث التلوث البلاستيكي، والمؤلف الرئيسي للدراسة أنه “لا توجد حلول سهلة”.

 

وماذا عن ردّ الشركات؟

 

في الواقع لم تتأخر الشركات المنتجة للبلاستيك في إزالة الالتباس حول مسؤوليتها عن انتشار البلاستيك، إذ أعلن متحدّث باسم شركة Coca-Cola أن استراتيجية الشركة هي “عالم بلا نفايات”، مشيرًا في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة الواشنطن بوست، أن هذه السياسة تهدف إلى “جعل 100٪ من عبواتنا قابلة لإعادة التدوير على مستوى العالم بحلول عام 2025، واستخدام ما لا يقل عن 50٪ من المواد المعاد تدويرها في عبواتنا بحلول عام 2030. 

 

وأضافت ” نحن نعلم أنه يجب القيام بالمزيد ولا يمكننا تحقيق أهدافنا بمفردنا”.

 

من جهتها أكدت شركة نستله للصحيفة ذاتها، أن “الشركة تسعى إلى تقليل استخدامها للبلاستيك الجديد بمقدار الثلث ودمج المزيد من المحتوى المعاد تدويره في عبواتها، وبالمثل أوضحت شركة PepsiCo في بيان للصحيفة أيضًا، “أنها تدعو إلى إطار سياسة عالمي لمعالجة التلوث البلاستيكي وتعمل على بناء اقتصاد دائري يتم فيه إعادة استخدام البلاستيك.

 

وفيما راجعت شركة ألتريا الدراسة وشككت بصحتها، قال دافين أندرسون، المتحدث باسمها، “تتضمن الدراسة بيانات من أكثر من 80 دولة، ومع ذلك فإن شركة السجائر التابعة لشركة “ألتريا فيليب موريس الأمريكية “، تعمل فقط في الولايات المتحدة، لكن مدير معهد مور لأبحاث التلوث البلاستيكي كوجر، رد على أندرسون، قائلًا: فكرة أن المنتجات التي أنشأتها شركة في بلد معين تبقى فقط داخل البلدان التي تصنعها، غير منطقية”. 

 

أما شركة دانون، فلم تستجب لطلب التعليق.
 

وهل من حلول لمشكلة البلاستيك؟

 

بالنسبة للباحثين، فإن هذا الاكتشاف يعني أن إعادة التدوير وإدارة النفايات وحدها لا تكفي لحل مشكلة البلاستيك، ولهذا قال نيل تانغري، مدير العلوم والسياسات في التحالف العالمي لبدائل المحارق ومؤلف آخر للدراسة، العديد من هذه الشركات لديها بالفعل برامج لاستعادة نفاياتها من البيئة أو منعها من أن ينتهي بها المطاف في الأنهار والمحيطات..وما نراه هو أن هذه ليست فعّالة حقًّا”.

 

 من هنا، وفي خطوة تهدف إلى الحدّ من الآثار الكارثية لهذه الصناعة، اجتمع قادة ومفاوضون عالميون في أوتاوا الأسبوع الماضي للتوصل إلى معاهدة عالمية بشأن البلاستيك، حيث تبحث العديد من الجماعات البيئية والدول، عن اتفاق يتضمن خفض كمية إنتاج البلاستيك، وهو هدف قاومه المفاوضون الأمريكيون.

 

بموازاة ذلك، يرى المصنعون والشركات المنتجة أن “البلاستيك الدائري” وإعادة التدوير المتقدمة وإدارة النفايات يمكن أن تحل المشكلة دون حدود الإنتاج.

 

في المحصّلة، وسط هذا الجدل القائم في العالم حول البلاستيك ومخاطره على البيئة، يسارع العلماء إلى فهم عواقب قطع البلاستيك الصغيرة التي يتحلّل بعضها إلى جسيمات بلاستيكية صغيرة أو جسيمات بلاستيكية نانوية تطفو في الهواء وتدخل إلى رئتي الإنسان ودمه وأعضائه.

 

ولهذا ويقول العلماء أنه بدون فرض قيود على الإنتاج، سيستمر البلاستيك في التراكم في البيئة وفي أجسام البشر.

د. علي دربج –  الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى