القرى السبع اللبنانية وشيخ جغرافيي البرازيل!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
في المرحلة الدراسية الثانوية في البرازيل، يتضمن المنهج الدراسي في الجغرافيا مادة جغرافيا البرازيل، والتي تعطي الطلاب المعلومات الأساسية عن تضاريس بلاد السامبا وطبيعتها وغطائها النباتي ومدنها وريفها وتوزيع سكانها. ولا أزال أذكر أبرز الأسماء من أساطين هذه المادة، وهو الأستاذ الكبير عزيز أبو صابر. كانت دراسات الأستاذ عزيز أبو صابر عن الغطاء النباتي وعن تضاريس البرازيل فيها اجتهادات وابتكارات لمفاهيم أبدع هو في صياغتها وفي تثبيتها كمدخل لفهم ومعالجة الجغرافيا البرازيلية.
تمضي السنوات سنة بعد سنة، لأكتشف بمحض الصدفة أن استنتاجي الباهر عن أصل وفصل شيخ جغرافيي البرازيل كان استنتاجا خنفشاريا بريئا من الواقع براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام.
وقد كنت أظن أن البروفسور عزيز أبو صابر هو من أصل مغاربي رغم ندرة المهاجرين المغاربة في البرازيل. وذلك عائد إلى طريقة كتابة اسم شهرته رسميا في البرازيل، بحيث تلفظ أب صابر، بتسكين الباء، وليس أبو صابر، بضم الباء بحرف العلة الواو، وخمنت أن ذلك قد يكون بسبب من تأثير إحدى اللهجات المغاربية على اللفظ وتسجيل الاسم في الوثائق البرازيلية. لست أدري كيف وصلت إلى هذا الاستنتاج الباهر، لكن كانت عندي هذه القناعة راسخة لسنوات وسنوات. وما كنت لأمر مرور الكرام على اسم البروفسور عزيز أبو صابر، أولا لاسمه العربي، وثانيا بسبب بروزه في ميدان جغرافيا البرازيل، وهو الميدان الذي عشقته لأجل عشقي لطبيعة البرازيل الخلابة.
وتمضي السنوات سنة بعد سنة، لأكتشف بمحض الصدفة أن استنتاجي الباهر عن أصل وفصل شيخ جغرافيي البرازيل كان استنتاجا خنفشاريا بريئا من الواقع براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام. فوقع بين يدي نص يتناول قصص الناجحين من المهاجرين اللبنانيين والسوريين في البرازيل، جريا على عادة القوم هنا في أن يقرنوا المهاجرين السوريين بإخوانهم اللبنانيين والعكس، وهو قران له ما يدعمه في التاريخ والجغرافيا والهوية. وكان اسم البروفسور الكبير عزيز أبو صابر بين هذه الأسماء كابن مهاجر لبناني.
وتستمر السنوات في مضيها، فأتخرج في كلية الطب في اختصاص علم الأمراض، ومن ثم أشرع بممارسة مهنة الطب في هذا الاختصاص الجميل. فأقرأ في بعض مقالات الطب وفي بعض التقارير الطبية عن اسم أحد زملاء مهنتي الذي يحمل اسم شهرة أبو صابر. فوصلت إلى استنتاج يقوده حدسي إلى أن هذا الزميل الذي يحمل اسم الاسكندر المقدوني بصيغته البرتغالية (أي أليشاندري) إنما هو نجل البروفسور الشهير
ولدت في عز الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يوم صيفي من أيام تموز من عام ١٩٨٢ الذي شهد سقوط بيروت أمام القوات الصهيونية الغازية، وكانت العاصمة العربية الأولى التي يحتلها الكيان المحتل.
وكان أن حملتني صدف الحياة إلى اكتشاف مفاده أن استنتاجي الباهر هذه المرة كان صحيحا وأن حدسي قد قادني إلى الصواب. فالدكتور أليشاندري أبو صابر، وهو الآن زميلي في نفس مكان العمل، أخبرني أنه نجل البروفسور عزيز أبو صابر. وقد علمت هذا الأمر بعد سؤالي المباشر وبلا مقدمات: هل أنت ابن البروفسور عزيز أبو صابر؟ فكم كانت سعادتي كبيرة عندما صدق حدسي هذه المرة.
أخبرني هذا الزميل أن جده هاجر قبل النكبة إلى البرازيل، وأن مسقط رأسهم يقع في جنوب لبنان. لم يستطع تذكر اسم القرية التي تعود إليها أصول عائلتهم ولكنه أكد لي أنها إحدى القرى السبع التي اغتصبها الكيان الصهيوني من لبنان وضمها الى حدود كيانه المسخ. أخبرني أن والده البروفسور الكبير قد زار لبنان ذات مرة، لكنه لم يتمكن من زيارة قريتهم لوقوعها حينذاك كما اليوم داخل حدود الكيان الصهيوني. وهنا تذكرت ورويت له ولزميل آخر في إحدى حواراتنا التي تلت اللقاء الأول أن مساحة لبنان الرسمية هي ١٠٤٥٢ كيلومتر مربع، لكنها فعليا ١٠٤٠٠ كيلومتر مربع إذا ما حذفنا ٥٢ كيلومترا مربعا هي مساحة القرى السبع المغتصبة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإلى الله ترجع الأمور.
عزيز أبو صابر خبيراً بيئياً ذو أصول عربية وأحد العلماء الذي له صيته واحترامه في البرازيل