موروثات مستقرضات شباط وآذار .. مني ثلاثة ومنك أربعة ومن بعدنا الشتا مودعة
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يستحضر المزارعون والرعاة خصوصا، عند الربع الأخير من شهر شباط، محكية” المستقرضات” التي يقترض فيها شهر شباط، من إبن عمه آذار، أربعة أيام، لتوديع فصل الشتاء، بقوله “يا إبن عمي يا آذار مني ثلاثة ومنك أربعة والشتاء من بعدنا مودعة”.
هذا الموروث الشعبي المتداول، يصدق في كثير من الحالات، حتى أنه معتقد، لدى الكثير من المزارعين، الذين يبنون مستقبل زرعهم وتخمير الأرض بالمياه، خلال تلك الايام السبعة، وما يسبقها وما يليها.تتعدد سرديات هذه الحكاية، من بيئة إلى أخرى في المجتمعات المحلية فتسمى «مستقرضات الموارنة»
تتعدد سرديات هذه الحكاية، من بيئة إلى أخرى، في المجتمعات المحلية، فتسمى «مستقرضات الموارنة» أي العديات التي تتبع التقويم الغربي، وهي تبدأ من آخر ثلاثة أيام من شباط (26-27-28 شباط) وأول 4 أيام من آذار (1-2-3-4 آذار) وفق الأسطورة التي تقول إن شباط المعروف بالبرد، استقرض أي استعار، من آذار أربعة أيام باردة، كي ينتقم من إحدى العجائز التي تكلمت بالسوء على عن شهر شباط.
وتقول القصة، وفق ما هو موروث، أن عجوز لديها ستة أغنام، خرجت ترعى بها في أحد الأودية خلال الأيام الأخيرة، من شهر شباط، ولم تهطل خلالها الأمطار وكان الجو صافياً ودافئاً وبدأت تردد “فات شباط الخباط وما أخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره ب”المخباط”، والمخباط هو عبارة عن قطعة خشبية كان القدماء يستخدمونها لتنظيق الصوف”.
وتدعي هذه القصة المتوارثة، أن شهر شباط غضب من كلمات هذه العجوز وشعر بالإهانة، وذهب لأخيه شهر آذار مستنجدا به من العجوز فقال “يا أبن عمي يا آذار ثلاثتك مع أربعي نخلي العجوز بالسيل تقرعي”، وتفسير هذه العبارة ان شباط طلب من شهر آذار 3 أيام يجمعها مع 4 أيام منه تهطل خلالها الأمطار بغزارة ويزداد البرد، مما يؤدي الى أن تسيل الأودية وتجرف العجوز وأغنامها.
فالأمثلة الشعبية التي يرددها الفلاحون، سواء في الجنوب او غيره من المناطق اللبنانية والعربية، عن محكية شباط وآذار، تصيب في غالب الأحيان، بعدما اختبروها في تجاربهم ومواسمهم. وهي تحمل في جوانب منها بعض الفوارق عن أمثال آذار. ومن هذه الأمثال: «خلي الجمرات الكبار لآذار»، و«إن أقبلت آذار وراها وإن أمحلت آذار وراها»، ما يدل على تعلق المزارعين بأمطار آذار التي تشكل المخزون الحقيقي للأرض من المياه، وتكون تالياً خميرة لموسم الربيع والصيف.بآذار ضهر بقراتك من الدار» حيث يطمئن الفلاحون إلى بدء دفء الطقس من جهة ويناع المراعي من جهة أخرى
وبالرغم من هذين المثلين هناك مثل آخر لا يشبههما ويقول: «بآذار ضهر بقراتك من الدار»، حيث يطمئن الفلاحون إلى بدء دفء الطقس من جهة ويناع المراعي من جهة أخرى. وعشرات الامثال الاخرى، منها بآذار الملاحة بتقص المسمار، وبآذار العجوز ما بتفارق النار .
يأخذ فواز البردان بهذا المثل، وقد خبره على مدى أكثر من أربعة عقود، فيخرج أبقاره في آذار إلى المراعي القليلة والمحدودة الملاصقة لأرصفة المشاة على المدخل الجنوبي لمدينة صور، بعدما يعاكس قطيعه السيارات العابرة على الشارع الرئيسي.نحن دائما نعول على مطر شهر آذار الذي لا يخيب آمال المزارعين في اغلب الاحيان
ولفت البردان ل”جنوبية”: “كل الامثلة بحق آذار وغيره من أشهر السنة دقيقة إلى حد كبير بالرغم من تباينها وتباعدها إذ تجمع البرد القارس والدفء والشمس الساطعة”.
وقال”: نحن دائما نعول على مطر شهر آذار الذي لا يخيب آمال المزارعين في اغلب الاحيان، ففي بعض السنوات كانت تأتي «العيانة» وتعني استمرار الشتاء لايام متواصلة كانت تمنع المزارعين والرعاة وحتى الناس من الخروج من منازلهم”.
المصدر: حسين سعد – جنوبية