سليم مهنا: تعرفة الكهرباء الباهضة عبء إضافي يفاقم أزمة الصناعة الوطنية

خاص صدى وادي التيم-رأي حر بأقلامكم/

أرقام هائلة حملتها فواتير مؤسسة كهرباء لبنان تجاوزت كل التوقعات وشكلت صدمة كبيرة للصناعيين الذين أذهلهم مدى استعداد السلطة للتخلي عن مسؤوليتها تجاه هذا القطاع الإنتاجي، الذي ينبغي البحث عن وسائل دعمه وليس عن طرائق هدمه.

تعتبر تعرفة الكهرباء الجديدة من بين التعرفات الأعلى عالميا، لا بل هي الأعلى اذا ما قورنت بمستوى الدخل بين لبنان وغيره من الدول المتقدمة. وفيما تتنافس جميع الدول لتقديم أفضل التسهيلات لصناعاتها المحلية لتمكينها من الصمود في وجه المنافسة الأجنبية وفتح الأسواق الخارجية أمامها، تأتي قرارات الدولة اللبنانية لتخيب آمال الصناعيين، ولتزيد من معاناتهم في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة.

فبدل تقديم الدعم للصناعة الوطنية وتخفيف وطأة الأزمات المتلاحقة التي تواجهها منذ سنوات طويلة، جرى زيادة التعرفة الكهربائية وإلغاء الإمتياز الممنوح للصناعة والذي كان بمثابة دعم غير مباشر للمصانع، بدءا من سعر الكيلو وات الذي أرتفع من سبع سنتات قبل الأزمة إلى ستة وعشرين سنتا، مرورا بإلغاء سياسة التسعير وفقا لأوقات الاستهلاك (نهار، ليل، ذروة)، وصولا إلى إضافة زيادة بقيمة 20% عن سعر صرف الدولار، هذا فضلا عن ضريبة القيمة المضافة على إجمالي الفاتورة.

لقد استبدلت الدولة سياسة دعم وحماية القطاع الصناعي بزيادة خيالية على أكلاف الإنتاج، ستؤدي حتما إلى إضعاف مناعته التنافسية أمام البضائع المستوردة، وتحرمه من فرص النمو والتصدير، والإسهام في تعزيز السيولة المحلية من العملات الأجنبية، هذا فضلا عن إمكانية توقف العديد من المصانع وإقفالها نهائيا، او خروجها إلى حيث تتمتع بالتسهيلات والحماية المناسبة، وبالطبع التأثير المباشر على استقطاب الاستثمارات الجديدة في القطاع الصناعي.

وعلى الرغم من المناشدات الداعية لمراجعة الفواتير الظالمة وتخفيض قيمها حماية لمؤسسات الإنتاج الوطني ومنعا لسقوطها الحتمي، وإسهاما في الحد من هجرة الشباب وتسرب اليد العاملة الماهرة، لم تقر السلطة بالخطأ الفادح الذي نتج عن سياسة تسعير الكهرباء العشوائية التي كان ينبغي ان تبنى على دراسة حقيقية لآثارها السلبية على القطاع الصناعي، ولكي تكون عاملا مساعدا في نهوضه وتطوره لا عامل هدم وتراجع.

وفي هذا الإطار تنادى أصحاب المؤسسات والمصالح المتضررة إلى تشكيل لجنة لمتابعة أزمة غلاء أسعار الكهرباء، حيث قامت بمراجعة المسؤولين وتوصلت إلى تحقيق بعض المطالب التي لم تكن كافية وذات جدوى حقيقية في تخفيف أعباء التعرفة الباهضة، خصوصاً تعرفة الكهرباء للمحطات المتوسطة التي تزود المعامل بالكهرباء، حيث تصر اللجنة على استكمال تحقيق مطالبها التالية:

1. تخفيض سعر الكيلو وات إلى 15 سنتا، واعتماد تعرفة مخفضة خاصة بالصناعيين أسوة بجميع دول العالم .

2. الغاء تعرفة “الطاقة العكسية” المفروضة على المحطات الخاصة والتي تصل إلى ما بين 10 الى 20% من قيمة الفاتورة الإجمالية.

3. إلغاء تعرفة “هدر المحول”.

4. جدولة الفواتير الصناعية تصاعدياً على أساس الشطور، لأجل حماية المهن والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .

5. إعادة نظام الاحتساب على أساس توقيت “ليل، نهار، ذروة”.

6. الغاء الإضافة المفروضة على سعر صيرفة بقيمة 20 % اعتبارا من 1/1/2023 وليس من 1/5/2023 كما جاء في قرار اللجنة الوزارية المكلفة شؤون الكهرباء.

7. تفعيل الجباية وزيادة ساعات التغذية والإعلان عن برنامج التقنين المعتمد بشكل واضح.

8 . مكافحة الهدر على الشبكة وعدم تحميل تكاليفه الى المشتركين النظاميين الملتزمين بالدفع.

9. السعي لألغاء ضريبة القيمة المضافة على فواتير المؤسسات الصناعية.

بين عدم قدرة وامتناع غالبية الصناعيين عن الدفع، وتلكؤ المسؤولين عن المعالجة الجدية، تزداد المشكلة صعوبة مع تراكم الفواتير غير المدفوعة وتهديد المؤسسة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتنضم بذلك أزمة أسعار الكهرباء إلى لائحة الأزمات المتلاحقة التي تواجهها المصانع في ظل غياب شبه تام للمرجعية المسؤولة التي ينبغي أن تنظر إلى هموم قطاعات الإنتاج وتبادر إلى التخفيف من حدتها، لكننا وللأسف اعتدنا ان يكون العكس هو السائد في معالجة مختلف المسائل الحيوية، لا سيما تلك المتعلقة بلقمة عيش الناس وصمودهم.

سليم مهنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى