لبنان ساحة مباحة للجمعيات.. والحاجة ماسة لردعها… بقلم مفيد سرحال

صدى وادي التيم-راي حر باقلامكم/

لبنان ساحة مباحة ومتاحة لكل ألوان الطيف (الانجيئوزي) المستنبت كالفطر المسموم في مسامات جلدنا، يرشح وهمًا ويمتص حاجته القصوى من أمننا وعناصر يفترض أنها جزئيات تراكمية في منظومة مناعتنا المجتمعية الرادعة الدافعة للخبائث والدسائس.

المؤسف أن البلد مكشوف وعارٍ أمام الجمعيات الفالتة من كلّ عقال، السارحة في واحة سائبة تحت لافتات تنموية في مناطق الأطراف والريف التي هُشِّمت وهُمِّشَت من الدولة المنهوبة وتركت لقمة سائغة لجمعيات ومؤسسات دولية تصطاد فيها كالصقور الجارحة على وجع الناس واحتياجاتهم من آبار مياه وحيطان دعم ومحطات كهرباء وإنارة عبر الطاقة الشمسية ودورات تعليم لغات والتدريب على ممارسة الديمقراطية وسبل تشكيل رأي عام حول فكرة محددة و”تذهين المجتمع” وفق الرؤى الغربية البعيدة عن منظومة القيم والأفكار السائدة واستنساخ النموذج الغربي في العديد من القضايا البراقة الجاذبة.

مكمن الخطر يتبدى في آليات العمل المتّبعة، بحيث ظاهريًا وعلى وجه الخصوص، الوكالة الأميركية للتنمية USAID تتوسل حاجيات القرى والبلدات ساترًا لحركتها وتعتمد توصيف وتصنيف البيئات المستهدفة بنشاطها لجهة النفور النابذ أو المقبولية المستقطبة.

أما المناطق التي تعتبر بيئة حاضنة للمقاومة فإن تكتيكًا مختلفًا ومسارًا خاصًا واحاطة دقيقة للمقاربة يُعتمد فيها، بحيث تنأى الوكالة عن البيئة الصافية للمقاومة وتستعيض عن الحضور المباشر بالطليان والالمان السويسريين والاسبان والهولنديين، واذا كان هناك ملف حيوي يقتضي التظلل والحذر، فإن الأنشطة لهذه الدول تقف على حافة قرى وبلدات البيئة الحاضنة للمقاومة دون أن تلج عمقها، علمًا أنها بنظر الناس والهيئات المحلية لا تثير الريبة، فتبتدع أفكارًا عند تلك الحافة اللصيقة مثل أنشطة زراعية، تقليم الأشجار، أقنية الري وسبل استخدام الأدوية الزراعية والطرق العصرية لزراعة الأشجار المثمرة… والأمثلة كثيرة في أكثر من منطقة لا سيما على طول الحدود الشمالية لجنوب لبنان والبقاع والحدود اللبنانية السورية.

أما غير المعلن لترجمة الأنشطة التنموية إلى واقع فيخضع لشرطين أساسيين: أولًا توظيف 30 بالمئة من الجهد البشري من الاخوة النازحين السوريين.

ثانيًا: اعداد الهيئة المحلية أو الجمعية المحلية استمارة تشمل كلّ الوحدات السكانية وتختزن كمًا نوعًا من الأسئلة في الاستبيان ما لا علاقة له بالمشروع المزمع انشاؤه. على سبيل المثال: التعليم، الشخصيات البارزة، الهجرة، الانتماء السياسي، الميول الدينية، النظرة للغرب. وتحاذر الاستمارة السؤال عن الموقف من (“اسرائيل” أو المقاومة) وتترك الاستنتاجات في هذا المضمار لطبيعة الأجوبة من المستنطق كونها تكشف الأهواء والميول وطرائق التفكير ما يستدل بشكل تلقائي أن الاستمارات المعتمدة سَبرٌ أمني احترافي للبيئات المجتمعية المستهدفة.

وعلى هامش هذه الأنشطة، تنجلي صورة بعض الاستهدافات حيث تبدع الجهات المانحة في ابتكار الأفكار التمويهية التي تفضح المقاصد على سبيل المثال: التشجيع على اقامة البرك الاصطناعية لتجميع المياه خاصة في المناطق القريبة من منابع الحاصباني، والمؤدّية إلى الوزاني، ما يحول دون حفر آبار ارتوازية قد تؤثر على تدفق المياه جنوبًا وعلى مخزون الأحواض الجوفية.

واللافت أن إحدى شركات المياه المعدنية العالمية (المشكوك بمالكيها) سعت لتملك أراض في محيط جبل الشيخ على طول الخط بين مرجعيون ووادي عنجر وشرقًا باتجاه الهضاب الغربية لجبل حرمون الذي سماه بن غوريون (ابو المياه) ومخزونه مليار متر مكعب (ودونه لا يستطيع ان يعيش الكيان).

هذا جانب من أنشطة الجمعيات والمؤسسات الدولية التي يفترض التعاطي معها بحذر أمني شديد على قاعدة (خذوا ما في جيوبهم ودعوا ما في عقولهم). لأنها باب من أبواب الاستعلام تحرص الدول المانحة على تطويره وتوسعة دائرة استهدافاته. والمستهجن كيف لدول مثل دول الغرب الجماعي تغطي جرائم العدوّ الصهيوني في غزّة، وتستميت لتقديم كلّ وسائل الدعم لاستنقاذه من ورطته وهي جراء ذلك شريكة في جرائم الإبادة للشعب الفلسطيني، فالذئب الوالغ بدم الأطفال هناك كيف استحال نعجة وفاعل خير عندنا؟!

ويجب ألا ننسى التحويلات المالية من مؤسسات دولية لآلاف الشابات والشبان اللبنانيين العاطلين عن العمل تصلهم شهريًا تحت عنوان عائلات فقيرة وسوى ذلك من العناوين الاجتماعية؟ إنه خبز الصدقة الذي كلما أحيانا أماتنا. ناهيك عن الشركات التي تتواصل بطرق قانونية مع مكاتب في لبنان تحت عنوان (بروجيه لمشروع انشائي) فإذا بطالب العمل يتحول إلى(مصوراتي) لأبنية محددة وبدائرة 360 درجة في مناطق محددة.

مما لا شك فيه أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تتابع هذه الأنشطة وتبذل قصارى جهدها لضبط الأعمال العرضية الغبية عن غير قصد وتفرزها عن تلك المقصودة بكامل الوعي والإرادة لتحصين الأمن القوميّ.

اننا إزاء حرب مفتوحة مع العدوّ الصهيوني سواء المواجهة المباشرة عند حافة فلسطين المحتلّة حيث تقدم المقاومة الإسلاميّة خيرة رجالها ذودًا عن السيادة الوطنية وردعًا فاعلًا واستنزافًا ناجعًا لجيش الاحتلال الصهيوني، أو تلك الأمنية الاستخباراتية وأحد تجلياتها الاغتيال جراء العجز في الميدان حيث توازن الردع قائم وفعال ونشط، نتلمّس الحاجة الى توازن ردع خاص وحيوي في مجال آخر قدمنا الاحاطة اللازمة له بطريقتين الأولى الحذر من طحشة الأجانب وهذا الحنو الخادع على شعبنا الذي جرى تجويعه وحصاره من قبل أميركا وأعوانها وتراها تتوسل الشفقة والنفقة على مشاريع محلية لأغراض محض أمنية استقصائية استعلامية استخبارية.

والطريقة الثانية الردعية في هذا المجال انشاء وكالة تنمية لتسمى وكالة التنمية الإيرانية أو وكالة تنمية المحور المقاوم لكبح وصد وتقليص نفوذ تلك المؤسسات التي تلبس قناع الإنسانية وتراها تذبح الإنسانية في آن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!