انفجار المعركة بين ورثة الحريري في قوى الامن الداخلي

صدى وادي التيم-لبنانيات/

التركة الكبيرة للرئيس سعد الحريري في إدارات الدولة تحوّلت حلبة لمعارك بين المقربين منه والمحسوبين على تيار المستقبل. الاعتكاف عن السياسة الذي فرضه الحريري على نفسه وعلى تياره، لم ينعكس على المؤسسات العامة التي يسيطر عليها التيار، والتي تعدّ آخر مناطق نفوذه بعد فشل كل المشاريع الخدماتية الخاصة.وإلى محاولات سياسيين ونواب وأحزاب معارضة للحريري تناتش مؤيديه، تبقى المشكلة الكبيرة في المعارك المكتومة داخل الفريق السياسي والامني والقضائي المحسوب تقليدياً على تيار المستقبل وزعيمه. وفيما كان معلوماً أن خلافات كبيرة تدور بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ورئيس فرع المعلومات العميد خالد حمود، انفجر الخلاف إلى العلن بعد الدور الذي لعبه فرع المعلومات في الكشف عن ملف فساد كبير في وزارة التربية، ما أدّى إلى توقيف الموظفة في وزارة التربية أمل شعبان المحسوبة على التيار (أُخلي سبيلها بكفالة مالية أمس). وتردد أن الفرع لم يستجب لطلبات مساعدين للحريري بإقفال الملف، ما أدى الى تدخل عثمان طالباً من الفرع إقفال الملف من دون إشارة قضائية في مخالفة فاضحة لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية.

بيد أن المشكلة تتجاوز ملف شعبان، في ظل اتهامات مقربين من الحريري للعميد حمود باستغلال اعتكاف رئيس الحكومة السابق، ليبني لنفسه مساحة نفوذ خاصة، مستغلا موقعه في رئاسة فرع المعلومات، اكثر الاجهزة الامنية الرسمية فعالية، وموسّعاً علاقاته مع عواصم عربية واقليمية ودولية، اضافة الى توثيق علاقاته الداخلية، سواء مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي او مع القوى النافذة في الدولة، لا سيما الرئيس نبيه بري وحزب الله.

أول تداعيات الانفجار سُجّل أمس، من خلال مذكرة تشكيلات لضباط المديرية أصدرها عثمان، تضمّنت تغييرات اساسية في فرع المعلومات، من دون العودة الى حمود او حتى سؤاله بحسب ما هو متعارف عليه. وعكست التشكيلات أيضاً حسابات سياسية ووظيفية وكيدية، ووصفت بأنها «تنكيل بفرع المعلومات».

أبرز ضحايا التشكيلات وأكثرهم كفاءة رئيس فرع التحقيق في الفرع العميد دوري نكد الذي نقله عثمان تأديبياً وعيّنه مساعداً لقائد منطقة لبنان الجنوبي، وهو منصب يعدّ هامشياً بعدما كان يرأس أحد أهم الأفرع في المديرية على الإطلاق. ورغم أنّ نكد يرأس فرع التحقيق منذ كان عثمان نفسه رئيساً للشعبة منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أن نقمة المدير العام عليه كبيرة، كونه مسؤولاً عن التحقيقات في عدد من ملفات الفساد (من بينها ملفات الدوائر العقارية ومصلحة السير والآليات – النافعة ووزارة التربية) التي أُوقف فيها حلفاء للمستقبل، بدءاً برئيسة مصلحة النافعة هدى سلوم (قريبة النائب السابق هادي حبيش) وصولاً إلى شعبان ابنة شقيق جورج شعبان مدير مكتب رفيق وسعد الحريري في موسكو. واللافت أن عثمان أبقى منصب رئيس فرع التحقيق في «المعلومات» شاغراً من دون أن يعيّن أحداً مكانه.

كذلك عمد عثمان الى فصل أربعة من أكفأ ضباط فرع التحقيق في «المعلومات» (الرائد محمد حيدر احمد، النقيب كريستيان بو نافع، النقيب انطوني سعيد والنقيب محمود ضاهر) إلى فوج السيار المركزي، ما يعدّ إفراغاً للفرع من الضباط الأكفأ، وتدخّلاً غير مسبوق من المدير العام في عمل الفرع الذي يتمتع رئيسه منذ إنشائه باستقلالية تتيح له وحده اختيار فريق عمله.

في مقابل التنكيل، وزّع عثمان مكرمات ورشى. فعيّن شقيق النائب أديب عبدالمسيح العميد نديم عبدالمسيح قائداً لمنطقة البقاع الإقليمية، وعيّن المقدم أيمن مشموشي من سرية الحرس الحكومي رئيساً لمكتب مكافحة المخدرات المركزي، علماً أن مشموشي كان يتولى رئاسة مكتب وزير الداخلية بسام مولوي قبل أن يعزله الأخير متهماً إياه بالتجسس عليه لمصلحة عثمان، فيما نُقل العميد بشار الخطيب الذي كان يرأس مكتب المخدرات إلى مركز مساعد ثان لرئيس الادارة المركزية.

التشكيلات سبقتها مع شائعات أطلقها ضباط مقربون من المدير العام مفادها أنّها ستطيح بالعميد حمود، على خلفية حملة يشنّها نوّاب سنّة ضده لفتحه ملفات يرون أنها تضرّ بتيار المستقبل، فيما هي في الواقع تضرّ بمصالحهم كأشخاص. عملياً، ما فعله عثمان أمس هو دق المسمار الأول في نعش الاستثمار الوحيد الناجح لتيار المستقبل منذ وصوله إلى السلطة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!