أيّ قمح نأكل؟

صدى وادي التيم-لبنانيات/

في السابع من آب الجاري، أعلنت وزارة الزراعة عن موافقة رئاسة مجلس الوزراء على شراء القمح المُنتَج محلّياً – ويشمل القمح الصلب والطري والشعير – من المزارعين اللبنانيين بكميّة تبلغ حوالى 40 ألف طن، وذلك من قِبَل المطاحن المحلية. وهو، في الواقع، قرار طال انتظاره في ظل تعطّش لاهتمام أوسع بالقطاع الزراعي على وقع الأزمات المركّبة التي يعيشها البلد. عن القرار وشؤون زراعية أخرى تحدّث وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور عباس الحاج حسن، إلى “نداء الوطن” التي التقته في مكتبه.

ندخل اللقاء على قاعدة أن ثمة أملاً بأن تشكّل الأزمات الداخلية وارتدادات تلك الخارجية مدماكاً لنهضة زراعية حقيقية ترفع من نسبة الإنتاج المحلّي وتُخفّف من أعباء ومخاطر وصفقات الاستيراد من الخارج. فكيف سيجري التطبيق على أرض الواقع؟ وما أبرز التحدّيات التي تعمل وزارة الزراعة على تذليلها، من دعم للإنتاج الزراعي والحيواني المحلّي ومعالجة تلوّث المياه من جهة، وتوسيعاً لآفاق أسواق الاستيراد والتصدير لا سيّما مع التعثّر الحاصل على جبهة أسواق دول الخليج؟

أي قمح نأكل؟

البداية لا بدّ أن تكون مع الملف اللغز. نحاول مجدّداً معرفة ما حلّ بالباخرة المحمّلة بالقمح الأوكراني غير المطابق للمواصفات، والتي ملأت أخبارها، منذ أشهر عدّة، النشرات والتقارير الإخبارية دون نتائج قاطعة حول مصيرها. يشير الحاج حسن، صاحب الخلفية الصحافية و»المتحزّب للإعلام» كما يحبّ أن يصف نفسه، إلى أن وزارة الزراعة قامت بواجبها كاملاً في ما خصّ الفحوصات المخبرية. وبما أن مسؤولية الوزارة تقف عند هذا الحدّ لتبدأ بعدها المسؤولية الجزائية، تساءل: «هل يقوم المسؤولون كافة عن هذا الملف بعملهم؟ طبعاً يجب أن يكون هناك توضيح أمام الرأي العام، وعلى القضاء أن يُسأل إذا عوقب من عوقب أو جُرّم من جُرّم». وإذ يؤكّد الحاج حسن تغريم صاحب الشحنة الأخيرة التي ثَبُت وجود شوائب فيها وأعيدت إلى مصدرها، نستفسر منه والحال كذلك عن مصدر القمح في السوق اللبنانية: «المشكلة هي في انفجار أو تفجير مرفأ بيروت الذي فاقم الأزمة. فعدم وجود الأهراءات فرض علينا طلب العديد من الشحنات وإرسالها إلى المطاحن مباشرة»، كما يقول.

مستودعات وزارة الاقتصاد ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية متوفّرة لكن لا يتمّ استخدامها في عمليات التخزين. السبب في ذلك هو ارتفاع تكاليف النقل من المرفأ إلى المستودعات ومن ثم إلى المطاحن المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية، كما يعلّل الحاج حسن مضيفاً: «سمعت كلاً من وزيري الاقتصاد والأشغال العامة والنقل يتكلّمان على بناء أهراءات أفقية في المناطق اللبنانية تكون على مقربة من المطاحن. على الصعيد الشخصي، أشجّع هذا الطرح حيث إن تكلفته زهيدة جداً ويمكن تخزين القمح فيها لمدّة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة. نحن من دعاة اللامركزية الإدارية، فكيف بالحريّ اللامركزية الاقتصادية؟».

منتوجات زراعية لبنانية:

بالمناسبة، نتطرّق هنا إلى التباين الذي ظهر إلى الإعلام أخيراً بينه وبين وزير الاقتصاد، أمين سلام، إذ أكّد الحاج حسن حُسن العلاقة الشخصية التي تربطهما، لكن «من واجبي الإشارة إلى أي تقصير في العمل. كان على وزير الاقتصاد شراء القمح اللبناني منذ أكثر من شهرين وأتمنّى ألّا يصبح التأخير هو القاعدة».

الإنتاج اللبناني إلى الواجهة:

بالعودة إلى قرار شراء القمح من المزارع اللبناني، تمنّى الحاج حسن لو اتُّخذت تلك الخطوة منذ أربعين عاماً بعيداً عن الشوائب التي شابتها في ما مضى من محاصصة ومحسوبيات. ترف الوقت لم يعد متاحاً وليس مسموحاً لأحد أن يخطئ على مستوى الإدارة بعد الآن، فهل يكون مصير الخطوة النجاح؟ «يجب أن نؤسّس لكي يكون هناك قطاع منتج للقمح. الهدف من الخطة هو بثّ رسالة إيجابية بأننا سنشتري القمح من المزارع اللبناني، ولو متأخّرين. فنتيجة لذلك التأخير، هُرّب معظم القمح إلى سوريا والدنمارك وغيرها من البلدان. لذا، حتى لو قمنا بشراء الكمية القليلة المتبقية لهذا العام، فقد نمنح الثقة للمزارع اللبناني بأن الموسم المقبل الذي يبدأ بعد ثلاثة أشهر سيشهد على شراء محصوله»، على حدّ تعبير الحاج حسن.

قمح لبناني ببذور مؤصّلة من الخارج. فمن يضمن نجاح هذه البذور خاصة وأن البعض استعاد تجارب سابقة أثبتت أن القمح اللبناني يحتاج إلى بذور مؤصّلة في الداخل تراعي طبيعته الجغرافية ومناخه؟ يجيب الحاج حسن: «ثمة من يريد اللعب في هذه المسألة إن لأسباب نفسية أو لمصالح معيّنة. أتواصل مع الجهات الفرنسية المعنيّة بشكل يومي والأمور إيجابية جداً لأن ما سيعطيه الجانب الفرنسي من بذور للبنان هو وفقاً لشروطنا ومعاييرنا نحن. كما أنني سأقوم بطرح هذا الموضوع على لجنة أكاديمية علمية لبنانية وطنية كي تكون هي الأخرى شريكة لنا في الوزارة».

المصدر:كارين عبد النور “نداء الوطن”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى