عسل مزارع شبعا اللبنانية..المزارع يزّين المكان وسط تأكيد على “شبعاوية” المزارع وملكيتها
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يستوقفك قفير النحل عند بوابة المزارع وأنت تجول في بلدة شبعا الحدودية، تجد نفسك فجأة أمام شارات زرقاء ورايات لبنانية -عربية ولافتات تشير إلى مصنع لإنتاج “عسل مزارع شبعا “. وسط كل هذا الهدوء تتذوق أطيب المنتجات وأنت تتنقل بين الزهور البرية الندية وشيح جبل الشيخ فيتبادر السؤال “ماذا يوجد داخل مزارع شبعا؟ومن هم أصحابها الحقيقيون؟ وإلى متى ستبقى رهن تقاذف الرسائل؟
وضعت مزارع شبعا في دائرة الضوء مجدداً ،هي جزء مهم من أراضي بلدة شبعا التي تتربع بين أحضان جبل الشيخ. منطقة استراتيجية سياحية غنية بالمياه، ونظراً لأهميتها فإن إسرائيل لاتزال تحتفظ بها بعد انسحابها من لبنان بحجة انها أراض سورية وهي ضمتها الى الاراضي الفلسطينية المحتلة وهضبة الجولان .
مميزات خاصة
تمتاز مزارع بلدة شبعا بموقعها الجغرافي وبمزارعها الغنية بالمياه التي تتدفق نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة ، حيث أقام فيها الاحتلال مزارع ومراكز تزلج وتلفريك ومنتجعات سياحية صعودا باتجاه السفوح الشرقية من جبل حرمون (الشيخ)…
لمن تتبع مزارع شبعا؟ ومن هم مزارعيها؟
يسلط هذا التحقيق الضوء على هوية مزارع شبعا ومواردها وما تعنيه لأبناء شبعا خصوصاً (أصحاب ملكية الأرض ) وللبنان عموماً، كما يتطرق التحقيق إلى إصرار أبناء شبعا على رفع شعار انتاج العسل عند بوابة المزارع المعروفة ب “بركة النقار” في شبعا تحت شعار عسل مزارع شبعا ايمانا منهم بوفرة انتاج هذه المنطقة الحدودية وبالخيرات التي تكتنزها .
الموقع والمساحة
تقع مزارع شبعا المحتلة على الحدود بين لبنان والجزء المحتل من الجولان السوري، تتبع لمنطقة العرقوب وتحديداً لبلدة شبعا ، تمتاز بموقع جغرافي إستراتيجي فريد من نوعه باعتبارها حلقة وصل مع المستوطنات الإسرائيلية الشمالية والجولان المحتل .
تبلغ مساحتها حوالى 200 كلم2، وتمتد أراضيها من قمة الزلقة 2669م (أي ثاني أعلى قمة في جبل الشيخ) انحداراً إلى تل القاضي في سهل الحولة، ويبلغ معدل طولها من الشمال – الشرقي إلى الجنوب – الغربي 25 كلم، ومعدل عرضها 8 كلم من بلدة كفرشوبا شمالاً حتى بلدة جباتا الزيت السورية .
تمتاز بمزروعاتها الغنية وتشتهر بمعاصر الزيتون والدبس وزراعة الصبار وبآثارها التاريخية كالمغاور والآبار والنواويس وتعود ملكية هذه الأراضي الى عائلات عديد في بلدة شبعا.
14 قرية على شكل مزرعة
عدد هذه المزارع 14 مزرعة هي: مغر شبعا، زبدين، قفوة، رمتا، برختا التحتا، برختا الفوقا، مراح الملول، فشكول، خلة غزالة، رويسة القرن، جورة العقارب، بيت البراق، ضهر البيدر، الربعة ومشهد الطيروهذه الأخيرة وقف اسلامي تابع لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية .
ولدى هؤلاء المالكين صكوك تثبت ملكيتهم وكل مزرعة من هذه المزارع عبارة عن قرية صغيرة لها طابعها ومساكنها وأحراجها ومراعيها بإجماع أهالي شبعا.
شبعاوية الملكية
يقول النائب السابق في البرلمان اللبناني، والكاتب والمؤرخ إبن بلدة شبعا منيف الخطيب لـ”جسور” إن المزارع متقاربة من بعضها أحياناً أو متباعدة، لكن مشاعاتها متصلة ولا فاصل بينها. وليس هناك مالك أو مقيم في هذه المزارع من خارج شبعا. فهي شبعاوية الملكية وشبعاوية الانتماء.”
ويضيف” إذا كانت شبعا هي المصيف لأبناء البلدة ، والمشتى للقسم الآخر، فالمزارع على عكس ذلك، فهي المشتى لغالبية أبناء البلدة يقيمون فيها صيفاً وشتاء.”
يضيف الخطيب ” تشكّل المزارع وحدة جغرافية متماسكة تقع في قلب جبل الشيخ ، تحتل القسم الأكبر منه المتمثل بالسفوح الجنوبية الغربية لهذا الجبل. وامتداد شبعا مع ممتلكاتها ومزارعها امتداد كبير جداً إذا قيس بامتداد سواها من القرى والبلدات المجاورة وهي تشغل مساحات كبيرة تشمل المدارج والتلال والأودية والسفوح والهضاب وبعض المساحات السهلية.”
وبحسب الخطيب ” تشكل شبه مستطيل يتراوح عرضاً بين 7 و 15 كيلومترا إلى مايزيد على 25 كيلومترا طولاً.”
قضية شائكة
لا ينكر المؤرخ منيف الخطيب “أن قضية حدود مزارع شبعا هي قضية شائكة ، ذلك أن هذه المزارع تقع في منطقة استراتيجية مهمة تعرّضت للتغيير مرات عدة، فضلاً عن كونها ساحة صراع استراتيجي كما أنها منطقة مهملة كسواها من مناطق الأطراف في ظل دولة ركزت اهتمامها على العاصمة والجبل.”
ويؤكد المؤرخ ل”جسور” على أنها ” قبلة أنظار الغاصبين الذين يريدون الاستيلاء عليها بأي ثمن لموقعها الإستراتيجي في مرتفعات جبل الشيخ التي تركز على اعلى قممه رادارات عملاقة للتجسس على معظم بلدان الشرق الأوسط من الاردن وسوريا ولبنان وصولا الى تركيا وقبرص”.
لبنانية… تاريخياً ووثائقياً
ويتابع الخطيب” بالوثائق والمستندات المزارع لبنانية وبدليل تعامل مختلف الوزارات اللبنانية معها منذ تأسيس لبنان الكبير إلى اليوم أي في عهدي الانتداب والاستقلال على أنها مزارع تابعة لبلدة شبعا التابعة بدورها لقضاء مرجعيون/حاصبيا.”
يصّر منيف الخطيب، ابن عائلة شبعاوية عريقة ، ومعني مباشرة بمصير هذه المزارع أنها ” تشكّل مع شبعا وحدة جغرافية وهي قرى موصولة أو متباعدة وليست مزارع بالمعنى الدقيق للكلمة ، وقد قدم مراراً للطلاب وللمؤرخين عدداً كبيرا من الوثائق والمستندات والخرائط التي تثبت بما لا يقبل الشك لبنانية هذه المزارع من خلال كتب أصدرها لهذه الغاية “.
يوضح ” تتناثرعلى التلال وفي حنايا الأودية، وتتربّع على المنبسطات السهلية وهي ليست ملكاً لفرد أو عائلة ، لكل مزرعة عدة مالكين جميعهم لبنانيون شبعاويون“.
يوضح” لدى المالكين صكوك تثبت ملكيتهم ” ويقول” وكل مزرعة من هذه المزارع عبارة عن قرية صغيرة لها طابعها ومساكنها وأحراجها ومراعيها وكانت قبل احتلالها من العدو الاسرائيلي هي المقر الشتوي لغالبية أبناء البلدة يقيمون فيها صيفاً وشتاء“.
القرار 425 وترسيم الحدود
يروي الخطيب لـ”جسور” في مايو/أيار2000، انسحبت إسرائيل بطريقة أحادية من جنوب لبنان وبلدة شبعا وأبقت على احتلالها للمزارع. وعقب الانسحاب، رسم فريق أممي خط الانسحاب الذي سمي بالخط الأزرق، وأعلن أن إسرائيل أتمت انسحابها من كامل الأراضي اللبنانية وفقا للقرار الدولي رقم 425 (الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية) وأكدت المنظمة الدولية بإعلانها هذا أن مزارع شبعا سورية، وبالتالي فهي خاضعة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالجولان المحتل ومنها للقرار 242 حتى تعترف سوريا بلبنانية المزارع فيتم تطبيق القرار 425 عليها “.
ماذا عن ترسيم الحدود؟
يتابع المؤرخ “حدود لبنان مع فلسطين المحتلة وسوريا مرسمة منذ ايام الإنتداب الفرنسي منذ عام 1921 وأي ترسيم جديد مع اسرائيل يخسر لبنان مزيدا من الأراضي كما حصل في عملية الترسيم عند الحدود البحرية مؤخراً “.
ويختم “المزارع تابعة عقارياً لبلدة شبعا، وتشكل والبلدة نطاقاً واحداً يدعى خراج شبعا. بالإضافة إلى ذلك، تشمل المنطقة أيضاً بلدة النخيلة وبلدة خربة الدوير اللبنانيتين المذكورتين في جميع القرارات الإدارية والتنظيمية للبنان، منذ إعلان دولة لبنان الكبير إلى يومنا هذا.”
عسل مزارع شبعا
عند حدود مزارع شبعا تمثال مجسم لرجل يرتدي لباس مربي النحل (النحال) يقف وحده في المكان بين اليافطات الحدودية التحذيرية، منتصب القامة الى جانبه عدد كبير من قفران النحل الخشبية البيضاء ، ويافطة تشير الى عدم الاقتراب من الشريط الشائك وعلم لبنان وخلفه علم إسرائيلي يرتفع على سارية عملاقة وبجانبه كاميرا اسرائيلية للمراقبة .
المكان في أطراف بلدة شبعا عند بوابة المزارع خصص لإنتاج العسل الجبلي ، هذا العسل الذي يتم انتاجه عند الحدود المتنازع عليها مابين تلال كفرشوبا الشرقية وأعلى المزارع شرقاً يتميز بنقاوة مميزة
ربما هو طريق النحل إلى جبل الشيخ وتحديداً الى بوابة المزارع حيث المناظر الخلابة والطبيعة البِكْر التي لم تلوثها بعد يد الإنسان في لبنان رغم المحطات التي شهدها هذا الجبل الذي يتقاطع بين لبنان والاراضي الفلسطينية والسورية المحتلة ، وترتفع قممه نحو2800 متر عن سطح البحر.
يقول خضر حسين زهرة وزوجته مهى المتقنة فن انتاج العسل بجدارة ل”جسور”نقوم بتربية النحل في القفران الخشبية ،يرعى النحل هنا من الأزهار البرية وأشجار السنديان ننقل المناحل شتاء الى الساحل كي لا تتجمد من البرد والصقيع “.
تضيف مهى لـ”جسور” أمضي وأولادي هنا معظم أوقاتنا نقوم بتقطير العسل عبر أجهزة مخصصة لذلك اما الهدف ابقاء اسم المزارع على منتجاتنا لإثبات هويتنا الحقيقية وانتاجنا الفخم“
تضيف” نستخرج غذاء الملكات من قفير النحل باعتماد تقنية عالية لهذا الهدف ،هو دواء للعديد من الأمراض نقطف العسل على مرحلتين ربيعية وصيفية “.
صكوك من العهد العثماني لدى أبناء شبعا
في سياق متصل، كشف رئيس بلدية شبعا الحدودية، محمد صعب “أن هناك صكوكًا منذ العهد العثماني، تثبت لبنانية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، اللتين يُطالب لبنان الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب منهما.
وقال صعب لـ”جسور” إن هذه الصكوك صوّرت من المواطنين من أبناء شبعا من مختلف العائلات في البلدة الذين ما زالوا يحتفظون بها، وأرسلها لبنان إلى الأمم المتحدة، لإثبات ما تنكره إسرائيل التي تدعي أن مزارع شبعا تتبع لسوريا “
ولفت صعب إلى أن “هذه الوثائق ما زالت في الأرشيف العثماني بتركيا.”
أهمية المزارع لأهالي شبعا
وأشار رئيس البلدية، إلى أهمية “هذه المزارع بالنسبة لأهالي البلدة، لكونها مصدر رزقهم الرئيسي، فهم يعتمدون على الزراعة وخاصة الزيتون الذي ينتشر بشكل كبير في تلك المزارع.”
وذكر أن “الخبرات الكبيرة كانت في المزارع التي تحتلها اليوم إسرائيل، حيث كان سكان شبعا يقضون شتاءهم في المزارع وصيفهم في البلدة.”
مزروعات في المزارع
وأوضح صعب أن “مزارع شبعا غنية بشجر الزيتون، والأشجار المثمرة والفواكه بأنواعها وزراعة الحبوب، مثل: القمح والعدس والحمص وغيرها، كما كان لأهالي شبعا فيها خمس معاصر لزيت الزيتون“.
ولفت صعب إلى أنه “منذ احتلال إسرائيل للجنوب اللبناني، وحتى التحريرعام 2000 كان سكان شبعا، إذا أرادوا زيارة المزارع توجب عليهم أخذ تصريح من الجيش الإسرائيلي أما الآن فلا يوجد أي اتصال مع المزارع.”
المزارع لبنانية مئة بالمئة
وشدد صعب على أن “مزارع شبعا لبنانية، وقال ل”جسور” منذ أيام أجدادنا في عام 1918، ولدينا صكوك عثمانية تثبت أنها لبنانية وهي موجودة لدينا، وفي تركيا ومع الأمم المتحدة.”
وأشار إلى أن عدد سكان بلدة شبعا يبلغ حاليًا نحو 35 ألف نسمة أغلبهم في المهجر، ويسكنون في عدة مناطق لبنانية أخرى.”
ولدت في المزارع
يروي أحد رجال شبعا، الحاج حسين علي زهرة لـ”جسور” ويقول “ولدت في المزارع وتركتها بعمر 13 سنة وحلمي أن ابقى حياً لدى عودتها الينا لأشير الى اولادي حدود أراضينا.”
ويضيف زهرة” كنا نعتمد زراعة مختلف الخضار والفاكهة ابرزها الخوخ والتين والعنب والصبار والزيتون وكل ما يروق لك“