صراع بين ‘الداخلية’ و’قوى الأمن’… والإعلام صندوق بريد

صدى وادي التيم-لبنانيات/

اللغة النادرة التي حملها بيان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في معرض الردّ على قناة “الحدث”، يظهر انفجار أزمة أزمة سياسية بين وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن، وتم استخدام قناة تلفزيونية في هذا الصراع وتوظيفه بطريقة مجتزِئة، ما يستحضر النقاش الإعلامي حول المصادر، وأخلاقيات المراسل الصحافي.
في بلاغ مقتضب صادر عن شعبة العلاقات العامة، قالت المديرية العام لقوى الامن الداخلي إنها “تأسف على التقرير الذي بثّته قناة الحدث التلفزيونيّة من مصدر كاذب وحاقد، والذي أراد به قلب الحقائق بصورة عكسيّة، وقصد منه تشويه سمعة هذه المحطّة التّي نحترم، ولن نزيد”.

وجاء البيان رداً على تقرير حمل عنوان “مخطط حزب الله للانقلاب على شعبة قوى الأمن الداخلي في لبنان”، من دون أن يتضح المقصود: هل الانقلاب هو على شعبة المعلومات أم على مديرية قوى الأمن الداخلي؟ وهما شيئان منفصلان، كون الشعبة هي مديرية تابعة لقوى الأمن، وتحمل اسماً مختلفاً.

تتهم المحطة في التقرير، مدير عام قوى الأمن، اللواء عماد عثمان، بأنه ينفذ أجندة حزب الله لإنهاء شعبة المعلومات، من خلال قرار اتخذه قضى بأن يكون رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود، تابعاً للمديرية العامة وليس لرئاسة الأركان. اعتبرت ذلك تقويضاً للشعبة التي فككت شبكات المخدرات وألقت القبض على حسن دقو، أحد ابرز مُصدّري الكبتاغون الى دول الخليج. وعرضت القناة وثائق يُفترض أن من يمتلكها طرفان، وزارة الداخلية، والمديرية العامة لقوى الأمن، وهي وثائق تعيينات وترقيات في الفترة الأخيرة.

وقالت القناة إنها حصلت على كتاب لوزير الداخلية يرفض فيه عزل رئيس شعبة المعلومات، وأيضاً حصلت على برقية لمدير عام الأمن الداخلي يطلب فيها ربط “شعبة المعلومات” بنفسه، وفصل 23 ضابطاً.

اللافت أن القناة اعتمدت مصدراً واحداً، ولم تقاطع المعلومات من مصدرَين. حملت على مدير عام قوى الأمن بالاتهامات، مستندة الى مصادرها فقط، والى استنتاجات من المحرر أو المصدر. ويغيب الموقف الآخر في التقرير، وهذه إحدى العثرات التي دفعت قوى الأمن لاعتبار التقرير مضللاً “يقلب الحقائق”، فهاجمت المصدر ووصفته بـ”الكاذب” و”الحاقد”.

وفي المعلومات، أن مدير عام قوى الأمن، اتفق مع وزير الداخلية على تعيين العميد جهاد ابو مراد رئيساً للأركان (الموقع أرثوذوكسي)، ضمن التعيينات الأخيرة لإنهاء الشغور في مواقع أمنية وعسكرية، وحصل الاتفاق أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبما أن العميد خالد حمود يحمل سنوات خدمة أكثر من العميد مراد، فلا يستطيع أن يكون مراد رئيس حمود. فجرى اتخاذ إجراء إداري بنقل حمود لملاك المديرية، بحيث يصبح رئيسه مدير عام قوى الأمن الذي يفوقه بسنوات الخدمة (الأقدمية). وهو إجراء إداري اعتُبر بمثابة مَخرج سبق أن طُبّق في وقت سابق، عندما كان اللواء عثمان رئيساً لشعبة المعلومات، وتم تنفيذ الاجراء بالطريقة نفسها.

هذا الاتفاق الذي تم في وقت سابق، نقضه وزير الداخلية لاحقاً، حسبما تفيد مصادر “المدن”، إذ أرسل رسالة إلى اللواء عثمان، قال فيها إن الإجراء غير قانوني.

الروايتان للواقعة، تثبتان أن هناك مشكلة سياسية بين وزارة الداخلية وقيادة قوى الأمن. لم تبقَ المشكلة داخل إطار المديرية التي تتبع إدارياً لوزارة الداخلية. تم تسريبها الى الإعلام بطريقة تثير الالتباس، دفعت قوى الأمن لاعتبارها صادرة عن “مصدر حاقد وكاذب”، من دون تقديم المزيد من الإيضاحات، وتضمن الكلام انتقاداً للاعلام بالحديث عن “تشويه سمعة المحطة”.

في الداخل اللبناني، حيث تنتشر الروايات عبر وسائل إعلام مختلفة، ستتلقى المحطة الانتقادات، وهو ما حصل فعلاً. ساهم تسرع المراسل في وضع المحطة في موقف حرج. ألف-باء الإعلام يقضي التثبت من الخبر، ونقل الرواية من مصدرَين مختلفَين، وهو ما لم يحصل في التقرير، ودفع قوى الأمن إلى تكذيبه ومهاجمة المصدر، وظهر أن القناة استُعملت هنا كصندوق بريد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى