أول متحف كشفي في صيدا
صدى وادي التيم – لبنانيات /
في مبادرة فردية تدل على عشقه للحياة الكشفية وأهمّية صقل شخصية الإنسان، ينهمك المفوّض العام لجمعية كشافة لبنان المستقبل القائد مصطفى حبلي، بترتيب آلاف الأغراض الكشفية وكل ما يتعلق بها من أدوات، بدءاً بالوتد مروراً بالفولار والقبّعة، وصولاً إلى الميداليات والشهادات والصور التي توثّق مشاركته في بعض المخيمات الكشفية الدولية.
حبلي الذي اختار غرفة صغيرة داخل منزله في منطقة البستان الكبير، عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، حرص على تنسيق متحفه بدقّة وعناية من الجدران التي طلاها بمختلف الألوان بما يتناسب مع الإضاءة، ومن ترتيب الأغراض على ألواح خشبية أو داخل خزائن أو عُلب صغيرة زجاجية من السقف إلى الأرض، وكأنّها لوحة كشفية بحدّ ذاتها، تأسر النظر وتسرد تاريخ الحركة الكشفية منذ تأسيسها على يد اللورد روبرت بادن باول عام 1907.
يقول حبلي لـ «نداء الوطن»: «منذ نعومة أظافري التحقت بالحركة الكشفية اللبنانية وانتقلت من جمعية الكشاف الجراح إلى جمعية الكشاف المستقبل حيث كنت من المؤسّسين، وهدفنا توجيه الشباب إلى العمل الكشفي لخدمة المجتمع والبيئة والوطن، بعيداً عن الآفات الضارّة من خلال ملء الفراغ وخاصة في هذه الأيام الصعبة، الكشاف المكان الآمن لجيل الشباب والتنشئة السليمة».
لا يخفي أنّ الهواية انطلاقاً من عمله في «غرافيك ديزاين»، إضافة إلى الموهبة وتنميتها بالعلم والعمل، قادته إلى المتحف الكشفي، لقد أخذ وقتاً وجهداً كبيرين لجهة تأمين معروضاته أو شراء مقتنياته وخاصة النادرة منها، وفترة كورونا والحجر المنزلي كانت شارة البدء بإعداد المتحف، «قرّرت عدم هدر وقتي ومن خلال عملي في المشغل الكشفي بدأت، وحرصت على أن تكون كل الأشغال يدوية، مُستخدماً الخشب والفرو والجلد الملون والقماش والبويا والأنوار بشكل متناسق ليعطي الرونق المطلوب والمزيد من الجمال».
ويشرح حبلي فكرة انشاء المتحف الذي تزيّنه صور المؤسّس باول وأعلام مختلف الدول، «لقد ساعدني على ذلك مشاركتي في عدد من المخيمات الكشفية الدولية، ومنها اليابان والسويد وبولندا والدانمارك، حيث كنا نتبادل التذكارات والهدايا والأدوات الكشفية مع القادة المشاركين ونتبادل الآراء حول سبل تطوير هذه الحركة التطوعية».
ويتابع: «في المتحف اليوم أكثر من 2000 قطعة مختلفة الشكل والمضمون، ومنها العادي مثل النواظير وكل الأدوات الكشفية، ومنها النادر مثل إصدارات الحركة الكشفية اللبنانية والطوابع مع المظاريف الأصلية مع آخر إصدار مع الذكرى المئوية للحركة الكشفية اللبنانية، إصدارات الحركة الكشفية الليبية – مجموعة الطوابع كاملة. وفي المتحف كل الإصدارات الخاصة بالشارة الكشفية الدولية، من الألبسة حتى الساعة والقلادة، نحو 200 شارة بأشكال متنوعة».
كما هناك، بحسب حبلي، «أكثر من 1000 منديل، مجموعة من الخناجر النحاسية موضوعة في علب زجاجية، العصي ومنها ذات الرأس النحاسي أو الشكل الفرعوني وكل أدوات رحلات الاستكشاف، وهذه رغم صغر حجم بعضها إلا أنّ كلفتها كبيرة. وفي المتحف أيضاً كل الميداليات التي حصل عليها اللورد باول، كذلك التذكارات التي شاركت فيها في المخيمات الكشفية العالمية، ونحن بصدد التحضير للمخيم الكشفي في كوريا، ولكن للأسف ستقتصر المشاركة هذه المرة على عدد قليل من القادة بسبب الكلفة المالية المرتفعة ونأمل أن تتغير الظروف في العام المقبل ليتمكّن أكبر عدد من المشاركة في المخيمات الكشفية العالمية».
يتوقّع أن يستقطب المتحف الكثير من الزوار، ويقول: «لي الفخر باستقبال الجميع، وسيحصل كل زائر على تذكار من المتحف كي يبقى ذكرى خالدة في رأسه»، مشيراً إلى أنّه، وفي أثناء ترتيبه، زاره الأمين العام للمنظمة الكشفية العربية القائد عمرو حمدي ومساعده القائد الكشفي رفعت السباعي مع رئيس اتحاد كشافة لبنان جورج غريب والمجلس الإداري، «كما لي الفخر بتخصيص ركن للشهيد الرئيس رفيق الحريري ونجله الرئيس سعد وراعية كشافة المستقبل السيدة بهية الحريري».
ويؤكد أنّ «الرسالة من المتحف الكشفي هي المساهمة في الحفاظ على الإرث الكشفي، فهو أيقونة لعائلتي الصغرى في البيت التي ساعدتني في إعداده وإنجازه، ولعائلتي الكبرى في الحركة الكشفية وأيقونة من صيدا إلى كل لبنان، وهو تذكار للأجيال القادمة يحمل رسالة من قائد كشفي عشق العمل التطوعي وخدمة المجتمع خاصة في الظروف الصعبة، إلى كل كشفي بأن يسعى لتحقيق حلمه، لا شيء مستحيلاً في هذه الحياة، وآمل أن يحافظوا عليه ليتمكّن أكبر عدد ممكن من الناس من مشاهدته والتعرّف على الحياة الكشفية بحلوها ومرّها».
االمصدر : محمد دهشة