جنبلاط وأسباب الاعتزال: تيمور أوّلاً!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يجيد وليد جنبلاط افتعال الحدث. هو من القلّة الذين يعرفون كيف يستقطبون الأضواء والتساؤلات، ويثيرون من حولهم الغبار والضباب والالتباسات. والأرجح هو الأشطر في هذا المجال. وهو أيضاً من القلّة الذين لا يحتاجون إلى سواتر ترابية تقيهم شرّ انتقادات الرأي العام والناس. يفعل ما يشاء وكيفما يشاء، من دون تجميل أو مواربة. والكثير من الفضل يعود للعلاقة الوجدانية التي تربط بين دارة المختارة وبين مريديها.
من ناحية عاد بشار الأسد إلى الجامعة العربية بعد عزلة لعقد ونيف من الزمن، بما يعني ذلك من ضرب لكل الرهانات التي قادها كُثر، ومن بينهم جنبلاط على إخراج الأسد من المعادلة السورية. وهو لم يتردد في التعبير عن استيائه بشكل مباشر حين غرّد قائلاً «وهل سألوا الشعب السوري اذا كان يرغب في العودة إلى الحضن العربي طبعاً لا. الجامعة العربية شبيهة بسفينة الـTitanic تحمل هذا الشعب إلى غرق محتوم وقد أعطي النظام شرعية التصرف والذين نجوا من التعذيب أو السجون أو التهجير فإنّ الحضن الحنون كفيل بشطبهم ومتى بربكم استشرتم الشعوب العرب؟».
ومن ناحية أخرى، يقبع الاستحقاق الرئاسي في عنق الخلاف العمودي الحاصل بين الثنائي الشيعي الداعم لترشيح سليمان فرنجية والقوى المسيحية الأخرى، المختلفة أصلاً، والرافضة لترشيح رئيس «تيار المردة». فيما جنبلاط يقف على الضفة يترقّب وصول التسوية الاقليمية. وبالانتظار، يحمل لافتة توريث نجله تيمور.
ولهذا، ألبس قرار استقالته من رئاسة الحزب ألف سؤال وسؤال: هل قرر الرجل اعتزال السياسة؟ هل هي واحدة من حلقات المسلسل الهوليودي حول خروج اللاعبين الكبار من المشهدية والتي تلي انكفاء سعد الحريري؟ هل قرر الزعيم الدرزي الاختباء خلف نجله لكي يمنع عن «اللقاء الديموقراطي» تجرّع كأس سليمان فرنجية؟ أم أنّ الرجل فعلاً قرر التراجع إلى الخلف ضمن تسوية اقليمية بضمانات دولية تتيح لتيمور أن يرث الزعامة بسلامة وأمان؟
في الواقع، من يعرف الرجل يجزم بأنّه ليس من طينة السياسيين الذين يخجلون من الاقدام على أي خطوة قد تفرضها الواقعية السياسية عليه. لا خشية من انقلاب ناسه عليه، ولا من تعرّضه للانتقادات. فعلها في أكثر من محطة، ولا يبدي ممانعة في أن يكررها اذا قتضت المصلحة.
ولكن أن يجلس وليد جنبلاط في الصفوف الخلفية، للقرار، لا للمشهد، فذلك سيناريو خيالي لا مكان له في الواقع. أن يصير تيمور رئيساً للحزب، وفق الترجيحات، لا يعني أبداً أنّ وليد جنبلاط فقد مفتاح التأثير أو تخلى عنه… احتمال لن يجد من يصدقه أو يتعامل معه بجدية، ولو أنّه من قماشة السياسيين الذين يتأثرون كثيراً بمزاجهم، ويبدو أنّه صار يفضّل التعاطي بالسياسة مع عناوينها العريضة من دون تفاصيلها المملة.