إيلي شويري يكتب مجد لبنان “ع الشمس للي ما بتغيب ” بقلم سلام اللحام
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /
رائد من رواد الأغنية اللبنانيّة ، إنّه الآتي من زمن الكبار الذين تعبوا وناضلوا لتبقى الأرزة مصانة ، والأرض مسيّجة بالعسكر ، واسم لبنان مكتوبًا على شمسٍ لا تغيب ، إنّه إيلي شويري الّذي حفر سجّله الذّهبي بنفسه ، وسخّر مواهبه في حبّ الوطن والإنسان، ليخبرنا عن عظمة الفنّ اللبنانيّ في أغنيات، ومسرحيّات تحتلّ الذاكرة ، وحوارات مغنّاة ممزوجة بالأحلام وواقع والحياة ،لتغرس الأمل والحبّ في نفوس الأحبّة بأصوات عشقناها وأنغام رددناها ،ولا يزال عبيرها وذكراها يفوح في أرجاء الأصالة والعراقة.
ترعرع إيلي شويري بين محلة المزرعة، مسقط رأس والده، والأشرفية حيث عاشت العائلة في حي مكلّل بالقرميد.في عرزال الساحة، بدأ يكتشف قدراته الصوتيّة”كنت أصعد إلى العرزال، أغني وأُسمِعُ الناس صوتي. وكانت الرّاهبات في المدرسة القريبة يشتكين للشّرطة من تشويشي على الصّفوف، لكن العناصر الذين كانوا يأتون مسرعين لإسكات ذلك المزعج، كانوا “سرعان ما يأنسون إلى مواويلي فيتركونني”.
في عمر الصبا أسس مع أترابه جوقة غنائيّة ،حيث كان يردّد فيها المواويل العراقيّة التي حفظها من والده. ترك مدرسة “مار منصور” في نهاية المرحلة المتوسطة، وعمل حلّاقاً نسائيًا، لكنّ عمله في تلك المهنة لم يطل، إذ سقط مرةً من على دراجته النّارية وأصيب بيده. أحد رفاق الكار وجّه إليه دعوة لقضاء فترة نقاهة في الكويت، فوافق. هناك وبينما كان يعبر أحد الشّوارع، قرأ لافتة كتب عليها “دار الإذاعة الكويتيّة”، وكانت في مرحلتها التجريبيّة الجديدة مطلع الستينيّات،حيث انتسب إليها مؤدّيًا في فرقتها الغنائيّة، بعدما خضع لاختبار أشرف عليه موسيقيّون من فرقة أم كلثوم. “قمت بتجربة وغنّيت موالاً بغدادياً ،كان هناك موسيقيون عراقيون، أُعجبوا كثيرًا بالطّريقة التي غنيت بها لإيليا بيضا والياس ربيز، يومها قبلني مدير الإذاعة عبد العزيز جعفر”.
صار إيلي شويري ينام في الاستديو، بين الآلات الموسيقيّة، وشجّعه المطرب الراحل عوض الدوخي، إلى جانب الملحن المصري مرسي الحريري على تعلّم العزف على العود.و تشاء المصادفة أن تصل إلى الكويت فرقة «الأنوار» لمروان وبديعة جرار مع توفيق الباشا وزكي ناصيف والمخرج نزار ميقاتي، إلى جانب سعاد هاشم ووديع الصافي، قدّموا يومها حفلات في صالة «الأندلس»، وحضرت «الإذاعة الكويتية» لتسجيل الأغاني. “عندما سمعت ما سمعت، ورأيت المرحلة التي وصل إليها لبنان في المستوى الموسيقيّ، صرت أبكي، وقرَّرتُ العودة”، كان ذلك عام 1962.
فور عودته، كان روميو لحود يستعدّ لعرض مسرحيّة “الشّلال” في “مهرجانات بعلبك”. حصل شويري على دور شاب يجلس على الدرج، ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. في هذا الوقت، انتسب إلى كورس “إذاعة الشرق الأدنى”و”الإذاعة اللبنانيّة” وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه ،حيث أسندا إليه دور “فضلو” في مسرحيّة «بياع الخواتم» عام 1964، وفي الشّريط السّينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التّالي، وهكذا كرّت السّبحة، فعمل في المسرحيات التي وقَّعها الرحابنة، من “دواليب الهوا” إلى “أيام فخر الدين”، “هالة والملك”، “الشخص”، وصولاً إلى” ميس الرّيم “.
عام 1975 قدّم إيلي شويري برنامجاً إذاعياً عبر أثير «صوت لبنان» بعنوان «يا الله»، وأطلق العنان لأعماله الخاصّة، وساهم بتحقيق شهرة أكثر من فنان وفنانة ، منهم : داليدا رحمة ، فكتب لها مسرحية “قاووش الأفراح” ، وغنت “يا بلح زغلولي” التي صارت على كل شفة ولسان، وكذلك غنت له ماجدة الرومي “سقط القناع” “مين النا غيرك” و”ما زال العمر حرامي”.
كذلك تنافست كل من صباح وسميرة توفيق على أداء أغنية “أيام اللولو” التي أثارت ضجة في عالم الغناء ، وراجت بشكل لافت بعد أن أدتها كل منهما على طريقتها.
ترك إيلي شويري بصمة في مجد الأغنية اللبنانيّة وشمسها التي لا تغيب ، والأرزة الخضراء المصانة بدماء الشّهداء ،لتبقى أعماله راسخة في سجلّ الذّاكرة الوطنيّة ، صانعة لمجدها السّرمديّ.
الإعلامية سلام اللحام