“يديعوت أحرونوت” : أوقفوا إنكار الحرب وابدأوا بالاستعداد لها
صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية:
يمكن القول إن فترة الإنكار انتهت. منذ عامين، وبالتحديد منذ عملية “حارس الأسوار” أغمضت إسرائيل عينيها حيال تبدل الواقع الاستراتيجي الذي ضمن إطاره وجّه “الإرهاب” الفلسطيني ضرباته من خلال تساقط الصواريخ بصورة أساسية على غلاف غزة، وفي الضفة والجليل والنقب. لا يمكن لإسرائيل مواصلة روتينها اليومي وتكريس اهتمامها بالصراع الثقافي على صورة الدولة. لقد حصلت على الهدوء الأمني النسبي في العقد الأخير الذي رافقه ازدهار اقتصادي، وغرقت داخل نفسها من دون أن تدرك أن التاريخ لم ينتهِ هنا، ومن دون أن تعي أن البيئة من حولها تغيرت وبدأت تثور ضد النظام الاستراتيجي الذي اعتمد على السلام الاقتصادي كوسيلة لتقليص النزاعات الأيديولوجية.
الفلسطينيون هم أول من تحدى هذا النظام. في البداية في غزة ولاحقاً داخل المجتمع العربي في إسرائيل، ومن بعدهما في القدس وأخيراً في الضفة الغربية. وخلال أكثر من عام خاض المحيط الأيديولوجي الفلسطيني “إرهاباً” متواصلاً ومزمناً. ولقد فعل ذلك بالأساس بين البحر المتوسط ونهر الأردن إلى أن انضمت إليه في المرحلة الحالية أطراف فلسطينية من خارج الساحة المحلية. في المقابل تخلى حزب الله عن الحذر الذي تميز به بعد حرب لبنان الثانية وبدأ يدرس حدوده وحدود إسرائيل. يحدث هذا كله بينما تدفع إيران قدماً بتخصيب اليورانيوم وتحطم الجدار الحديدي السياسي الذي بنته إسرائيل من خلال اتفاقات أبراهام.
إسرائيل اليوم في وسط معركة كبيرة في الشرق الأوسط. الانفجار الكبير لم يحدث بعد، لكن من الواضح زيادة استعداد الائتلاف غير المعلن لأنصار المعسكر الأيديولوجي والنشط من أجل تحدي إسرائيل وتحدي النظام القائم. وفي نظرة إلى المستقبل، نشأ نموذج عن الواقع الذي يمكن أن يصبح حقيقة يومية إذا تحولت إيران إلى دولة على عتبة النووي، لأنه حينها سيزداد استعداد عناصر المقاومة لزيادة حدة هجماتهم على إسرائيل في ظل المظلة الإيرانية التي ستوفرها طهران.
إسرائيل تمر بمرحلة مؤلمة للغاية. النظام الاستراتيجي يتفكك، لكن الإدراك المعرفي لهذا لم يدخل في عمق الوعي. والدليل على ذلك أن أطرافاً داخلية ما تزال تعتقد أن في الإمكان الاستمرار في إدارة الصراعات بشأن صورة الدولة كأن شيئاً لم يتغير. وبالتالي حتى في القدس لم تبرز بوادر تفكير بشأن استراتيجيا شاملة جديدة مطلوبة لمواجهة تغييرات الواقع. في هذا الإطار الوقت ينفد: رمضان سينتهي، لكن الحرب غير المعلنة على إسرائيل في الوقت الحالي ستستمر. ليس المقصود موجة أُخرى من تصعيد محدود، أنما واقع منظومي جديد.
ما نحتاج إليه الآن استراتيجيا جديدة تعتمد على ثلاثة مداميك أساسية، الأول فيها سياسي؛ والمقصود عملية ضرورية لتوسيع ائتلاف نتنياهو وتشكيل حكومة طوارىء وطنية. وحكومة كهذه ستفرض على المعارضة التخلي عن سعيها الساذج لإسقاط الحكومة من خلال النضال ضد الإصلاح القضائي، ومن ناحية ثانية ستجبر الائتلاف على تغيير أجندته القومية والتركيز على القضايا الأمنية.
المدماك الثاني جماهيري. على قيادة إسرائيل النظر مباشرة إلى الشعب الإسرائيلي وإطلاعه على الأخبار السيئة، وتحضيره لسنوات صعبة وملبدة بالمفهوم الأمني. والإجماع هو أمر مهم في الوقت الحالي من أجل الدفع قدماً بعمليات سريعة لتعزيز البنى التحتية وفي مواجهة معركة أو معارك مستقبلية.
المدماك الثالث عسكري. لا مفر. على إسرائيل أن ترسم من جديد قواعد اللعبة الإقليمية والتخلي عن نظرية الاحتواء، أو على الأقل عليها أن تنوع سجلها الاستراتيجي من خلال توجيه ضربة قاسية إلى إحدى خلايا منظومة المقاومة الإقليمية. وذلك انطلاقاً من الإدراك بأن فرص مواجهة النووي الإيراني بواسطة هجوم مباشر ضئيلة، لكن من الممكن مواجهة وكلاء طهران والخاضعين لوصايتها.
كما يجب توجيه تحذير إلى كل من يحاول أن يختبر صبر إسرائيل، صحيح أنها أضاعت الفرصة التي أتاحها حزب الله و”حماس” بعد إطلاق الصواريخ الكثيف من لبنان ليلة الفصح، لكن الوقت لم يفت للقيام بعملية فعالة ومهمة وذكية ومخطط لها تستهدف إحدى الخلايا في منظومة المقاومة التي تهددها، وتعمل على تفكيكها، وبهذه الطريقة تذكّر الجميع من جديد بأن جارهم البلطجي في الشرق الأوسط لم ينسَ كيف يضرب
دورون متسا – مستشرق ومحاضر في كلية أحفا