هل يخوضُ الكيانُ الصّهيوني حرباً جديدة في المنطقة بينما قوة ردعِه تتآكل؟
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
عاد الهدوءُ إلى حدود لبنان الجنوبيّة بعد قصف متبادل مع “إسرائيل” خلّف أضراراً مادية في الجانبين. واعتُبرت من أقسى الرسائل من الشمال منذ حرب تموز عام 2006 بحسب الاعلام العبري الذي نقل عن القيادة الأمنيّة والسياسيّة أنها ليست بوارد الذّهاب إلى حرب مع لبنان وتحديداً “حزب الله”.
فالغاية واضحة: تخفيف الضغط على الداخل الفلسطيني، ولا سيما بعد التوتر المتصاعد نتيجة اقتحام القوات الاسرائيلية المسجد الاقصى.
ومن لبنان رسالة واضحة للصهاينة بأن القدس ليست وحيدة كما أكّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، وعلى الصّهاينة أن يعرفوا بأن خلف المسجد الأقصى مئات ملايين المسلمين الجاهزين لبذل الدّماء، وأن السعي لاستهدافه والنيل من مقدساتنا سيُلهب المنطقة بأكملها..
فلا يخفى على أحد أن الصهاينة يسعَون لتصدير أزمتِهم الداخليّة القضائيّة والعسكرية، وهذا الهروب إلى الأمام بافتعال إشكال مع الفلسطينيين لن يُجدي نفعاً، لأنّ زمن الأول تحوّل مع تزايد توازن الرّدع لدى المقاومة وتآكله لدى الكيان الصهيوني بعد الهزائم التي مُني بها في حروبه على المقاومة وكان آخرها في لبنان حرب تموز 2006، وعلى الفلسطينيين في حرب غزة 2021 والتي عُرفت بمعركة سيف القدس أو عملية حارس الأسوار التي انتهت بتهدئة ووساطة مصرية.
وقد أشار هذا الاعتداء إلى مدى عدوانيّة هذا الكيان الذي سارع إلى اتهام الفصائل الفلسطينية وبشكل خاصّ حماس وتحميلها مسؤولية ما جرى رغم أن أيًا من هذه الفصائل لم تتبنَ ما جرى، وإلى المأزق الذي يعاني منه هذا العدو الذي بات مكبلَ اليدين في ظل أزماته التي يعاني منها في الداخل، ولا يملك حرية الحركة، وغير قادر على الرّد على ما يتعرّض له، خشية ردّ المقاومة في لبنان وردّ المقاومة الفلسطينية في غزة، بعدما كان العدو يسرح ويمرح ولا يجد رادعا من أية ممارسة عدوانية يقدم عليها. وهذا يظهر أهمية الردع الذي تقوم به المقاومة والذي يجعل العدو يحسب ألف حساب لها.
ما أقدم عليه الصهاينة هو انتهاك خطير لحرمة المسجد الأقصى يمسّ بمشاعر كل المسلمين ويستفز كل الأحرار في العالم.
ويجب أن يعرف العدو أن التّمادي في الاعتداء على الأقصى يسقط كل الخطوط الحمراء والحدود المصطنعة ويدفع المنطقة نحو حرب كبرى، لأن معركة الاقصى ليست معركة الشعب الفلسطيني وحده وإنما هي معركة كل الأمة”.
إن العدوان الصهيوني المتواصل الذي يستهدف المسجد الأقصى والمصلين المعتكفين فيه، هو جريمة غير مسبوقة وعدواناً على أمتنا ومقدساتها، ويضاف إلى مشاريع التهويد وتقسيم المسجد الأقصى.
إن هذه الجرائم الصهيونية استدعت ردًّا قوياً من المقاومة الفلسطينية المتصاعدة وعمليّات بطولية تستهدف جنود العدو ومستوطنيه، وتؤكّد أن المقاومة هي الطريق الوحيد والأولوية لتحقيق الانتصار وهزيمة المشروع الصّهيوني، كما حصلت عملية الأغوار وتل الربيع في يوم واحد، هزّ الكيان وأركانه، وهو يثبت أن عملية سيف القدس ووحدة الساحات لم تكن مجرّد صليات صواريخ تطلقها المقاومة الفلسطينية على المستعمرات والمعسكرات الصهيونية، وإنما عمليّات في عمق الكيان الغاصب.
هذا التّحول الهام في مشهد المواجهة يقود حتماً الى تغييرات في طريقة تعاطي المواقف الرّسمية الفلسطينية والعربية والدولية مع ما يجري من جرائم صهيونية في فلسطين، سواء من خلال إلغاء اتفاقات التطبيع القديمة والجديدة واحتضان المقاومة بكل مستوياتها وتوفير كل أشكال الدعم لها وتوفير الدعم والصمود للشعب الفلسطيني وتنقية العلاقات العربية والإسلامية من كل الشوائب العالقة بها، ووقف كل الحروب والفتن القائمة فيها أو داخلها وتعميم ثقافة الوحدة في مجتمعاتها.
بالتأكيد لقد قام الفلسطينيون بواجبهم كرأس حربة في الصراع الدائر في مواجهة الكيان العنصري الإرهابي، وأثبتت المواجهات العسكرية الأخيرة، أن الأزمة التي يعيشها الكيان قد أثّرت على أدائه العسكري بمس قدراته الرّدعية التي أصبحت تتآكل.
لقد بدأت التّحولات في طبيعة المواجهة مع العدو، منذ خروجه مدحوراً من جنوب لبنان ومن قطاع غزة حيث بدأت المعادلات تتغيّر بعد كل مواجهة، وعندما فشل العدو في السيطرة على غزة من خلال عدوانه المتكرّر، تمكّنت المقاومة من كسر تكتيك العدو وذراعه العسكرية الطويلة حيث أوجدت معادلات جديدة، بدأت بمعادلة ردع أمن غزة مقابل أمن جيش العدو، وصولاً الى أمن العدو مقابل أمن المقاومة من داخل غزة وخارجها، وبات العدو مأزوماً بعد كل جولة من المواجهة، وأدرك أنه غير قادر على تجاوز ما تفرضه المقاومة، وهذا ما تأكد من عدوانه الأخير على غزة ولبنان، وهو بات عاجزاً من الدخول في حرب كبرى مع المقاومة التي تعمل على ضبط الأحداث في القدس وفي عموم الأرض الفلسطينية، ولا تريد تقديم خدمة للعدو المأزوم وهي لا تستعجل فتح جبهات متعدّدة وهي ترى بوضوح التغيرات التي تحصل في المنطقة العربية وجوارها وصولاً للصراع الدائر بين روسيا الإتحادية ودول الغرب الاستعماري بقيادة أميركية، والنتائج المترتبة سيبنى عليها لمعركة حسم كبرى.
وفي نتائج المواجهة الأخيرة، هناك رسائل القدرة ووحدة صف المقاومة، وتصعيد الكيان لا يمكن أن يستمر، والاستفراد بإحدى الساحات أصبح من الماضي وإلا فالمواجهة الشاملة.
وبينما تؤكّد المقاومة الفلسطينية جهوزيتها واستعدادها للرد بكل قوة على أي عدوان والدفاع عن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وعليه على العدو المجرم وقف عدوانه ومهزلة تصدير أزماته الداخلية باتجاه شعبنا ومقدساتنا.
نقول، هل هناك أبلغ من دعوة مجلس الأمن القومي الأميركي قوله: “نقف بحزم من أجل الحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس”، لتؤكّد فشل العدو في تحقيق أهدافه، وهو يعي أن المعادلات تغيّرت لغير صالح الكيان الصهيوني، وقوة ردعه تتآكل بعد كل مواجهة.
ليديا أبو درغم – الأفضل نيوز