اليمن هي الأولويّةُ في الآفاقِ السّعوديّ – الإيرانيّ ولبنان لأهله!
صدى وادي التيم – اخبار العالم العربي/
ما إن أُعلنَ عن الاتّفاقِ السّعوديّ – الإيرانيّ برعاية الصين حتّى توجّهَت الأنظارُ إلى الدّاخل اللّبناني، ومدى تأثيره على انتخابات رئاسة الجمهوريّة، كما على سائرِ الأزمات الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، إضافة إلى الاستقرارِ الأمنيِّ، واستعادة مؤسّسات الدّولة لحقوقها.
فالصّراعات الإقليميّة والدّوليّة ولعبة المحاور العربية، تؤثّر على لبنان، وأشعلَت أزمات وحروبًا فيه، في ظلّ نظامٍ سياسيٍّ طائفيٍّ مولّد للمشاكلِ والفتنِ والكوارثِ.
فاتّفاق الرياض وطهران سيكون له أثرٌ إيجابيٌّ على الإقليمِ بشكلٍ عامّ وعلى لبنان بشكلٍ خاصّ وهو سيؤخّر حروباً مُشتعلة منذ سنوات في دول عدة، وآخرها في سوريا واليمن وليبيا، وتوتّرات في لبنان والعراق، إضافة إلى ما يجري في غزّة والضّفّة الغربية، من أعمال عسكريّة عدوانيّة، يقومُ بها العدوُّ الإسرائيليّ ضدّ الشّعب الفلسطيني المقاوم.
فهذا الاتفاق سيبرّدُ السّاحة اللّبنانية سياسيًّا، وينزعُ فتيلَ الاقتتالِ المذهبيّ وتحديدًا السّنّيّ الشّيعيّ المتوقّع في كلّ لحظة كما يُعيد التّوافق اللبنانيّ على انتظام المؤسّسات الدّستوريّة، ومنها انتخاب رئيس للجمهوريّة، بما يُوقفُ انهيار لبنان، بعد وصوله إليه، مع ارتفاع خطّ الفقر إلى نحو 90% بين اللبنانيين، وتدنّي القدرة الشّرائيّة لديهم إلى نحو 95% مع الانحدار الذي حصلَ لسعر صرف اللّيرة أمام الدولار .
الإيجابيّةُ هي ما ينتظرُه لبنان من الاتفاق السّعودي – الإيراني وستكون أوّل انعكاساته على رئاسة الجمهوريّة من خلال تشجيع مجلس النّواب انتخاب رئيس يتّفقون عليه
فكلّما رفعَ رئيس مجلس النواب في مرحلة ما بعد 2006 شعار ” السين – سين” أيّ تفاهم سوريا والسّعودية حول لبنان، وتُرجم ذلك بزيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد واصطحابه إلى لبنان، وإجراء مصالحة بينه وبين سعد الحريري ووليد جنبلاط في العام 2009، وكان لذلك أثرٌ إيجابيّ على لبنان داخليًّا والعلاقة مع سوريا التي جاءت الأحداث فيها في آذار 2011 لتنسيق كلّ شيء، وتدخل سوريا في حرب كونيّة عليها انعكست سلبًا على لبنان كما على المنطقة.
من هنا، فإنّ التّطوّر الذي حصلَ في إعادة العلاقة بين طهران والرياض ستكون لها فعلها الإيجابيّ في لبنان وإن كان التّفاوض الإيراني السّعودي ركّز على اليمن ووقف الحرب فيها حيث تعبَ أطرافها منها والاستنزاف الذي يحصل مع استمرارها والخسائر البشريّة والماديّة التي يتكبّدها المحاربون فيها، وإنّ لبنان الذي لا يعيش حرب اليمن لكنّه يمرّ بحربٍ اقتصاديّة وماليّة خطيرة عليه، ستسبّب بتفكّك الدولة وتحلّلها وحصول فوضى في لبنان قد تصل إلى الاقتتالِ الدّاخليّ.
فاليمن احتلَّ الأولويّة في المفاوضات الإيرانيّة–السّوريّة، وكذلك سوريا التي بدّلت الرياض موقفها السّلبي منها، وباتت تتعاطى معها بواقعيّة، ودعت إلى العودة إليها وإعادتها إلى جامعة الدول العربية، وقد سبقتها دول للتّطبيع مع سوريا كالإمارات ومصر والأردن والجزائر وتونس…
ولم يغبْ لبنان عن الاتفاق الذي رعَتْه الصين، التي تعزّز علاقاتها مع السّعودية ودول عربيّة وهو لم يجرِ الحديث مباشرة في البيان الختامي، كما دول أخرى لكنّ الطّرفين بحثا في صراعهما على مناطق النّفوذ بينهما ولبنان دولة من أربع دول قالت إيران أنّ لها نفوذًا فيها، وهي العراق وسوريا واليمن، وهو محور العلاقة المتوتّرة مع السّعودية، حيث تخفيف التّوتّر يبدأ في اليمن الذي يمرّ في هدنات، ووقّع أطرافُ النّزاع فيه على اتّفاقات وتفاهمات بعضها كان ينفّذ وآخرها يعلّق العمل به.
لذلك، فالأولويّةُ السّعوديّة هي لليمن الذي هو على حدودها، وتتداخلُ أراضيه مع أراضيها، وتسقطُ الصّواريخ على الرياض ومدن أخرى، فالحلُّ يجبُ أن يبدأَ من الأزمة الأقرب وهي اليمن ليبقى الحلّ في لبنان بيد أبنائه، وهذا ما تُعلنُه دول تعنى به، وكذلك فإنّ اتفاق إيران والسّعوديّة سيساعدُ اللبنانيين أن يتوافقوا فيما بينهم لإخراجِ لبنان من نفوذِ هذه الدّولة أو تلك، وعملاً بمبدأ عدم التّدخّل في شؤونِ الدّول، وهذا له مطلبٌ لبنانيٌّ أيضاً، فهل يعمل به المسؤولون في لبنان، ويصنعون رئيسهم؟.
المصدر: كمال ذبيان – خاصّ الأفضل نيوز