انتهى زمن رئيس يصنعه الخارج : لماذا ذكرت بربارا ليف لبنان بسيناريو عام ١٩٨٢ ؟!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
السؤال البديهي والبسيط الذي يفرض نفسه على الواقع اللبناني بمختلف تفاصيله واتجاهاته، هو ما الذي يمنع النواب من الذهاب إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس جمهورية بالانتخاب الحر ومن خلال جلسات مفتوحة ؟؟.. واستدراكا، وضمن ذات السؤال ثمة نقطة تثير الغموض ، وهي لماذا لا يتم اعلان الترشيحات من قبل الشخصيات التي تريد خوض الانتخابات النيابية ؟؟.
هناك عدة اجابات على هذا السؤال المركب الذي يتردد بكثرة هذه الايام في الخارج… حتى ان الخارج بات يقول فليأتي اي رئيس، ولكن بالعملية الانتخابية الحرة .. ولتتحمل الجهة التي تأتي برئيس لا يخدم الحل في لبنان مسؤولية قيامها بذلك…
.. وبالعودة للاجابة عن السؤال الأساسي وهو لماذا لا يعقد البرلمان جلسات مفتوحة يحضر اليها كل النواب ويتم انتخاب رئيس (؟؟)؛ فإن هناك العديد من الإجابات اللبنانية وكلها غير مقنعة..
الإجابة الأساسية تقول ان لبنان بلد التسويات؛ وانه لا يمكن انتخاب رئيس الا بعد ابرام تسوية بين القوى السياسية على اسمه. وهذا الطرح يقوم به الثنائي الشيعي وضمنا الاشتراكي والقوى السنية والتيار الوطني الحر والطشناق، الخ… ؛ بينما القوات اللبنانية والكتائب يرفضانه على المنابر ويقبلانه فيما لو عرضت عليهم تسوية تناسبهما، فيما التغييريون ال ١٣ باتوا اثنين فقط ، وهما يقيمان ليلا نهارا في مجلس النواب في اعتصام يدعون من خلاله كل زملائهم للحضور إلى مجلس النواب والبقاء فيه حتى انتخاب فخامة الرئيس..
وهناك معركة تأمين نصاب عقد جلسة انتخاب الرئيس المحدد بحضور ٨٥ نائبا، وهو عدد لا يملك احد في لبنان او في الخارج جمعه في جلسة واحدة.
جماعة المعارضة – عدا بعض النواب المعارضين – تقول انها لن تؤمن النصاب لجلسة تفضي إلى انتخاب مرشح الحزب سليمان فرنجية؛ وجماعة السلطة تمارس سياسة عدم تأمين النصاب الا لجلسة تفضي لانتخاب مرشحها سليمان فرنجية ..
والنتيجة العملية لهذا الوضع هو استمرار الفراغ الرئاسي؛ وتحول المعركة السياسية الداخلية إلى ميدان اخر اسمه بأية شروط يجب عقد جلسات مجلس الوزراء، بدل ان يكون عنوان النقاش والعمل هو كيف نسرع عقد جلسة انتخاب فخامة الرئيس العتيد!!..
والواقع ان مطلقي النار احتفاءا بعقد جلسات مجلس الوزراء ، أو مطلقي النار استنكارا لعقد جلسات مجلس الوزراء ، هم سواسية لجهة مشاركتهما- كل على طريقته ولاسبابه- في حرف الجهد عن التركيز على المشكلة الاساسية، وهي انتخاب فخامة الرئيس..
.. وبكل الاحوال يظل المطلوب الذهاب إلى جلسة انتخاب فخامة الرئيس العنيد بالانتخاب الحر وبالجلسات المفتوحة ، وذلك بغض النظر عن من سيحصل على اكثرية النصف زائد واحد ..
لماذا ؟
لعدة اسباب :
اولا لأن التعطيل واطالة امده يعني امرا واحدا، وهو ان البلد ونوابه واحزابه ينتظرون تسوية على اسم فخامة الرئيس، تسقط عليهم من الخارج ؛ وهذا سيناريو لن يحصل .. وهنا يجب مراجعة كلام بربرا ليف التي كانت واضحة حينما دعت اللبنانيين من خلال حديثها مع الوفد النيابي اللبناني، إلى ١ضالإقلاع عن عادة وتقليد انتظار ان يأتي حل الاستحقاق الرئاسي من الخارج، وبالتحديد من أميركا. قالت ليف ان زمن ١٩٨٢ و١٩٨٣ انتهى، وقالت بما معناه ان العالم وبقلبه أميركا، ليس في وارد تكرار تجربة التدخل في موضوع الرئاسة اللبنانية.
ويمكن بخصوص هذه الجزئية فتح هلالين للتوقف عند المعنى الذي جعل بربارا ليف تتذكر بالتحديد مثل العام ١٩٨٣ ، وليس أمثلة أخرى كانت واشنطن تدخلت فيها لإنتاج رئيس جمهورية في لبنان .. والواقع انه في العام ١٩٨٣ جاء انتخاب الرئيس ضمن أجندة دولية لترتيب وضع لبنان بعد خروج العامل الفلسطيني منه كنتيجة لحرب العام ٨٢ التي وصل فيها الاسرائيلي إلى بيروت والتي أقام فيها الوسيط الأميركي في لبنان حتى أنهى المهمة .. وتريد بربارا القول عبر ادراجها مثل ١٩٨٣ القول انه اليوم لا يوجد أجندة دولية لترتيب الوضع اللبناني كونه لا يوجد في لبنان عامل استراتيجي يجعل إسرائيل تتدخل عسكريا ويجعل أميركا بالتالي تتدخل سياسيا، ويجعل العالم من ثم ” يلحق ” بواشنطن إلى لبنان!! . ولعل هذه الخلفيات لكلام بربرا ليف ، هي التي تفسر معنى المصطلح المستخدم بكثرة هذه الأيام وهو ” اهمال العالم للبنان”.
ثانيا – يجب ان يحذر اللبنانيون من انتظار تسوية من الخارج لانها لن تكون الا في مصلحة الخارج وليست باي حال في مصلحة لبنان وتخدم ما يحتاجه بلد الارز من اصلاحات والوقوف امام مرآة الحقيقة لتجاوز ازمته.
ان ما يجب ان يدركه اللبنانيون هو ان الخارج يصنع تسوية في لبنان من أجل حل مشاكل الغرب أو الشرق مكان آخر…ولعل أكبر دليل، واخر دليل على ذلك، هو اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الذي جرى في لبنان وتم قبض ثمنه في العراق.
ثالثا – لان انتخاب رئيس الجمهورية عبر الجلسات المفتوحة وبالانتخاب اللبناني الحر؛ سيجعل كل القوى السياسية اللبنانية تتعاطى مع هذا الاستحقاق بمسؤولية؛ كونها سوف تحتسب خيارها بدقة خوفا من أن تخطو خطوة ناقصة تعود عليها بخسائر إستراتيجية داخلية وخارجية، اما اذا سقط عليها اسم فخامة الرئيس من الخارج؛ وضمن تسوية تضمن مصالحها الصغيرة ؛ فحينها ستدير ظهرها للحذر لأنها ستعتبر نفسها ليست مسؤولة عن تبعات هذا الخيار الذي تم اعتماده لأسباب خارجية، وتبنته دول القرار الدولي والاقليمي.
المصدر: الهديل