تصنيع سجائر لبنانية في الأردن… لماذا؟!
صدى وادي التيم – لبنانيات /
فتح خبر إطلاق شركة حصر التبغ والتنباك اللبنانية – الريجي، عملية تصنيع صنف السجائر «بيبلوس» (Byblos) بالتعاون مع شركة «بريتش اميركان توباكو» («بي إيه تي») – الأردن، النقاش عن صوابية هذه الخطوة في ظل الازمة الحالية، والسعي إلى تنمية القطاعات الانتاجية. السبب برأي منتقدي الاتفاق بين «الريجي» و»بي إيه تي» (التابعة لمجموعة «بي إيه تي» العالمية)، هو أنه حان الوقت لكسر إحتكار هذه الصناعة من قبل الدولة اللبنانية، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للإستثمار فيه.
كمقدمة لإعادة هيكلة القطاعات العامة وتلبية لمتطلبات بناء إقتصاد منتج. كون لبنان يمتلك كل المقومات المطلوبة لتحقيق النجاح في هذا القطاع، أي مواد أولية (زراعة التبغ) ويد عاملة رخيصة ووجود معامل.
وجهة النظر هذه قد تبدو منطقية، إستناداً إلى الارقام التي تمّ الافصاح عنها في حفل الاعلان عن إطلاق المنتج الاسبوع الماضي، بعد أن وقع الطرفان الاتفاق في آب 2022. فتصنيع منتجات «الريجي» في الاردن وتصديرها إلى لبنان للبيع في السوق المحلي، يعني أن (بي أي تي ) – الاردن، ستساهم في زيادة فرص العمل في منشآتها الانتاجية بنسبة 12 الى 15 بالمئة من اليد العاملة، وستدعم النمو الاقتصادي والتنمية في المملكة.
أما في لبنان، فصحيح أن «الريجي» تحقق أرباحاً للدولة، إلا أن الكثير من مزارعي التبغ في قرى الجنوب والبقاع وعكار، إستبدلوا هذا العام زراعة «شتلة الصمود» بالزعتر، لأن الاسعار التي تحددها «الريجي» لشراء محاصيلهم، لا تُغطي كلفة الانتاج.
ويشرح مصدر معني بهذا الملف لـ»نداء الوطن» أن «فتح باب الاستثمارات الخاصة في هذا القطاع، سيُنعش زراعة التبغ من جهة، وسيدّر مبالغ محترمة من «دولار الفريش» على خزينة الدولة. فحجم سوق التنباك في العالم سنوياً هو ما يزيد عن 2 مليار دولار، فلماذا لا يكون للبنان حصة في هذا السوق مثلاً».
إستثمار مؤقت
على ضفة الريجي يوضح عضو مجلس الإدارة، الامين العام لـ»الريجي» جورج حبيقة لـ»نداء الوطن» أن «توقيع الاتفاق بين الريجي وشركة توباكو خطوة ملفتة للنظر. وقد قامت بها الشركة لسببين، الاول هو إرتفاع الطلب أكثر مما كان سابقاً على منتجات الشركة، لكن بشكل إستثنائي». مشدداً على أنه «لا يمكن المراهنة على أن كلفة الانتاج ستبقى متدنية مقارنة مع الشركات الاخرى، لأن إنخفاض الكلفة سيتعدل لاحقاً ويرتفع تدريجياً. ولا يمكن القيام بإستثمارات بعشرات ملايين الدولارات، لتلبية الطلب الزائد والاستثنائي والمؤقت على إنتاج الشركة».
يضيف: «السبب الثاني هو حرصنا على توزع مراكز الإنتاج جغرافياً. ففي حرب 2006 وبسبب العدوان الإسرائيلي، توقفت معامل انتاج «الريجي» وكان الاستيراد يغطي 75 بالمئة من حاجة السوق المحلي (25 بالمئة كان يتم تصنيعه في لبنان)، ولذلك لم يحدث أي نقص في السوق. وخطواتنا الحالية هي لتجنب أي ظروف قاهرة يمكن أن تؤدي إلى وقف العمل في معمل الشركة».
يشدد حبيقة على ان «هذه الخطوة لن تؤثر على اليد العاملة اللبنانية، لأن المعمل يعمل 24 ساعة وعلى مدى7 أيام. أما إلغاء إحتكار التبغ فهو ليس إقتراحاً ناجعاً بالضرورة». مشيراً إلى أنه «في دول مثل فرنسا وإيطاليا وتركيا تمّ القيام بهذه الخطوة، لكنها لم تحقق أرباحاً للدولة بل إنخفضت الرسوم والضرائب في هذا القطاع بين 30 و 40 بالمئة. في حين أن الريجي «حققت للدولة منذ 1994 أرباحاً بقيمة 8 مليارات دولار».
مصانع مقفلة
على مقلب الصناعيين يقول الوزير السابق فادي عبود لـ»نداء الوطن»: «وجهة نظرنا هي أننا كنا رائدين في صناعة السجائر في المنطقة وكنا نصدر إلى دول عربية وأفريقية، لماذا نفقد هذا الدور ونلجأ إلى بلد آخر لكي نصنع سجائرنا، بدل أن نتفاوض مع الشركة الاميركية لكي تفتح مصنعاً في لبنان (وهل هذا الأمر ممنوع بسبب الاحتكار؟)».
يضيف: «أنا لا أؤمن بالاحتكار. لو يتم تحرير تصنيع التبغ والتنباك في لبنان ويُفتح السوق للإستثمار، يمكن للدولة أن تحقق الأرباح عبر الضرائب والرسوم على الشركات الجديدة». مشدداً على أن «هذا النوع من الاحتكارات لم يعد ملائماً لإقتصادات الدول في القرن 21 وهو مضر جداً للإقتصاد اللبناني.
كان الاجدر بـ»الريجي» أن تصنّع في لبنان بدلاً من الخارج، خصوصاً أن هناك مصانع مقفلة في البترون وبكفيا، لكنها مطمئنة إلى أن لا منافس لها وباتت أقرب إلى التنفيعة».
يوضح عبود: «المبدأ الاساسي لإعتراضنا، هو أن التجربة أثبتت أن الدولة ليست صالحة لإدارة «دكان» بسبب المحسوبيات والتدخلات السياسية.
«الريجي» التي تحتكر الانتاج هي عرضة لهذه المحسوبيات من دون أدنى شك».
ويختم: «كلفة الانتاج في الاردن ليست أقل من لبنان، سواء لجهة المواد الاولية أو اليد العاملة أو تسعيرة الطاقة.
فصناعة السجائر لا تتطلب إستخداماً كبيراً للكهرباء.
لكن عدم وجود المنافسة يمنع التقدم، وهذا النوع من الاحتكارات لا يجب أن يستمر وفي كل القطاعات».
المصدر: باسمة عطوي – نداء الوطن