مـحـقـقـون أوروبـيـون فـي بـيـروت: فـتـح غـرف لـبـنـان وأسـواقـه الـسـوداء
صدى وادي التيم-لبنانيات/
ينتظر لبنان زيارة الوفد القضائي الأوروبي الأسبوع المقبل. زيارة ستضع غالبية المؤسسات والقطاعات اللبنانية على المشرحة الدولية.
إنها موجة دولية جديدة للتدقيق والتحقيق في الكثير من الدعاوى القضائية التي رفعت بحق حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.
وهناك استشعار لبناني بأن هكذا “مهمة” قابلة للتوسع لتشمل قطاعات مختلفة. وهو ما ستسعى قوى لبنانية إلى إفشاله، هي ليست الموجة الأولى من قبيل هذه الهجمات.
في السابق، وتحديداً بعد تفجير مرفأ بيروت، شهد لبنان ما يشبه “الغزو الدولي” من قبل فرق أمنية ومحققين، للتحقيق في أسباب الانفجار. ولم تظهر أي حقائق إلى الآن. ولا أحد يعوّل على ظهورها.
العجز اللبناني الكبير
بعيد انفجار المرفأ، حطت في بيروت فرق أمنية من جنسيات مختلفة. جاءت فرق من قوات الطوارئ الدولية إلى بيروت، وحصلت ضغوط كثيرة لوضع المطار أيضاً تحت إشراف قوات اليونفيل. وهو ما لم ينجح أو يتحقق.
حالياً، يتعاطى بعض الأفرقاء السياسيين مع فريق التحقيق الأوروبي وكأنه مسّ بالسيادة، وبالتالي لا بد من صدّه ومنعه، والأكيد أن كثراً لا يريدون الغوص الدولي في غرف سوداء كثيرة، مالياً وإدارياً.
وبعيداً عن كل التفاصيل المتعلقة بهذا التحقيق، وما يقوله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أوساطه، بأنه يعمل على إعداد الملفات اللازمة لمواجهة المحققين ودحض كل الاتهامات.
إلا أن ما يجري يؤشر إلى آلية التعاطي الدولي مع لبنان، كدولة تعيش انهيار المؤسسات ولا تبدو راشدة على إدارة شؤونها ومواطنيها.
يمكن لهذا التحقيق أن يسدّ فراغاً سياسياً كبيراً في هذه المرحلة، بظل الانسداد الرئاسي، وانعدام القدرة على اجتراح تسوية قادرة على نقل البلاد من مرحلة إلى مرحلة جديدة.
ستثبت حركة المحققين العجز اللبناني الأكبر. وقد تفرض آلية تعاط مختلفة مع الوقائع اللبنانية. ولكن أيضاَ قد تصطدم بالكثير من العقبات، ولا تكون قادرة على تحقيق أي نقطة متقدمة بهذا الصدد.
إلا أن ذلك سيزيد من منسوب الشرخ بين اللبنانيين على ملفات سياسية، اقتصادية ومالية.
وهذه ستقود إلى الإمعان في الانهيار على وقع الافتراق السياسي البعيد. ما سيطيل أمد الأزمة، ويوسع من مجالات الانهيار، إلى أن تخرج قوى متعددة تشير إلى انتهاء مفاعيل النظام القائم وتطالب بتغييره كلياً.
من المال إلى السلاح
ومن أسباب معارضة غوص المحققين في أعمالهم، سيكون عدم تكريس واقعة تدخل قضائي دولي في ملفات داخلية، قد تبدأ بما يتعلق بمصرف لبنان وملفاته وأوراقه، والسياسات النقدية، ولا تقف عند حدود التحقيق اللاحق بملفات أمنية أو عسكرية.
وهذه مسألة تعتبر من المحرمات بالنسبة إلى حزب الله مثلاً، والذي يرى في ذلك محاولات دولية جديدة لتسجيل اختراقات على الساحة اللبنانية قد تستهدف لاحقاً بنية المقاومة وبيئتها.
كل ما يجري يدلّ على خلاصة واحدة، أن لبنان وفي انهياراته المتوالية، أصبح ساحة مشرعة الأبواب، على أسواق سوداء متعددة في العملة الصعبة، وفي الأدوية والمحروقات.
وهذا يتعلق بالجانب المالي والاجتماعي، برعاية سياسية واضحة لتكريس ما يسمى بتبييض الأموال، وفق منصة صيرفة.
كما أصبح بلا أبواب يمكن لأي كان الولوج إلى الداخل لفرض وصاية بأي شكل من الأشكال.
هذا بالتأكيد لن يقود إلى إنجاز أي حل اقتصادي أو تسوية سياسية، إنما قد يؤدي إلى تكريس منطق الجزر المتناحرة والمتنافرة…
على غرار ما يحصل من خلال تبني نظريات “الأمن الذاتي” أو تنامي البحث عن دراسات تتعلق بالفيدرالية أو التقسيم.
وهذه كلها تكرّس منطقاً واحداً أو مساراً واضحاً يترك البلاد لمصيرها المحتوم، وهو الانهيار الشامل.. بغية إعادة تركيبه من جديد. وهذا أمر سيطول جداً.
المصدر:مـنـيـر الـربـيـع – الـمـدن