2022: عام الطاقة الشمسية.. آخر حلول اللبنانيين
“في ظلّ الانقطاع المستمرّ في التيار الكهربائي، يمكن إطلاق تسمية «عام الطاقة الشمسية» على عام 2022. فقد استورد اللبنانيون، لا لبنان الدولة، ألواحاً كافية لتوليد ما يقارب 2000 ميغاواط، ما كان سيسدّ جزءاً لا يُستهان به من حاجته إلى الطاقة في حال لم يكن هذا الحلّ فردياً، بل على مستوى الدولة.
وارتفع حجم استيراد ألواح الطاقة الشمسية المخصّصة لتوليد الكهرباء من 3 ملايين دولار خلال عام 2020، إلى أكثر من 407 ملايين دولار خلال عام 2022 بحسب إحصاءات الجمارك، أي أنّه خلال سنتين فقط تضاعف حجم الاستيراد 135 مرة، وفي سنةٍ واحدةٍ فقط دخل لبنان حوالي 82 ألف طن من الألواح، من دون حساب البطاريات والأجهزة المرافقة. الرقم لن يبقى مُستغرَباً بعد نظرة واحدة في اتجاه أسطح الأبنية، حيث تتراصف الألواح الشمسية، ويكاد لا يخلو سطح منها، وهذا المشهد ذاته يتكرّر على السّواء في العاصمة والمدن الرئيسية وفي القرى، إذ استورد اللبنانيون، ألواحاً كافية لتوليد ما يقارب 2000 ميغاواط من الطاقة.
وما جرى كان نتيجة لاستقالة الدولة تماماً، وانهيار التيار الكهربائي الرسمي الذي انقطع لشهور في بعض المناطق مثل بعلبك، فيما يأتي لمدّة لا تتخطّى السّاعة في بعض المدن المحظية على شكل تذكير، وكأنّ الهدف منه أن لا ننسى وجود الدولة. ساهم أيضاً في «انفجار الألواح» انقطاع المازوت خلال الصيف الماضي، ما أدّى إلى خنق الناس أكثر، مع انخفاض ساعات الكهرباء الآتية من مولّدات الكهرباء في الأحياء إلى الحدّ الأدنى، والدولرة الشاملة في فواتيرها، فكان تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء هو الحلّ الوحيد للصمود.
تبدأ تكلفة تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في البيوت من 2500 دولار، ولكن من دون أن يكون هناك سقف للأسعار، فـ«هناك مشاريع وصلت تكلفتها إلى 60 ألف دولار، خاصة في المنازل الفخمة والقصور» بحسب صاحب شركة أدوات طاقة شمسية.
يُقسّم عام 2022 على مستوى تركيب الأنظمة إلى جزءين، «ما قبل الصيف وما بعده، خلال الفترة الأولى كان الطلب كبيراً جداً» وفق هيثم وهبة صاحب شركة في بيروت، ولم تمنع الأسعار المدولرة بشكل كامل الناس من التركيب، أو أقلّه «لمن استطاع إلى الطاقة الشمسية سبيلاً من أصحاب الكاش» بحسب وهبة. أما في الجزء الثاني من السّنة، فيشير وهبة إلى «انخفاض الطلب بشكل كبير»، ويعزو السّبب في ذلك إلى «عدم وجود العملة الأجنبية مع من تبقّى من الناس»، بالإضافة إلى «الحل الجزئي للكهرباء مع عودة التيار من الاشتراكات في الأحياء، الأمر الذي يدفع الناس للتروي في التركيب».
هذا ويسجّل عام 2022 انخفاضاً في أسعار أنظمة الطاقة وتكاليف تركيبها، فخلال موسم الذروة بين شهرَي آذار وحزيران وصل سعر الواط الواحد إلى 45 سنتاً (تُشترى الألواح بناءً على سعر الواط وكمية الطاقة التي تولّدها، مثلاً لوح الـ500 واط يبلغ سعره 200 دولار على سعر 45 سنتاً للواط)، أما اليوم فيصل سعر الواط إلى 26 سنتاً، كما تدنّت أسعار الحديد الخاص بالهياكل لتركيب الألواح من 20 دولاراً للقضيب إلى 13 دولاراً. ويرجع هذا الهبوط في الأسعار بحسب أحد العاملين إلى أمرين، الأول «إغراق السّوق بالمواد من قبل التجار، فالشّح مطلع العام دفعهم لطلب كميات كبيرة من البضاعة وصلت في النصف الثاني من السّنة»، والثاني «انخفاض بدلات الشحن، وانخفاض الطلب على التركيب»، ويشير إلى أنّ «الأعمال انخفضت لدرجة تحوّل البعض إلى أعمال أخرى مثل تركيب سخانات مياه على الغاز»، وهذه المهنة رائجة بين العاملين في حقل تركيب الطاقة الشمسية لأنّ الناس أول ما يسألون عنه «تشغيل سخانات المياه على الطاقة الشمسية»، وهو أمر مستبعد في حال كان النظام صغيراً.
لا تختلف صورة استيراد البطاريات خلال العام الجاري عن تلك الخاصة بالألواح، إذ دخلت إلى لبنان سنة 2022 بطاريات بقيمة وصلت إلى 44 مليون دولار، وبالمقارنة مع عام 2021 ارتفع الاستيراد بنسبة 440% بعدما لم تكن قيمته تتخطّى الـ10 ملايين دولار، بحسب إحصاءات الجمارك. ومن بين هذه البطاريات تبرز «بطارية الليثيوم» التي دخلت على خط الطاقة الشمسية بقوة، واستورد منها لبنان خلال عام 2022 أكثر من 1000 طن، بقيمة تناهز الـ12 مليون دولار، بعدما كانت الكمية المستوردة سنة 2020 تساوي 9 أطنان فقط، بقيمة لا تتجاوز الـ300 ألف دولار.
وتبرز مشكلة دخول هذه الكميّات الضخمة من البطاريات خلال السّنوات السّابقة لسنة 2022 في تصدير لبنان خلال العام الجاري 22 ألف طن من خردة رصاص، أو الرصاص الخام تناهز قيمتها الـ49 مليون دولار، وفقاً لإحصاءات الجمارك، وهي بالطبع ليست مستخرَجة من المناجم اللبنانية، بل من البطاريات المستعملة، التي يتمّ شراؤها من قبل ورش الخردة بـ«80 سنتاً لكل كيلو»، ومن ثمّ يتخلّص العمال من الأسيد الموجود فيها في المجاري أو الأرض، ما سيؤدي إلى دخول عنصر الرصاص في مياه الصرف الصحي التي تتجه نحو الأنهار والبحر، ومن بعدها يكسر الغلاف البلاستيكي للبطارية تمهيداً لفصل خام الرصاص وإعادة تصديره.