أمن المجتمع المسيحي… الأشرفية أول الغيث!
صدى وادي التيم – لبنانيات /
يواصل الفراغ تسلّله الى عمق مؤسسات الدولة، وتساهم الخلافات السياسية “المقصودة” من قبل الاطراف في تسريع وتيرة الانهيار لتتلاءم مع مصالح القوى الحزبية التي تتناقض مبادئها مع مبادئ الدولة كمؤسسة ضامنة للجميع.
ومع استنزاف الدور الكبير للاجهزة الامنية المناط بها حفظ ما تبقى من أمن المواطنين، وفي ظل التفلت الحاصل في المناطق من سرقات وتعديات على أملاك خاصة وعامة وتفعيل دور الجرائم المنظمة في أكثر من نطاق، برز مجددا دور الشركات الامنية الخاصة وسط حديث عن توسع مهامها التي كانت تقتصر قبل الازمة بحماية نقل الاموال أو حراسة المشاريع والمؤسسات والمصارف بصلاحيات محدودة تنتهي عند الاتصال بالقوى الامنية وحضورها. اليوم لا يقتصر دور تلك الشركات على الامور اللوجستية بل باتت أقرب الى تلك التي انتشرت في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وغالبية تلك الشركات كانت مملوكة لأجهزة امنية خارجية ولعل ابرزها شركة “بلاك ووتر” التي تعاقدت مع محاربين أميركيين متقاعدين اضافة الى حراس أمنيين عراقيين تختصر مهمتهم على أمور ادارية ولوجستية.
في لبنان أثار انتشار خبر الحراسة الليلية في الأشرفية بمبادرات من قبل بعض القوى السياسية في المنطقة، حفيظة الاجهزة الامنية ومرجعياتها السياسية التي طرحت أكثر من سؤال حول توقيت هذا الاعلان والخلفيات منه، لاسيما وأنه يأتي في ظل تدهور الامن وانتشار ظاهرة “التشليح” ومشتقاتها من اعتداءات وسرقات وغيرها من الجرائم، فشنّ محور حزب
الله هجوما اعلاميا عنيفا على هذا الامر واعتبره خروجا عن الدولة لفرض واقع جديد للأمن الذاتي.
تؤكد أوساط نيابية مسيحية لـ “ليبانون فايلز” أن تجربة الأشرفية تأتي في اطار الحراسة الضيقة التي تقتصر على مواجهة النشالين وكل من يسعى الى الاخلال في الامن في المنطقة، لافتة الى أن الاجهزة الامنية على اطلاع دائم بتحرك معظم العناصر المولجة حماية الأحياء، كما أن أي مخلّ بالامن يتم القاء القبض عليه سيُسلّم بشكل مباشر الى الاجهزة الامنية لمعاقبته بموجب القانون.
وتكشف الاوساط عن توسّع نطاق التجربة في الأشرفية وتحديدا في مناطق متنية وكسروانية بعد أن تخطت السرقات الخطوط الحمراء، حيث بتنا نشهد جرائم شبه يومية من قبل مجموعات غالبيتها من الجنسيات اللبنانية والسورية وبعضها من خارج المنطقة.
ولا تخفي الاوساط فكرة تنشيط دور الشركات الامنية في لبنان لاسيما في ظل هذه الاوضاع التي تزداد سوء، مشيرة الى أن البعض من هذه الشركات بدأ فعلا التعاقد مع عناصر حماية بتدريب عال وقادر على تنفيذ مهمات أبعد من القبض على سارق، لاسيما وأن الامور تتدحرج بشكل سريع نحو الفلتان الامني ان لم تبادر القوى الخارجية الى توافق على تسوية سياسية تُعيد انتظام العمل المؤسساتي في الدولة. وتستغرب الاوساط خروج بعض اصوات الاعتراض لاسيما من قبل البيئة المحيطة بالحزب وهي التي طبقت الامن الذاتي في مناطقها خلافا للمناطق الأخرى المحافظة على دور الدولة وتساعد القوى الامنية وتعمل تحت اشرافها، أما في بعض مناطق الضاحية فالأدوار معكوسة حيث تنتشر عناصر الانضباط من قبل الحزب في أكثر من مكان كما أن الصرخة علت في الآونة الاخيرة من قبل المواطنين المؤيدين للحزب والذين يدفعون الخوات لعناصر أمنية تستغل الدور المنوط بها من قبل مرجعيتها الحزبية.
في الشارع المسيحي ثمة شريحة لا يُستهان بها تطالب بالحماية الذاتية داخل الاحياء والتنسيق بين منطقة وأخرى. واللافت ايضا أن الرافعات التي وُضعت قبل سنوات في كسروان والمتن عقب تنامي ظاهرة وجود العناصر الارهابية، عادت ونشطت هذه الايام حيث يُقفل الشارع عند ساعة محددة من الوقت ليُفتح صباح اليوم التالي ولكن هذه المرة عبر عناصر أمنية مدنية تابعة لشركات الحماية الخاصة، فيما تُعاني البلديات من نقص في صفوف عناصر الشرطة الذين وجدوا في رواتب الشركات الخاصة التي انتقلوا اليها، منفعة أكبر من رواتبهم بالليرة اللبنانية.