الفنُّ اللبناني يمسح ُدمعة المآقي.. بقلم “سلام اللحام”
صدى وادي التيم-لبنانيات/
لقد غادر مسرح الحياة من لمعَ اسمه عاليًا في عالم الفلكلور اللبنانيّ والمسرح الإستعراضي الغنائي، إنّه الحارس الأمين للنّغم الأصيل الذي سعى طوال حياته إلى إحياء التراث اللبنانيّ وتطويره وتقديمه إلى الجمهور عبر عروضٍ مسرحيّة ورقصاتٍ موسيقيّة فلكلوريّة ما زالت راسخةً في ذاكرة الوطن، حيث أبى أن يغادر سفينته إلاّ في ذكرى الاستقلال، لترتسمَ دمعةٌ حزينةٌ على وجنة الثّقافة اللبنانية وعلى جبين الفنّ اللبناني برحيل عملاق المسرح اللبناني روميو لحود.
اكتشفَ روميو لحود حبَه للموسيقى على خشبة مسرح مدرسة القديس يوسف في عينطورة، لينال بعدها إجازته في الهندسة المعماريّة من فرنسا، والسينوغرافيا وجماليّات خشبة المسرح من إيطاليا، حيثُ ميّزهُ الله بموهبة الكتابة والتّلحين والإنتاج والإخراج، فدخل عالم الإبداع في الخامسة والعشرين من عمره، حينَ بدأ كمنتج يستقدم نجومًا فرنسيّين كبارًا قدّموا عروضهم على مسارح اليونسكو و”كازينو لبنان”. ثمّ تعاقد مع مهرجانات بعلبك الدوليّة كمخرج، حيث قدّم “الشلال” مع صباح. بعدها أطلق أوّل مسرح موسيقيّ دائم مع ثلاث مسرحيّات غنائيّة متتالية: موّال وميجانا وعتابا. وأسّس الفرقة الفولكلوريّة الليبيّة، ومهرجان بيبلوس الدولي، ومسرح “الإليزيه” في الأشرفيّة، ومسرح “فينيسيا” ومسرح الفنون في جونيه. وكان أوّل لبنانيّ عربيّ يقدّم عروضًا على مسرح “الأولمبيا” في باريس، وعلى “مسرح الفنون الجميلة” في بروكسل وغيرها من المسارح العالميّة.”
ترك روميو لحّود للأجيال القادمة إرثًا عريقًا تجسّد بأكثر من ثلاثين مسرحيّة غنائيّة مع نخبة من نجوم الغناء والرقص والمسرح اللبنانيّ أبرزهم الشحرورة صباح إيلي شويري سلوى القطريب سمير يزبك عصام رجّي جوزيف عازار مجدلا جورجينا رزق ملحم بركات أنطوان كرباج وسواهم من الذين رفعوا معه عاليًا إسم لبنان ومجده. ونال أوسمة تكريميّة عدة من المحافل الدّولية تكريمًا لفنّه وعطائه.
تميّز روميو لحود بتواضعه وإنسانيته ووطنيّته، حيث كان يؤكد خلال أحاديثه الإذاعيّة أنّه لا يسامح أو يساوم في مسألة الوطن والحفاظ عليه ويقول:” إذا لم يعد هناك أحزاب وحراك سياسي نفقد العمل الوطني، وأهم مشروع للدّولة يجب أن يكون ضمان الشيخوخة إحترامًا للمسنّين الذين ربّوا وعلّموا أجيالاً متتالية”.
وخلال حديث إذاعي لي معه بتاريخ 6/9/2014 عاد روميو لحود بالذاكرة إلى الوراء، فأكد أنّه بعد مسرحيّة “حكاية أمل”، سافر إلى باريس وقرّر حينها عدم العودة إلى لبنان بسبب الحرب والأوضاع المزرية، لكنّ صديقي هنري زغيب طلب منّي أن أعود إليه، وكان يهاتفني كلّ يوم ويشجّعني على الرجوع، وبالفعل عدتُ وقدّمتُ مسرحيّة “الحلم الثالث”.
وعن قساوة الأيام اعتبر روميو لحود أنّ أقسى شيء في هذه الحياة هو غياب الأحبّة، فأنا خسرتُ زوجتي في السيتينيّات ولكن بناتي عوّضْنني، وكل إنسان بيخلق ليموت وفارقني كثير أحبّة والعاطفة ما بتروح، وإذا الإنسان حبّ من كل قلبو بيضلّ يحب.
ونحنُ سنظل نحبّك ونفتقدك إنسانًا متواضعًا، ورائداً من روّاد المسرح اللبناني العريق.