سخانات المياه بالغاز تغزو بيوت اللبنانيين: حل توفيري أم كلفة أكبر؟!

صدى وادي التيم-لبنانيات/

“تقلصت خيارات اللبنانيين في العاصمة بيروت لتأمين الكهرباء والحصول على الطاقة، خصوصاً بعدما فرض أصحاب المولدات التسعيرة بالدولار الأميركي، ما جعل الكثير من المواطنين غير قادرين على تسديد هذه الفواتير، وبالتالي فهم يواجهون اليوم، تحديات عديدة من أجل التدفئة عموماً، والحصول على الماء الساخن بشكل خاص.

تقنين الكهرباء
اتجهت نسرين قبرصلي، أم لثلاثة أطفال، إلى خيار “قديم جديد” للحصول على الماء الساخن، إذ عمدت إلى تركيب سخان يعمل على الغاز. وهو نموذج كان سائداً في لبنان خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. تقول لـ”المدن”: “بعدما باتت تسعيرة اشتراك المولد بالدولار الأميركي باهظة، اضطررت في فصل الصيف إلى خفض التغذية من 10 إلى 5 أمبيرات. لكن المشكلة إن هذه الأمبيرات الخمس، ليست قادرة على تشغيل سخان الماء”. تضيف “في فصل الصيف، تدبرنا الأمر بالماء البارد، ولكن لم يعد الأمر محتملاً مع تغير درجات الحرارة، ولذا لم يكن أمامي سوى تركيب سخان الغاز، الذي كان سائداً لدى عائلتي في ثمانينيات القرن الماضي”.

في الأعوام السابقة، لم يكن الحصول على الماء الساخن في فصل الشتاء، أو التدفئة عموماً أمراً صعباً، إذ لم يشهد لبنان غياباً تاماً للتيار الكهربائي، على عكس ما يحصل في لبنان خلال هذه الفترة، كما ارتفاع تسعيرة الاشتراك لأكثر من 200 دولار للحصول على 10 أمبيرات، بهدف تشغيل السخان، جعلت المواطنين أمام أزمة حقيقة.

ولذا، بدأ العديد من المواطنين البحث عن بدائل للحصول على الماء الساخن، فكانت خياراتهم إما تسخين الماء بشكل تقليدي على الغاز، أو التوجه لتركيب سخانات يدوية يمكن ربطها بقوارير الغاز، وهي الأداة الأكثر شيوعاً في المرحلة الراهنة.

انتعاش السوق
ارتفع الطلب على سخانات الماء العاملة بالغاز في المحال التجارية اللبنانية، وتحديداً منذ أواخر شهر آب الماضي، حسب ما يؤكده وليد عيتاني، صاحب مؤسسة عيتاني لبيع سخانات الماء. يقول لـ”المدن”: زاد الطلب على هذه السخانات، بمعدل الضعف تقريباً مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بمعدل عام، تبيع مؤسسة عيتاني ما لا يقل عن 120 سخاناً أسبوعياً، وهو رقم مرتفع مقارنة مع الأزمة الراهنة.

هذا الإقبال، حسب عيتاني، يعود سببه إلى الميزات التي يوفرها هذا النوع من السخانات، وأهمها الحصول على الماء الساخن بشكل فوري وسريع، إذ لا يحتاج إلى تغيير في البنى التحتية للمنازل، فقط يحتاج إلى تقني لتركيب إمدادات الماء، ومن ثم ربطه بقارورة الغاز.

وهناك طريقتان لتشغيل السخان، إذ يمكن تشغيله إما عبر وصله ببطارية كهربائية، بالتالي الحصول على الماء الساخن تلقائياً بمجرد فتحها، أو من خلال، استخدام “قداحة ” خاصة، وبالتالي الحصول على الماء الساخن، عند تشغيل السخان نفسه.

تتميز هذه السخانات بكونها مزودة بخاصية التحكم في درجة الحرارة وضغط المياه، وأيضاً تحتوي على اشعال ذاتي يعمل تلقائياً مع تشغيل المياه.

تتوفر سخانات الغاز بالأسواق اللبنانية بسعة لترية تتراوح مابين 5 و10 ليترات ماء، بمواصفات ومميزات تختلف حسب العلامة التجارية، وهناك نوعان من السخانات، الأول ذو منشأ صيني، وهو عملياً ارخص من السخانات الألمانية. تتراوح الأسعار مابين 150 دولاراً (نحو 6 ملايين ليرة) للسخانات الصينية ذات سعة 10 ليتر، وترتفع إلى أكثر من 300 دولار (12 مليون ليرة تقريباً) بالنسبة إلى السخانات الألمانية. حسب عيتاني، فإن الإقبال حالياً على السخانات الصينية بسبب أسعارها الرخيصة مقارنة مع الأنواع الأوروبية.

معيار الأمان
يثير تركيب سخان ماء يعمل بالغاز مخاوف عديدة، تتعلق بمعايير السلامة العامة، خصوصاً وأن معظم هذه السخانات لا تحتوي على مدخنة، ما يعني ارتفاع المخاطر من جراء حصول أي حوادث في المنازل.

وفق عيتاني، فإن الشركات الصينية أو الألمانية تسعى إلى تأمين معايير الجودة الخاصة بالأمان، من خلال وضع عيارات وأنظمة أمان، تساعد في إطفاء السخان بشكل تلقائي في حال حصول أي خلل، أو تسريب في الغاز. وينصح دائماً عيتاني زبائنه بضرورة تركيب السخانات في أماكن مفتوحة نسبياً، ولا يحبذ وضعه في الحمام مباشرة، لأن الغازات السامة التي يطلقها السخان قد تؤثر على صحة من يستنشقها.

تتقلص في العاصمة بيروت الخيارات أمام المواطنين للحصول على التيار الكهربائي، لأسباب عديدة، من أبرزها أن طبيعة الحياة في العاصمة تختلف عن مناطق أخرى، قد وجدت حلولاً بديلة للحصول على الكهرباء. يقول أنطوان الغانم لـ”المدن”: لم أتمكن من تركيب ألواح شمسية في المبنى السكني الذي أعيش فيه، نظراً للخلافات بين ملاك الشقق ومستأجريها، وكما أن الأسعار الخيالية التي فرضها أصحاب المولدات، والتي تناهز الحد الأدنى للأجور بأضعاف، قلصت أمامي الخيارات”.

يضيف، “حاولنا استخدام الطرق التقليدية القديمة لتسخين الماء باستخدام الطناجر على الغاز، لكن الفكرة لم تنجح في ظل وجود الأطفال والخوف من إمكانية حصول أي حوادث تتعلق بالسلامة العامة، ولذا، لم يكن أمامي سوى شراء سخان يعمل بالغاز، بسعر ناهز 8 ملايين ليرة، مع تكلفة شهرية قد تصل إلى 900 ألف ليرة، ثمن قارورة الغاز، وهي تكلفة ليست بالبسيطة، لكن لا حلول أمامنا”.

لا يتوقع كل من الغانم أو قبرصلي أن ينعما خلال فصل الشتاء بكهرباء الدولة، على الرغم من خطط الوزارة لتأمين التيار ما بين 8 إلى 10 ساعات. تقول قبرصلي “حتى مع تأمين الكهرباء، فإن التعرفة التي تتحدث عنها الوزارة، مرتفعة جداً ولا تتناسب ومداخيل فئات عديدة من اللبنانيين”.

المصدر:بلقيس عبد الرضا-المدن

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!