سيدة من الخيام تُضرَب وتُسرَق في الأوزاعي
سيدة من الخيام تُضرَب وتُسرَق في الأوزاعي/ نادين خزعل/ خاص شبكة الزهراني الإخبارية.
ظهر يوم الجمعة الفائت، شعرت الأمّ الثمانينية بأوجاع في مفاصلها..إستلقت قليلاً، لكن الوجع إزداد..
غداً يأتي أولادها لزيارتها…
هل تنتظر قدومهم ليصطحبوها إلى الطبيب؟
” الله يرضى عليهن ما بيقصروا معي بس ما بحبّ عذبهن”، لسان حالها…
تحاملت على الوجع، إرتدت ملابسها، نظرت إلى صورة زوجها المعلقة على الجدار ودمعت للخط الأسود الذي يقطع الصورة: الله يرحمك… وغادرت بإتجاه الطبيب.
وصف لها الطبيب دواء جديداً، أخبرها أن لا تبذل جهداً، وطمأنها أن لا شي يستدعي القلق..
غادرت، وقفت في الطريق تنتظر سيارة أجرة..
-الأوزاعي؟
-إي تفضلي..
-الله يرضى عليك يا إبني، نزّلني بالشارع التحتاني، مفرق الميامي، عرفتو؟
-اي يا حجة عرفتو..
-الله يرضى عليك..
وسرحت فاطمة في نظرها خارج شباك السيارة، تسترجع ذاكرتها صور الأبناء والأحفاد..ضحكت في سرها، غداً ستعاتبها إبنتها لأنها ذهبت إلى الطبيب وحدها ..
إبتسمت بفخر..86 عاماً وما زالت قوية و”ست الصبايا”..
هذه الصور في مخيلة فاطمة لم تجعلها ترى الأفكار الشيطانية الواردة في مخيلة سائق الأجرة العشريني..
كان بخبث وحقد ينظر إلى المحبس الذهبي الذي يتوسط إصبعها والإسوارة الظاهرة من طرف كمّ “عباءتها”..
راح سريعاً يخطط لسرقة حليّها..
أغواه الشيطان، إنحرف بالسيارة إلى طريق فرعي في منطقة الأوزاعي، نظر إلى الطريق، رآها خالية، عاجل السيدة بإمساكة خاطفة بيدها..
” عطيني المحبس والإسوارة..”
رفضت وقاومت..
ما لبث أن إكتشف أن كمّ العباءة يخبئ ثروة أكبر، تحسس قطعاً ذهبية جديدة، رفع الكم، 7 مباريم ذهبية..
الغلة إذاً ثمينة..
إستلّ مسدسه، شهره بوجه فاطمة، إنقض عليها، كف حركتها بقدميه، راحت تستغيثه، قاومته قدر ما تستطيع، “ما تاخدلي علامتي..معي مصاري بعطيك..بس تركلي علامة الحاج..”
لم يصغِ، غرز أظافره بيدها، إنهال عليها بالضرب، لكماً، خنقاً، خارت قواها، أخذ كل الحلي والمحفظة، فتح باب السيارة ورماها خارجاً وغادر كأنّ شيئاً لم يكن..
بعد دقائق صودف مرور شخص بالمكان، سمع صراخ فاطمة وإستغاثتها، ساعدها على النهوض، نادى بعض الأشخاص، إصطحبوها إلى أحد المخافر ، كانت الدموع تملأ تجاعيد وجهها، بحرقة بغصّة كانت تبكي..
أخبرت العناصر الأمنية ما حصل معها..
الموجع أنهم ضحكوا..وقالوا لها : متلك متايل..الحمد الله عالسلامة..وشو بدك بوجعة هالراس وفتح المحضر..
لم تجب، جرت أذيال الخيبة وغادرت..
لا تحزني يا أمّاه…
في هذا الوطن هكذا نحن…
السارق محمي لأن الدولة غائبة ومغيبة..
حق القوة غلب قوة الحق..
والسارقون والقتلة غلبوا السلطة والقانون…
إستُسلِم لهم..
شريعة الغاب سادت..
تبكي فاطمة لأن هذا ” الأزعر” سرق لها ما حافظت عليه طوال سبعين عاماً…
تزوجت في سن السادسة عشرة..
وكانت هذه الحلي “علامتها”..
رافقتها في كل مراحل حياتها…
حزنها ليس على الخمسة عشرة الف دولار قيمة الحلي، فالذكريات لا ثمن لها…
هذه حكاية فاطمة…
وتتشابه حكايات أخرى على طرقات لبنان المشرّعة للمتفلّتين والخارجين عن القانون دون حسيب أو رقيب..
وطبعاً الزعماء والمسؤولون بعكس كلّ القواعد: إسمٌ غائب خبره كانَ……