ما لا تعرفه عن محافظة السويداء

صدى وادي التيم-أخبار العالم العربي/
جبل الدروز:
يقع هذا الجبل في الناحية الجنوبيّة من سوريا، يحدّه من الغرب سهل حوران الفسيح، ومن الجنوب سهول شرقي الأردن، ومن الشمال يتّصل بغوطة دمشق، ومن الشرق بادية الشام وهي كتلة بيضويّة الشكل من التلال البركانيّة، تتطاول من الشمال الى الجنوب. مساحته المعمورة تبلغ 6,550كيلومترًا مربّعًا وعدد سكّانه ما يقارب 770,000 ألف نسمة. معظم سكانه من الدروز أقليّة من الروم الأرثودوكس. يبلغ عدد القرى التابعة لمحافظة السويداء حوالي 96 قرية. من الجهة الجنوبية 27 قرية وأكبرها صلخد (تعدّ مدينة)، أمّا من الناحية الشمالية فهنالك 25 قرية وأكبرها مدينة شهبا، من الجهة الشرقيّة 13 القرية وأكبرها قرية المشنف، ومن الغرب فهنالك 31 قرية وأكبرها قرية السجن.
تسميته:
أول الأسماء التي على هذا الجبل، كان اسم “جبل باشان” كما ورد في التوراة وفي الكتابات الآرامية. وباشان تعني الأرض الخصبة. كان الجبل موطنًا لحضارات كثيرة مثل الأشوريين، البابليين، الفرس والأنباط والغساسنة. وخضع لحكم الأمويين، العباسيين، السلاجقة، الأيوبيين، المماليك والعثمانيين.
أسماء الجبل:
ترايهونيتيد او تراخونيتيد: تسمية إغريقيّة تعني بلاد الحجارة.
جيرا نواي: تسمية آشورية معناها الأراضي المجوّفة.
اورانتيد او اورانتيس: تسمية رومانيّة تعني بلاد المغر.
املدا نوس: تسمية رومانيّة تعني بلاد الخصب والمياه.
الريّان: تسمية عربية لوفرة أشجاره وخصوبة تربته وكثرة مياهه (العصر الأموي والعصر العباسي).
البتينه: تسمية عربية تعني الأرض السهلة ذات الرمال اللينة والتربة الخصبة. وهذه الكلمة هي تحريف للكلمة الآرامية “باشان” (أقدم أسماء المنطقة) حيث عربها العرب إلى البتينه.
جبل حوران: من أشهر أسماء الجبل. ويُعتقد أن مصدر الكلمة من اللغة العبرية وتعني الكهوف والمغر. إلّا أن الكلمة ذُكرت في كتاب التوراة- يحزكل. وحوران تُطلق على السهل والجبل، وهي منطقة واسعة تمتدّ من جبل الشيخ شمالا إلى جبل عجلون وجلعاد جنوبا وإلى بحيرة طبريا.
الطلّ: وهي تسمية عربيّة تحفظها كافة عشائر بلاد الشام والجزيرة العربية، وجاءت هذه التسمية لأنه يشرف على كافّة الجهات. والسبب الآخر لأن الندى لا يفارقه إلا قليلا، يكثّف بخار الماء القادم مع هواء فتحة الجولان بسبب ارتفاعه ممّا يؤدي لسقوط كميات كبيره من الأمطار.
الضلع: تسمية عربية لأنه يشكّل ضلعًا بين البادية والمعمورة.
الجبل الأسود: تسمية أطلقها بعض الكُتّاب المعاصرين لكثرة الحجارة البركانية السوداء.
جبل الدروز: تسمية عنصريّة استعماريّة. وردت لأول مرّة في برقيّة من مدحت باشا إلى الباب العالي عام 1878. أصدر كاتبان فرنسيان عام 1901 كتاباً بعنوان “رحلة أثريّة إلى الصفا وجبل الدروز” حيث أشاروا إلى أن التسمية أُطلقت على الجبل على إثر الهجرة الكثيفة للدروز عام 1860 من جبل لبنان، بدلًا من اسم جبل حوران. وعندما قسم الانتداب الفرنسي المنطقة إلى دويلات، تمّ ترسيخ التسمية وكانت دولة جبل الدروز التي أُعلن عن إقامتها في تاريخ 5/4/1921 وتمّ انتخاب الأمير سليم الأطرش حاكمًا عليها في 1/5/1921 لتصبح مستقلّة نهائيًّا.
جبل العرب: بعد إصدار العفو عن الثوّار في أيّار 1937 أُقيم في عمّان حفل وداع للثوّار وقائدهم سلطان باشا الأطرش. وأثناء الحفل استهلّ الخطاب العلّامة عجاج نويهض مخاطباً القائد العام ورفاقه: “أنتم الآن عائدون إلى جبل الدروز لا بل إلى جبل العرب”.. وقف القائد العامّ وقال: “نعم هذا هو الاسم الذي نريده، وهو الذي يجب أن يُسمّى به الجبل”. واستمرّت التسمية حتّى الآن مرادفه لما يعرف اليوم بمحافظة السويداء. وكان من ضمن ذلك ضمّ منطقة الجبل إلى الدولة السوريّة.
اللجاة: أطلق عليها هذا الاسم كونها ملجأ لشعوب كثيرة احتمت بها عبر التاريخ. وقد شكّلت مقبرة لجيوش الأتراك وألحقت الخسائر وهزيمة لجيش إبراهيم باشا، وعلى أراضيها ذاق الفرنسيّون الهزيمة تلو الأخرى.
السويداء:
أمّا كلمة السويداء فهي تصغير لكلمة سوداء، وهي بلاط ملوك بني غسان ذات الأحجار السوداء، وعاصمة جبل الدروز حاليًّا. أمّا مصدر فعلها- ساد- ومعناه شرف ومجد. ويقال سويداء القلب أي وسطه. كانت تدعى أيّام الرومان “ديونيسيوس” وسميت أيضًا بلدة “مكسيميانوبوليس” وأصل التسمية جاءت من موقعها الجغرافي، لأنها تتوّسط الجبل فهي بمثابة سويداء القلب أي مركزه ونواته. بُنيت على منحدر يأخذ شكل تلّة واسعة أو هضبة بركانيّة صغيرة متموّجة، تمرّ بها أودية سيليّة من وسطها، جنوبها وشمالها. وهي المدينة المركزيّة في محافظة السويداء، وتُعتبر أكبر وحدة إداريّة في سوريا. مدينة السويداء تبعد عن العاصمة السوريّة دمشق ما يقارب 100 كم جنوبًا، وعلى خط متوازٍ شرقًا لمدينة حيفا ما يقارب 180 كم. عدد سكّانها ما يقارب 140 ألف شخص. مناخها معتدل صيفًا (28درجه مئوية) وبارد جدا في الشتاء، ترتفع عن سطح البحر 1025 مترًا. تربتها حمراء داكنة غنيّة بالمعادن والحديد وتصلح جدًّا للزراعة. ويقول الشاعر:
ترى السويداء غربًا في رزانتها قامت على هضبة البركان بركانا
محافظة السويداء تُقسم إلى ثلاث مناطق إداريّة:
1- منطقة السويداء: ويتبع لها ناحية المنشف وناحية السجن
2- منطقة صلخد: يتبع لها “ناحية ملح، ناحية القريا، وناحية ذيبين
3- منطقة شهبا: يتبع لها ناحية شقا وناحية عريقة.
الاستيطان الدرزي في الجبل:
لقد استوطن الإنسان في هذه المنطقة منذ أقدم العصور، إلّا أنّه لم يعثر على آثار من عهد الأكاديين والبابليين، والأشوريين، والفراعنة، والفرس. أمّا اليونانيون (333 ق.م. – 88 ق.م.) والرومان فقد خلّدت آثارهم التي لا تزال إلى اليوم. فقد وُجدت الأدوات الصُّوّانية وصور للمحاربين مع رماحهم في مناطق مختلفة من محافظة السويداء. ومعابد كمعبد حبران ومعبد إله الشمس(هيليوبوليس) ومعبد الإلة زيوس (سيد السماوات) ومعابد أخرى كثيره في معظم قرى الجبل. فقد بنى اليونانيّون المعابد، وحفروا خزّانات للمياه، وحصّنوا المدن وبنوا الأبراج والقلاع وفتحوا الطرق بين القرى. أمّا الأنباط (88 ق.م.- 106م.) الذين ورثوا الحضارة اليونانيّة، فآثارهم العمرانيّة لا زالت قائمة في السويداء وقنوات وصلخد- من كتابات وأبراج ومعبد الإله بعل شمين والأعمدة البازلتيّة وبركة السويداء. والرومان (106م.- 330م.) البيزنطيين (330م. – 618م.) خلّدوا الكنائس الشامخة وكثيرًا من الأديرة كدير شقا ودير النصراني في شرقي قرية ملح، وإلى جانب كل دير أُقيم برج. وبنوا عدة مسارح (كولوسيوم) إضافة إلى الحمّامات والمعبد الإمبراطوري كمعبد عتيل ومعبد شبها، وبنوا الفنادق (الخانات) والقصور. فقد كانت هذه المنطقة عبارة عن مقاطعة عربيّة رومانيّة في أقصى الحدود الشرقيّة للإمبراطوريّة على أطراف الصحراء. أمّا الأيّوبيّون فقد عملوا على بناء القلاع لمحاربة الصليبيين وصدّ حملاتهم- اهم آثارها بقيت في مدينة صلخد.
أمّا الاستيطان الدرزي في الجبل فقد بدأ مع الهجرة الأولى من لبنان عام 1685، كانت بقيادة أحد أمراء آل علم الدين (من اليمنية) وبلغ عددهم 1500 مهاجرًا ومعهم الشيخ حمدان الحمدان والشيخ حسين أبو فخر والشيخ قاسم القلعاني، وأثناء انتقالهم سلكوا طريق وادي التيم وإقليم البلان، فسهل حوران حتّى حافّة اللجاة الجنوبية – غربية. ونزلوا في قرية نجران. إلا أن نجاح المهاجرين في استثمار الأراضي، أثار الحقد عليهم من القبائل المجاورة فاندلعت معركة بينهم حتى انتصر الدروز على القبائل البدويّة المجاورة. إلّا أنهم رغم ذلك قرّروا الرحيل خشيةً من تحالف جديد ضدّهم، فوصلوا قرية “الشيخ مسكين” الحورانيّة، ورأى الشيخ حمدان الحمدان وقسم من المهاجرين أن يتخذوا قراراً لمتابعة السير. أمّا قائد الهجرة من آل علم الدين فقد مُنح من قِبل الأمير حيدر الشهابي قرية “إبل السقي” له ولأولاده من بعده. عُقدت راية الصلح بين الشيخ حمدان والبدو الذين اشترطوا عدم عودتهم لقرية نجران. فتابع الشيخ حمدان توسّعه في العديد من القرى الخربة المهجورة حتى بلغ بلدة السويداء. وهذه المرّة لم يتمكّن في صدّ القبائل التي تحالفت ضدهم مرّه أخرى، فأستنجد الموحِّدون من بلاد الشام واعدًا إياّهم بتملُّكهم الأرض والمسكن دون مقابل، وإعطائهم المؤن والأدوات التي يحتاجونها. ولهذا النداء استجاب العديد من الموحّدين من جبل لبنان والجليل ومن أنحاء الشام. وهكذا أصبح الاستيطان يتزايد يومًا بعد يوم. وهناك أسطورة تقول: عندما وصل المهاجرون لبلدة السويداء وجدو في إحدى القلاع المهجورة جرتيْن من الذهب، فعاد بعض المهاجرين إلى لبنان لإقناعهم بالهجرة إلى حوران مقابل الذهب، البيوت البازلتيّة الحصينة والأراضي الخصبة. الهجرة الثانية كانت بعد عام 1711م على إثر النزاع بين الدروز القيسيين واليمنيين بعد معركة عين دارا. أمّا الهجرة الثالثة للجبل كانت خلال عام 1860م بعد انتهاء الحرب بين الدروز والنصارى في لبنان. الحرب التي انتصر الدروز بها، إلّا أنّهم خسروا المعركة. فيما بعد انتقلت زعامة الجبل من بيت آل حمدان لآل أطرش. أما الرئاسة الروحيّة فهي تمثّل بمشايخ أفاضل من عائلات- الهجري، الجربوع، الحناّوي وأبو فخر.
لعل أشهر بيت شعر قيل لوصف حالة الجبل، كان للقائد شبلي الأطرش:
عالسين سيفك لا يفارق وسادتك خلّيك فرز من الرجال حريص
ترى عدوك ما يخّلي عداوته باليل يسري وبالنهار ينيس
_____________
المصادر:
1- حنا أبي راشد – جبل الدروز – 2016.
2- حسان شكري الجط – المعالم القديمة في جبل العرب وآثاره التاريخية – 1998.
3- إسماعيل الملحم، هايل القنطار، وهيب سراي الدين، رياض نعيم – سويداء سوريا، موسوعة شاملة عن جبل العرب – 1995.
4- نسيب الأسعد – كشف الستار – 2004.
بقلم: السيد مهنا ماضي كبيشي
من العدد 162 لمجلة العمامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!