قائد عسكري اسرائيلي يكشف: يصعب فصل ” الحزب” عن الدولة اللبنانية في الحرب المقبلة

صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية:

بالتزامن مع تصاعد التوتر الأمني مع لبنان، تسلم الجنرال الإسرائيلي أوري غوردين مهامه الجديدة قائدا للمنطقة الشمالية المعنية بالإشراف على الحدود اللبنانية السورية، وسط احتمال نشوب مواجهة عسكرية مع الحزب، سواء على خلفية ترسيم الحدود البحرية، أو استخراج الغاز من البحر، أو استمرار استهداف قوافله العسكرية في سوريا.

ولتوه، أنهى غوردين مهامه قائدا لقيادة الجبهة الداخلية، ويستعد حاليا لتولي قيادة المنطقة الشمالية في واحدة من أكثر فترات التوتر التي عرفتها هذه الساحة منذ العقد الماضي، لا سيما مع استمرار عملية التمركز الإيراني في سوريا، وتعزيز تنظيم الحزب في لبنان، وتهديداته لإسرائيل في ظل نقاط النزاع القائمة، فضلا عن تعثر مفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، والاعتراضات الإسرائيلية على بنود مسودة الاتفاق، وكل ذلك يزيد من مستوى التوتر في الجبهة الشمالية.

وكشف غوردين في مقابلة مطولة مع موقع والا، ترجمتها “عربي21” أنه “لا تزال هناك منازل غير محمية في الشمال، رغم إطلاق مشروع للحماية والتحصين بمليارات من الشيكل في عشر سنوات، لحماية كامل المنازل في خط التماس من 0 إلى 7 كيلومترات، وإصلاح الفجوات، رغم أنه لا يحل كل المشاكل الأمنية، لا سيما وأنه في حال اندلاع حرب في الشمال سنكون أمام حدث تدميري كل ساعة، كما كان عليه الحال في حروب غزة الأخيرة وحرب لبنان الثانية وحرب الخليج الأولى”.

وأضاف أنه “من المتوقع أن يكون لدينا العديد من الدمار الواسع في المواجهة القادمة، وعندما ننظر إلى مواجهة مع لبنان، فالحديث يدور عن معدل إطلاق نار أعلى بعشر مرات، وقد يصل الأمر الى أربعة آلاف صاروخ في اليوم الواحد، على الأقل في الأيام القليلة الأولى، وفي الأيام التالية سيكون هناك أقل قليلاً، بين 1500-2000 صاروخ في اليوم الواحد، وهذا عدد كبير، رغم أن الصواريخ الدقيقة بحوزة الحزب سوف تستهدف منشآتنا الاستراتيجية: عسكرية أو طاقية أو حكومية”.

وأكد أن “إسرائيل ستشهد كمية كبيرة من النيران، بعضها سيحرق المناطق السكنية، ولن يكون متاحا اعتراضها، لأنه لن ينجح من الأساس، وسيكون هناك قدر كبير من سقوط الصواريخ، سيشمل جميع مناطق الجبهة الشمالية، بما فيها حيفا وطبريا، لدينا قدر كبير من الأحداث التي نحتاج للاستعداد لها”.

وأشار إلى أن “نتيجة القتال ضد الحزب تشمل تدمير مواقع إسرائيلية صغيرة بما يقرب من العشرة آلاف في ثلاثة أسابيع، بجانب دمار مئات المباني التي لم تنهر، لكن سيكون لها أضرار هيكلية، ولا يمكن استخدامها لأنها على وشك الانهيار، وعندما ننظر إلى قوة نيرانه فإن ما يقرب من 50% من ترسانة أسلحته موجهة، ويعرف كيف يصل إلى 15 كيلومترًا شمالًا حيث مدن نهاريا، كرميئيل، عكا، صفد، كريات شمونة، و40% أخرى من أسلحته تصل خط حيفا، و5٪ فقط للجزء البعيد، وهذا يعني أن كل مكان في إسرائيل سيكون مهددا”.

وأكد أنه “بسبب التوتر مع لبنان حول الحدود البحرية، وضخ الغاز، وتهديدات الحزب، وإرساله طائرات بدون طيار، يجعل من الجبهة الشمالية ساحة تتحمل مسؤولية هائلة وتعقيدا كبيرا للغاية، خاصة مع طموحات الحزب باقتحام الجليل، بالتزامن مع وجود إيران ومجموعاتها المسلحة في سوريا ومرتفعات الجولان، وبالتالي فإن أكبر مساحة لإسرائيل مقابل إيران تقع في قطاع القيادة الشمالية، مما يستدعي الشعور بالمسؤولية والاستعجال للاستعداد لمواجهة التحدي الذي سيحدث، الذي سيقع بالتأكيد”.

وحول السيناريو الذي يستعد له الجيش مع الجبهة الشمالية، أكد غوردين أن “هناك اليوم مجموعة كبيرة من قوات الحزب في جنوب لبنان، جاهزة للعمل، ولديها أمر باستخدام قوة نيران جاهز وموجه نحو إسرائيل في أي لحظة، وتعرف كيف تخرجها من مستودعاتها ومخزونها، وتوجهها نحو إسرائيل، ما يعني أننا أمام جيش في النقاط الأمامية، وسط تقديرات بأنه سيطلق الحملة القادمة على حين غرّة، مما يستدعي من الجيش الإسرائيلي ألا يكون متفاجئاً، بل الاستعداد لمفاجأة الحزب، وليس العكس”.

وأوضح أنه “إذا استغرقت الحرب مع الحزب أسبوعين أو ثلاثة وأربعة أسابيع، فسيكون هناك دمار في إسرائيل، وآمل أن يكون عدد أقل من الخسائر البشرية، رغم أنه سيكون لدينا قتلى وجرحى في القتال، وفي الوقت ذاته سيشهد لبنان تدميرًا دراماتيكيًا في الجنوب لكل أصول الحزب الموجودة داخل القرى، وعدد قتلاه وجرحاه أكبر بكثير من خسائرنا، ولذلك فإن تهديدات الحزب اليوم سواء لوجود نية حقيقية للتصعيد أم لردع إسرائيل فقط، فإنه يتفهم ميزان القوى جيدًا”.

وأشار إلى نقطة مهمة تتعلق باستهداف مقار الدولة اللبنانية، زاعما أنه “يصعب فصل الحزب عن الدولة اللبنانية، لأن أصوله القتالية موجودة في عمق البنية التحتية اللبنانية، ومن الصعب علينا الفصل بينهما، لذلك فإن الضرر الذي ستعاني منه دولة لبنان سيكون كبيراً جداً، مع أن كل يوم يمرّ نقترب من الحرب القادمة، وافتراضنا أن الحرب ستأتي، لأن هذه الترسانة من الأسلحة لم تُبن من أجل عدم استخدامها، لذلك فإن التقدير السائد أن الحرب القادمة ستأتي، ستأتي”.

وختم حواره المطول بالقول إن “مهمتي الرئيسية الأولى هي الاستعداد للحرب ضد الحزب في الساحة الشمالية، ثم الدفاع عن المستوطنات الشمالية، وهي المهمة الثانية من حيث خطورة الأمر، لكنها مهمة، وبالغة الأهمية، وتتطلب عملًا منهجيًا ومستمرًا وتكتيكيًا للغاية”.

وتكشف تصريحات غوردين، رغم سقفها العالي، عن إرباك إسرائيلي بشأن إذا ما كان الحزب سيبدأ حربًا بالفعل، أم أن الأمر لا يتعدى تهديدات إعلامية فقط، ومع ذلك فإن الاحتلال يأخذ تهديداته على محمل الجد، مما يدعها مصدر قلق دفعت قيادة المنطقة الشمالية والقوات الجوية والبحرية للاستعداد لهذا الاحتمال، وشرعت بإعداد الخطط القتالية، في ضوء التقديرات المتزايدة بأن شدة النار التي سيستخدمها الجانبان ستختلف تمامًا عما اعتاده الإسرائيليون في العدوانات الأخيرة ضد غزة.

في الوقت ذاته، فإن التقدير الإسرائيلي السائد أنه حتى لو بدأ التصعيد ليوم واحد، فقد يتدهور بسرعة كبيرة إلى أيام معركة، ومن ثم إلى حرب حقيقية، وهو ما لا يريده الطرفان، لكن التحدي الكبير في الوقت الحالي هو متى وكيف يتم وقف هذا التدهور، وعليه فإن المناقشات الرئيسة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية تتعامل حاليًّا مع إعداد الردود لكل حالة وسيناريو قد يحدث، دون استبعاد أنه في حالة وصول معلومات محددة حول نشاط مخطط له من الحزب، فسيقرر الاحتلال إحباطه في وقت مبكر.

المصدر: عربي 21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى