ماذا يريد الحزب من جنبلاط إذا ما وقعت الحرب؟

 

صدى وادي التيم-لبنانيات/

كُتب الكثير وما يزال يُكتب حول اللقاء الأخير بين زعيم الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبين وفد قيادة الحزب . لكنّ ما لم تشِر إليه الكتابات حتى الآن، هو الدافع الذي يجعل الحزب يعيد وصل ما انقطع بين الجانبين بعد التصعيد الذي مارسه جنبلاط ضدّ الحزب  طوال فترة الانتخابات النيابية الأخيرة التي أدّت إلى انتصار كامل لجنبلاط في بيئته الدرزية مقابل هزيمة كاملة لحلفاء الحزب في هذه البيئة وعلى رأسهم زعيم الأرسلانيّين الأمير طلال، كذلك الوزير السابق وئام وهاب. فهل لبّى الحزب  دعوة جنبلاط إلى الحوار في ظلّ ميزان قوى راجح لمصلحة صاحب الدعوة؟ أم لبّى الدعوة لأسباب أخرى؟

في معلومات أوساط سياسية على علاقة مع طرفَيْ الحوار، أنّ مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب  وفيق صفا بعدما تلقّى اتصالاً من الوزير السابق غازي العريضي الذي نقل إليه رغبة جنبلاط في اللقاء، استمهل الوزير السابق كي يراجع قيادته. وبعد التشاور، قَبِل الحزب الدعوة إلى الحوار، فكان اللقاء، وكانت المواقف المعلنة بعده، سواء من جنبلاط أو من المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل.

إذاً قَبِل الحزب محاورة جنبلاط مجدّداً وطيّ صفحة التوتّر بينهما لاعتبارات شرحتها الأوساط السياسية نفسها، وأبرزها:

– أوّلاً، يدرك الحزب أنّ لبنان مقبلٌ على فترة حرجة لأسباب إقليمية نتيجة المواجهة التي تخوضها طهران في مفاوضات الاتفاق النووي مع الغرب. وهذه المفاوضات في حال لم تصل إلى نتائج إيجابية ستنعكس على مجمل مناطق النفوذ الإيراني في المنطقة، وفي مقدّمها لبنان.

– ثانياً، يعترف الحزب بواقع جنبلاط السياسي الجديد بعد الانتخابات، ولهذا لا بدّ من التعامل مع هذا الواقع بعيداً عن الحسابات الضيّقة وردود الفعل الشخصيّة.

– ثالثاً، يعلم الحزب أنّ خيار المواجهة العسكرية بينه وبين إسرائيل مطروح حاليّاً جدّيّاً بسبب احتمالات المواجهة بين طهران والغرب. ولذلك باشر في الآونة الأخيرة مناورات واسعة في الجنوب بعيداً عن الأنظار لتأكيد جهوزيته لهذه المواجهة.

– رابعاً، يدرك الحزب في ظروف لبنان الحالية أنّ استقرار العلاقة بينه وبين جنبلاط هو أمر هام جدّاً لناحية بقاء مناطق جبل لبنان، التي تمثّل نقاط عبور لقوات الحزب بين بيروت والبقاع، آمنة وسالكة وألّا تتهدّدها أيّة مخاطر.

هذه الاعتبارات عكست نفسها في المحادثات التي جرت بين جنبلاط ووفد الحزب. وخلال استعراض الموقف من ملفّ الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، تردّد أنّ جنبلاط أثار موضوع المسيّرات الأربع غير المسلّحة التي أطلقها الحزب  نحو حقل كاريش النفطي والغازي في المياه الإسرائيلية، وسأل هل تعكس هذه الخطوة اتّجاهاً لتصعيد النزاع في حال لم تصل المفاوضات غير المباشرة للترسيم التي يرعاها الوسيط الأميركي آموس هوكستين إلى أيّة نتيجة، فجاء الجواب من معاون ن ص رال ل ه  السياسي أنّ قرار الحزب هو الذهاب إلى أقصى الحدود في المواجهة كي ينال لبنان حقوقه في الثروة البحرية. بالطبع، استشعر جنبلاط أنّ وفد الحزب قال له بصورة غير مباشرة إنّ احتمال الحرب على الحدود الجنوبية وارد، ويجب عدم التقليل من حصوله.

بحسب هذه الأوساط، فقد تعامل الحزب  بهدوء مع الاحتجاجات التي أبداها حلفاؤه في البيئة الدرزية على قيام الحزب بإعادة الاعتبار للزعامة الجنبلاطية من دون مراعاة حلفائه الذين وفّروا للحزب غطاء درزياً في أصعب المراحل التي مرّ بها لبنان منذ العام 2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفُهِم أنّ قرار معاودة الحوار بين كليمنصو وحارة حريك لم يُتّخذ فقط على مستوى القيادة في لبنان، بل أيضاً على مستوى قيادة الحرس الثوري في طهران، وقيادة “فيلق القدس” التابع للحرس والذي يرتبط به الحزب عضويّاً.

“الحزب ” وإسرائيل يستعدان للمواجهة المحتملة

من ناحية أخرى، تردّد الأوساط السياسية المشار إليها آنفاً أنّ معطيات الحزب تفيد أنّ إسرائيل تعدّ لحرب إذا ما وقعت فستتبنّى فيها نهجاً مختلفاً كلّياً عن حرب تموز 2006. وبموجب هذا النهج الجديد، ستركّز إسرائيل على سلاح الجوّ وعمليات الإنزال الخاصّة بدلاً من تحريك القوات برّاً كما جرت العادة في كلّ حروب إسرائيل السابقة. وهذا النهج الجديد بانت ملامحه في حرب غزّة الأخيرة.

قبل أيّام خلت، مرّت الذكرى الـ 16 لولادة القرار الدولي الرقم 1701. فهل يأخذ الحزب ومن ورائه إيران في الاعتبار نتائج الحروب وأبرزها حرب عام 2006؟ من المؤكّد أنّ الحزب مارس وما يزال يمارس قاعدة “نفّذ ولا تعترض” على أيّ قرار يتّخذه المرشد علي خامنئي. ألا يجدر هنا أن يقوم جنبلاط وسائر القيادات في لبنان بالتنبيه إلى خطر أيّ مغامرة عسكرية تخوضها إيران ضدّ إسرائيل انطلاقاً من لبنان؟ لم يمُت لبنان بعد، لكن ألم يرَ الموت الذي لحق بغزّة أخيراً؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!