العمل عن بعد.. الموظفون متمسّكون به أكثر من أي وقت
صدى وادي التيم-لبنانيات/
فرض انتشار وباء كوفيد حول العالم منذ نهاية عام 2019 واقع عمل جديدًا اتبعته معظم الشركات، من خلال السماح لموظفيها العمل عن بعد من منازلهم في خطوة لتخفيف عدد الإصابات من خلال تقليل الاحتكاك بين الناس. وبات تمسك الموظفين بالعمل عن بعد أكثر إحكاما في الفترة الحالية، نظرًا للارتفاع الكبير لأسعار الوقود الذي انعكس ارتفاعًا بكلفة المواصلات.
وفي بدايات تفشي الوباء، كان الحديث المطروح حول العمل عن بُعد يوحي بأنه خيار يمثل صعوبة بالنسبة لصغار الموظفين العالقين في منازلهم الضيقة، بينما يكون نعيماً بالنسبة لكبار الموظفين ممن يمكنهم العمل في مكاتبهم المنزلية جيدة التهوية. وبينما كان الشباب من الموظفين يفقدون فرصة التعلم الشخصي، ركز رؤساؤهم بشكل أكثر على كيفية إنفاق المدخرات التي جمعوها من تراجع إنفاقهم على التنقل.
لكن في الوقت الحالي، فإن المواقف إزاء العمل عن بُعد باتت أقل تناقضاً.
ويبدو أن غالبية الموظفين في المكاتب التقليدية باتوا أكثر تقديراً لفكرة العمل من المنزل على الأقل ليوم واحد في الأسبوع. ولا شك أن هناك بعض الاختلافات بحسب السن، إلا أنها ليست اختلافات كبيرة أو متسقة بما يكفي لتكون ذات أهمية كبيرة.
ووجدت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات “ماكنزي آند كو” (McKinsey & Co) أن الموظفين بين 18 و34 عاماً أكثر ميلاً بنسبة 59% لترك العمل إذا لم يوفر صاحب العمل لهم فرصة العمل الهجين، مقارنة بمن هم بين 55 و64 عاماً.
هذا المسح الأكبر لترتيبات واتجاهات العمل تم بتعاون بين “جامعة شيكاغو” و”المعهد التكنولوجي المستقل” في المكسيك، و”معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” و”جامعة ستانفورد”، قدّم نتائج أكثر دقة أيضاً. حيث أظهرت البيانات أن الموظفين في العشرينات من أعمارهم من المرجح أن يبحثوا عن وظيفة جديدة إذا حرمهم أصحاب العمل من فرص العمل الهجين. وأن من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً سيستقيلون فوراً على الأرجح. (بالطبع يؤخذ بالاعتبار أن لدى العاملين الأصغر سناً ميل عام لتغيير الوظائف، ولدى الموظفين الأكبر سناً تطلع نحو التقاعد).
تعتمد أمور كثيرة على كيفية طرحك للسؤال حول العمل عن بعد. فإذا طلبت من الموظفين التفكير في مسألة زيادة الأجر عند اختيار العمل من المنزل ليومين أو لثلاثة أيام، فستجد أن الفكرة تحصل على تقييم أعلى من قبل من هم في الثلاثينات من العمر. بينما إذا سألت عن زيادة الأجر المطلوبة للعمل خمسة أيام من المكتب، فسوف يطلب الموظفون فوق الـ50 عاماً الرقم الأكبر.
تكاليف ووقت التنقّل
كذلك، فإن النقطة المهمة تتمثل بأن جميع الفئات تدعم ترتيبات العمل الهجين. ومن الواضح أن الرغبة في خفض وقت التنقل، تعد الميزة الأكثر ذكراً بالنسبة للعمل عن بُعد، وهي تتجاوز الموظفين الأكبر سناً. حيث يشعر الموظفون الأصغر سناً بتأثير تكاليف التنقل بشكل أكبر على دخلهم المتاح للإنفاق، وغالباً ما تكون الأجزاء الأكثر مركزية من شبكات النقل العام هي الأكثر ازدحاماً. في الوقت نفسه، فإن جيل الألفية أمضى عامين تقريباً في اعتياد العمل المشترك في المنازل، والتفاوض بشأن المساحات المشتركة للعمل مع شركاء السكن.
سيستمر ضيق سوق العمل والحاجة إلى جذب مواهب صاعدة، في إجبار معظم الشركات الكبيرة على تقديم خيار العمل عن بُعد لبضعة أيام على الأقل، لكن تأثير هذا التحول على المدى الطويل ما يزال مجهولاً.
مع ذلك يبقى هناك جزء مقلق من هذا التوجّه الذي صاحب الجائحة، مثل فقدان إمكانية التعلم أثناء العمل والتفاعل الشخصي. ولا شك أن انخفاض معدل شغل المكاتب يعني نقلاً أقل للمعرفة بين الأجيال وضعف العلاقات الداخلية في الشركات، وهي أمور تمثّل أحد الميزات التنافسية مثل القدرة على جذب المواهب. فعندما تسوء الأمور في الشركات، غالباً ما يعود السبب إلى ثقافة الشركة.