“إصحى يا مواطن” جمعية المصارف عينها على احتياطي الذهب!
صدى وادي التيم – إقتصاد :
يظن رئيس جمعية المصارف سليم صفير أن رأيه ومصالحه دستوراً ووثيقة مرجعية مهمّة، تبصم على مضمونها المصارف المنضوية في الجمعية له “على عماها”. إذ أنه وفي آخر صياغاته: “خطة”… أرسلها إلى صندوق النقد مباشرة، معتبراً شخصه “هيئة تمثيلية”، ومن ثم تلاها ببيان يتهجم فيه باسم الجميع، على “خطة سعادة الشامي”، ضارباً بعرض الحائط ما كان من المفترض أن يكون محلّ توافق جَمْعي لا شخصاني، ويشتمل على مبادئ أساسية، تنتظم وفقها المفاوضات.
“فاتح على حسابه”
ومع أنّ المرحلة الاقتصادية الحالية مسكونة بروحٍ تنصّلية، لمصارفٍ تتفادى مواجهة طرح “إعادة الرسملة” وخلط أوراق المساهمين بانتهازية ظاهرة. لا بل، مؤسّسة على احتمالية تغيّر اللاعبين بتغيّرات ملّاك الأسهم، وتأمين التوازن المفاوضاتي بين الأطراف المتنازعة في ملف أموال الناس… فإنّ الرّيس صفير لا يريد حلّا.
لا وسطياً ولا غيره
يريد التمسّك بفردانيته فنجده حاشداً ذاته ومحيطه على ما أراد، خشيةً من سقوط العرش بمن حمل وما حمل.
فيقول أحد المصرفيين لـ”التحري” بعفوية “صفير بصراحة “فاتح على حسابه” ولا يتصرف بأدنى ما يتطلبه الملف من التعاطي بمنطقية. ويتابع “لا يمكننا أن نغلق الباب أمام الحلول الوسطية على الأقل وهو ما يكشف إما عن وهنٍ وضعف قدرة على المواجهة وإما يدل على اخفاق يمتد منذ سنوات ويدفع بصفير إلى تمديد زمن الفوضى وشراء الوقت درعاً للوقاية من أي حل يعلم مسبقاً أنه يعجز عن تطبيقه، أو ربما يدعي هذا العجز”.
أسقط صفير آخر درجات التعاطي الحضاري، باحترام توجهات بعض المصارف وأعضاء الجمعية الذين يخالفونه، ورفض مجرّد أن توضع الحلول أمامه على الطاولة للمناقشة ثم “وصولا مؤخرا إلى المراسلات الموجهة إلى صندوق النقد الدولي، وأحدثها الرسالة المؤرخة في ٢١ حزيران ۲۰۲۲ والمرسلة من قبل مستشارة الجمعية ، شركة Decision Boundaries ، إلى السيد إرنستو راميريز ريغو رئيس البعثة للبنان في صندوق النقد الدولي، دون العودة إلى أعضاء الجمعية لإطلاعهم عليها ومناقشة محتوياتها معهم والاستماع إلى آرائهم ومواقفهم بشأن الحلول والخطوات وخطة العمل المقترحة، فضلاً عن عدم إبلاغ اعضاء الجمعية بتعيين الشركة المذكورة أعلاه كمستشار لجمعية مصارف لبنان، كما وبالشروط التي ترعى هذا التعيين”. هذا بحسب بيان بنك الموارد الذي علّق عضويته في الجمعية.
بيع الذهب وتشريع الاسترقاق
وبعد التواصل مع المعنيين تبيّن للمفارقة أن ما حذّر منه شربل نحّاس من أن “العين على احتياطي الذهب” صحيحاً. فالمراسلة التي انتفض ضدها بنك الموارد، أي الطرح العظيم لصفير يكمن في “بيع الذهب في مصرف لبنان لتأمين ما قيمته 15 مليار دولار يليه تشريعات برلمانية لصندوق سيادي يضع يده على كل ما تبقى من أملاك الشعب في الدولة لتأمين أموال المودعين، وإطفاء الخسائر”… إبداع في قوننة السطو والسرقة.
وبعيداً عن التفاصيل، تشير الوثيقة المسربة، إلى تفنيد الأستاذ سليم صفير مزاعم مصارف الزومبي اللبنانية، أنها جد في مأزق لذا لا بد من تسديد 30 مليار دولار من الودائع المحتجزة في أحضانهم “بالليرة اللبنانية”. وهو ما لا يؤدي إلا إلى تضخيم لـ16 مرّة في قيمة الكتلة النقدية. ما كان ينقص إلا أن يشرع الاسترقاق بذريعة الانقاذ، فحلّه هذا استعباد للبنانيين وأحفاد أحفادهم.
إن أهمية ما قام به صفير هذا الذي يجب أن يُردع قبل فوات الأوان، يكمن في الرُّهاب الاقتصادي والسياسي الذي يفرضه على اللبنانيين أجمع، كقوة متطرّفة بيدها السّوط الإعلامي المنحاز، كما في إخضاعه للدولة بأكملها، تحت إمرة طرحه. والمخيف أن المواطن العادي الذي لا يفقه في الاقتصاد شيئاً، هو من سيتم تحويله إلى أسير ومُستعبد لسنوات قادمة ايفاءً لامتيازات صفير ومجموعته التي لا تريد أن تتخلى عن امتيازاتها.
وهو لم يقم بفتح باب التفاوض بل بكسره كلياً بموافقة بعض الداعمين من المصارف التي لا يهمها الاستمرار في “اللعبة اللبنانية” بقدر ما تريد التموضع في صورة العاجزة، التي دُفعت دفعاً إلى حالة “الزومبي” هذه.
باللبناني إن المصارف الداعمة لتصرّفات سليم صفير “بدها تكسر إيدها لتشحد عليها”. إنه الفارق بين التموضع الشرس لجمعية المصارف والنعومة الملائكية لفريق الدولة التي تمثل الشعب، وهو مركز الجدل الأساسي، القائم على النديّة التي لا تحتمل تحميل الناس أمر نهب الأموال أو تهريبها أو هندساتها. ولا يمنع ذلك من تقدير بعض المصارف التي تنوي فعلياً التفاوض والتنازل واحترامها ولو لم يكن على القدر المطلوب حتى الساعة. ولا يُزكّي، في الوقت نفسه، كوارث الفساد التي تراكمت باسم الشعب لثلاثين عاماً.
إلا أن المؤكد أن جمعية المصارف هذه، التي تخطت حدود المعقول والمقبول تحت إمرة سليم صفير، لهي عاجزة ومسبّبٌة رئيسية في تهديد صورة الدولة اللبنانية والمودعين والقطاع المصرفي والقضاء على حد سواء، فحريٌّ بصفير هذا أن يشعر بسوط القانون قبل أن تحاصرنا سيمفونية التملص الجديدة التي يُلحّنها حالياً.
مريم مجدولين اللحام