جيش العدو ينهي تدريبات في قبرص تحاكي حرباً على لبنان
صدى وادي التيم-لبنانيات/
نزلت وحدات قتالية من الجيش “الإسرائيلي” في قبرص هذا الأسبوع، حيث نفذت تدريبات على غارات في عمق أراضي الحزب في لبنان، وهي أكبر تدريبات للجيش في قبرص، بالتعاون مع “الحرس الوطني المحلي” والجيش اليوناني، ويمثل التدريب لحظة قياسية في التغييرات الأخيرة في “الجيش الإسرائيلي”، بما في ذلك في مجال المشتريات، والتي أثرت على تدريب الجيش.
وتدرب جنود كتائب المظليين والمغاوير النظاميين من وحدات “ياهلوم” وعوكتس” وقوات الاحتياط – بالتعاون مع القوات الجوية والبحرية – على فك الاشتباك مع مقاتلي الحزب في جنوب لبنان وضربهم في أعماق المنطقة الخاضعة لسيطرتهم.
وقال ضابط مظلي كبير شارك في التمرين لـ “ماكو”: “الحرب القادمة في الشمال سنخوضها في أراضي الحزب وسنصل إلى هناك من كل الأبعاد الممكنة، ليس لديهم القدرة على إيقاف مثل هذا الشيء”.
منذ فترة طويلة، يُظهر “الجيش الإسرائيلي” للمستوى السياسي والجمهور كيف ستبدو الحرب المقبلة في لبنان، ومن وجهة نظر الجيش: يجب أن تتوغل هذه الحرب في عمق المنطقة.
يشرح الضابط الذي تحدثنا إليه قائلاً: “اليوم، لدى الحزب القدرة على إطلاق حوالي ألف صاروخ في اليوم، لا سبيل لإيقافه دون دخول القوات وتدمير منصات الإطلاق”.
وأضاف الضابط الذي لعب دورًا مهمًا في التدريبات في قبرص :”من الواضح أنه في أي نوع من الحوادث أو القتال مع الحزب ، من الضروري اتخاذ قرار، لقد ولت أيام الانتصار، لن نصل إلى إخضاع للعدو إلا من خلال دخول بري لكتائب ثقيلة في عمق الأراضي اللبنانية، وتنفيذ أقصى درجات التدمير والخروج من هناك، صحيح لا يمكن محو الحزب ، وهذا واضح”
ورغم استحالة محو” الحزب ، قال الضابط إن “التقييم الذي تم عرضه على المستوى السياسي هو أن توجيه ضربة قاسية للخصم، بما في ذلك البنية التحتية في لبنان، سيؤدي إلى سنوات من الهدوء، إلى أن يضطر في المرة القادمة إلى خوض الحرب في لبنان”
أطلق على التدريبات في قبرص “ما وراء الأفق” وهي استمرار مباشر لشهر الحرب والذي أطلق عليه “الجيش الإسرائيلي” اسم “عربات النار”، ولمدة ثلاثة أسابيع، تدرب “الجيش الإسرائيلي” على سيناريو إطلاق الصواريخ وما بعد الهجوم على الأراضي اللبنانية.
تدربت فرق ثقيلة مؤلفة من (فرق ألوية قتالية) على دخول الأراضي اللبنانية لتدمير “المحميات الطبيعية” التابعة للحزب ومواقع الإطلاق، وكذلك قوات الرضوان الخاصة التابعة للتنظيم.
وقال الضابط: “لن ندخل في خطط عملياتية، لكن تخيل أنك مقاتل من الحزب تقاتل في جنوب لبنان، وفجأة أصبحت فرقة كاملة وقوات خاصة للعدو في خطوطك الخلفية، مثل هذه الخطوة تقطع سلسلة إمداد الحزب وتدمر مواقع الإطلاق، حتى قبل وصول بقية الجيش، وهناك بعض الأشياء الأخرى التي تخلقها، لكن في رأيي، لا يقل أهمية أن تخلق مثل هذه الخطوة الخوف وتثبط عزيمتهم”.
في عام 2006، نقل “الجيش الإسرائيلي” جوا لواء كاملا في مروحيات كجزء من عملية” تغيير الاتجاه” (حرب لبنان الثانية)، وفي هذه المرحلة، أسقط الحزب طائرة هليكوبتر، وقتل خمسة من أفراد الطاقم وتوقفت العملية برمتها.
وسألت الضابط الذي وعد بأن مثل هذا الشيء لن يحدث مرة أخرى؟
فأجاب: “الحرب ليست لعبة عقيمة”، “المروحيات وربما حتى الطائرات ستسقط، سيقتل الجنود، هذا شيء يجب فهمه وقوله، على الرغم من الخسائر التي ستكون وستكون، ليس لدى الحزب القدرة على وقف تحرك الجيش “الإسرائيلي”، يحتاج المواطنون في “إسرائيل” إلى فهم أن القتل ليس فشلًا في العمل، والقتلى والجرحى جزء منه”.
وأراد الضابط الكبير أن يضع الأمور في نصابها، فقال: “نحن لا نتحدث عن الهبوط أو القفز بالمظلات في الحرب العالمية الثانية، الجيش لا يرسل جنوده للانتحار، وهناك نظرية قتالية شديدة التنظيم لتنفيذ مثل هذه الخطوة، وهذا شيء كنا نتدرب عليه ليس من اليوم، هنا في قبرص، يمكننا فحصها في منطقة غير مألوفة، وهي مشابهة جدًا لما سنواجهه في لبنان”.
وكجزء من التدريبات المكثفة، بقيادة العميد عوفر وينتر الذي وصفها بأنها “تدريب فريد من نوعه”، أغارت مقاتلات “الجيش الإسرائيلي” على مركبة إنزال تابعة للبحرية اليونانية قبالة سواحل قبرص، ووصل آخرون بطائرة هليكوبتر، وجاءت هذه الغارات بعد ورود معلومات استخبارية، وبعد وصول وحدات خاصة إلى مناطق الإنزال، تم تأمينها ونقل القوات من خلالها إلى أهدافها.
وداهمت القوة محيط مدينة بافوس واحتلتها ثم دمرت الأهداف الموضوعة في الأراضي المحتلة مثل راجمات الصواريخ والأنفاق والمقرات تحت الأرض وأهداف أخرى، وبالتوازي مع هذا التدريب، تلقوا إمدادات من طائرات القوة الجوية، بما في ذلك الدعم الجوي.
ماذا تعطيك قبرص ولا تقدمه تسئليم ولا الياكيم (قواعد للجيش الإسرائيلي)؟
أجاب الضابط: “منطقة كبيرة وغير مألوفة، والمقاتلون والقادة على دراية جيدة بمناطق التدريب في “إسرائيل”، وعلى دراية بطرق الملاحة عن ظهر قلب، وأين توجد الأهداف وأين يوجد العدو، لكنهم هنا يبحرون فجأة في منطقة غير مألوفة، كل شيء جديد عليهم، التل والوادي والأجمة والمخابئ، التدريبات مكثفة بشكل أكبر، فالمجهول ونقص المعلومات والمعرفة بالمنطقة يرفع مستوى الصعوبة والتوتر، وفي النهاية: في الحرب القادمة، حتى لو حصلوا على كل المعلومات الاستخباراتية، فسوف يدخلون منطقة غير مألوفة، مع الكثير من عدم اليقين”.
كرسالة إلى الحزب هل هزم الجنود العدو في التدريبات؟
كان رده مفاجأَ: “لم نأت إلى هنا لننتصر، في النهاية عندما نبني التدريب، بغض النظر عن مدى القسوة على القوات، سنفوز، ولا أتذكر أي تدريب خسرنا فيه ولكن هنا هدفنا هو دراسة نظرية الحرب وخطط الحرب التي قمنا ببنائها، في هذا التدريب، نتحقق من أن ما هو مكتوب على الورقة يعمل في الميدان وحيثما يلزم، وسنستخلص دروسًا بهدف التحسين والتعزيز”.
يعد التدريب في قبرص أيضًا ذا أهمية كبيرة لأفراد القوات الجوية الذين يؤدون قدرًا كبيرًا من التدريب في الخارج.
وقال طيار مروحية شارك في التدريبات في قبرص: “بالنسبة لي كطاقم جوي، هذه منطقة غير مألوفة نسبيًا، وهي أيضًا مشابهة جدًا للأراضي اللبنانية، والشيء الآخر هو أننا معتادون أيضًا على مثل هذه الأنظمة التي لا نملكها في “إسرائيل”.
وأوضح أن: “مناطق التدريب في “دولة إسرائيل” محدودة، ومن الصعب للغاية خلق بيئة قتالية بطريقة أقرب إلى ما سنواجهه في المعركة، التدريب في قبرص يوفر لنا إجابة في هذا السياق”.
تعاملت الأطقم الجوية، وكذلك على الأرض، مع أنظمة الدفاع الجوي التي نشرها الحرس الوطني لقبرص واليونان، إضافة إلى ذلك، أوضح طيار المروحية أنه “تم تسليم بعض المهام إلينا في وقت قصير جدًا، بما في ذلك تغيير المهام أثناء الطيران”.
ويضيف أن “أي عمل مع جيش أجنبي، وهو ما ينطبق على أي تدريب دولي، يفيدنا بالخبرة المتبادلة، وحتى اللواء الذي يتمتع بخبرة تشغيلية كبيرة يمكنه إيجاد حل أو عملية لم يفكر فيها حتى يراها هنا”.
وتدربت القوات الجوية في قبرص على مجموعة متنوعة من المهام في ظروف أقرب ما يمكن إلى الوضع الحقيقي، من إنقاذ طيار مهجور من خلال الإمدادات الجوية للقوات إلى مهام القوات القتالية الطائرة، والدعم الجوي والاستخبارات، ومنذ بضع سنوات، يقوم “الجيش الإسرائيلي” بعملية تفكير مكثفة في مجال بناء وتشغيل قواته، في مواجهة التهديد من الشمال وبشكل عام.
ويمارس الجيش ضغوطا تصاعدية كبيرة حتى يتم تفعيل المناورة البرية (الهجوم البري) في أي مواجهة في الشمال من أجل إخضاع “العدو” في المعركة بشكل واضح.
ومع ذلك، يجب القول إن الجيش يخمن ما تريده القيادة السياسية؛ لأنه لم يتم بعد تنفيذ عملية تفكير إستراتيجي مهمة، فهو يعد خططًا ضخمة، بمعناها الكامل بما في ذلك المشتريات والتدريب، بينما لا يتضح على الإطلاق ما إذا كانت القيادة السياسية ستوافق على تنفيذها في الوقت الفعلي، ومن المحتمل جدًا أن “الجيش الإسرائيلي” يتدرب على سيناريو لن يقوم بتنفيذه على الإطلاق، على حساب التدريبات الأخرى المطلوبة.
وخلص الضابط الكبير إلى القول: “في النهاية نحن كجيش نجهز سلة من الأدوات على أوسع نطاق ممكن، كل شيء في حدود بالطبع، ويأتي رئيس الأركان بهذه السلة إلى المستوى السياسي ويقول: هذا هو الوضع وهذه هي الحلول التي لدينا”.