مرض لا طبيب له.. ماذا تعرف عن “الفيبروميالجيا” المتسبب بآلام الرقبة واضطرابات النوم؟

يعرف مرض “الفيبروميالجيا” أو يلفظ أحياناً بـ”الفيبرومالغيا” وهو (التهاب العضلات الليفي) بأنه حالة مرضية تتميز بانتشار ألم مزمن في أماكن متعددة من الجسم مع استجابة شديدة ومؤلمة عند الضغط، وهو حالة شائعة مرتبطة بآلام العضلات وحالات التعب، وهي أكثر شيوعاً لدى النساء وخاصة في سن الإنجاب.

يندرج هذا المرض المتعب تحت روماتيزم الأنسجة الرخوة، وهو مصطلح يشمل مجموعة من الاضطرابات التي تسبب الألم والتيبس حول العضلات وعظام المفاصل.

مرض لا طبيب له!

من أكبر مشكلات المصاب بمرض “الفيبروميالجيا” أنه لا يجد طبيبا متخصصا في علاج المرض، فأغلب الأطباء لم يسمعوا بالداء الجديد، ومن سمعوا به لم تمر بهم حالات ليعالجوها، ومن مرت بهم حالات لمصابين لم يجدوا لها علاجا. وهذا سيفاقم أزمة المريض، فهو يبدأ بزيارة طبيب الأسرة، ثم يحاول مع أطباء الأعصاب، ثم أطباء الروماتيزم، ثم أطباء العضلات ، فأطباء العظام، وأطباء أمراض الدم، لينتهي غالبا بالأدوية المسكنة للألم التي كان قد بدأ بها لوحده دون وصفة طبيب، وهو ما أكده موقع “ابوتيكن أومشاو” الألماني الطبي المتخصص” مشيرا إلى ضرورة إجراء فحوص دم متعددة كتلك التي تجرى في عيادات علاج الروماتيزم، ومبينا في الوقت نفسه أنّ فحوص الدم في الغالب لن تساعد الطبيب في تشخيص المرض، لكنها ستلغي احتمال حصول التباس في التشخيص.

لكن الأطباء في الولايات المتحدة التي يتراوح عدد المصابين بالمرض فيها من 4 إلى خمسة ملايين حالة تمكنوا من إيجاد علاقة بين المرض وبين علاجات بعض أدوية الأعصاب، لاسيما مضادات الكآبة. أشهر العلاجات التي جربت في علاج المرض هي ، دولوكسيتاين (Cymbalta)، ميلناسيبران ( ( Savella وفينلافاكسين (Effexor)، وأقراص الصرع وإزالة التشنجات بريغابالين (Lyrica) كانت أول علاج أقرته “إدارة الغذاء والدواء” الأمريكية لعلاج مرض “الفيبروميالجيا”.

الأعراض والعلامات

الأفراد يشكون من آلام وتصلب في مناطق حول الرقبة والكتفين وأعلى وأسفل الظهر ومنطقة الورك. ويحدث ذلك عادة في جميع أنحاء الجسم، على الرغم من أنها قد تبدأ في منطقة واحدة، مثل الرقبة والكتفين، ويمكن أن تنتشر على مدى فترة من الزمن.

بعض الراسات تشير إلى ان ظهور الأعراض أحياناً يأتي بعد نكسة صحية أو عملية جراحية أو التهاب شديد، أو بعد تعرض المصاب إلى ضغط نفسي حاد، وتتراكم الأعراض بمرور الوقت، وقد تجتمع كل هذه الأسباب لتؤدي إلى مرض “الفيبروميالجيا” أو ما يعرف أيضا بمرض “الألم العضلي الليفي”.

نسب الإصابة التي سجلها الأطباء تؤكد أنّ المرض يصيب النساء بشكل خاص، لكن توجد وبنسبة أقل بكثير إصابات بين الرجال أيضا وفي مختلف الأعمار. تترافق هذه الأعراض في بعض الحالات مع الآم في المفاصل وصداع متناوب حاد، وأحيانا صداع صباحي، ونوبات من سوء الهضم والإنقباض المعوي، والكآبة والقلق.

بعض العلماء يعتقدون أنّ تكرار المحفزات العصبية باتجاه توكيد الألم في مناطق معينة من الجسد، قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات مركبات كيماوية بعينها في الدماغ، تبدأ في إظهار أعراض الألم، وهو عارض سوف يتكرر لأشهر ثم لسنوات حتى تمتلك مستشعرات الألم ذاكرة مرضية تحفز المريض للتألم بمجرد تذكره أنه مصاب بآلام غامضة، وهكذا سيعيش المريض دوامة الألم وذاكرة الألم التي لن تنتهي.

التعب واضطرابات النوم

معظم الناس الذين يعانون من الفايبرومايالجيا يشعرون بالتعب، وانخفاض القدرة على التحمل، كنوع من الإرهاق المرافق للانفلونزا أو قلة النوم. أحيانا يعد التعب الشديد مشكلة أكبر بكثير من الألم. معظم المصابين يعانون قلة في النوم. على الرغم من عدم وجود صعوبة بالغفيان، فإنهم ينامون بشكل خفيف و يعانون من الاستيقاظ كثيرا أثناء الليل. في كثير من الأحيان يصاحب الاستيقاظ الشعور بالتعب، حتى بعد النوم جيدا خلال الليل. التعب يمكن أن يتراوح من الخمول وانخفاض القدرة على التحمل إلى حد الإرهاق، ويمكن أن يختلف من يوم واحد إلى آخر

الأعراض المتعلقة بالجهاز العصبي

التغيرات في المزاج هي من الأعراض الشائعة لآلام الفايبرومايالجيا، مشاعر الحزن أيضا من الأعراض الشائعة وبعض المصابين يعانون من الاكتئاب. الأشخاص الذين يعانون من الفايبرومايالجيا قد يشعرون بالقلق أيضا. ويعتقد بعض الباحثين وجود علاقة بين آلام العضلات الليفية وأشكال معينة من الاكتئاب والقلق المزمن. ومع ذلك، فإن أي شخص مصاب بمرض مزمن – وليس فقط الفايبرومايالجيا – قد يشعر بالاكتئاب في بعض الأحيان بسبب معاناتهم من الألم والتعب المرافق للمرض. الأشخاص الذين يعانون من الفايبرومايالجيا قد يجدون صعوبة في التركيز وأداء المهام العقلية البسيطة. هذه المشاكل تميل إلى الظهور و الاختفاء وغالبا ما تكون أبرز في أوقات التعب أو القلق الشديد. ولوحظ وجود مشاكل مماثلة في كثير من المرضى مع تقلبات في المزاج، واضطرابات النوم أو الأمراض المزمنة الأخرى.

مشاكل أخرى

الصداع وخصوصا الصداع الناتج عن التوتر والصداع النصفي، هي من الحالات الشائعة لدى المصابين بـ الفايبرومايالجيا.

آلام في البطن، الانتفاخ ,الإمساك والإسهال بالتناوب (وتسمى متلازمة القولون العصبي أو القولون التشنجي) من الأعراض الشائعة أيضا. تقلصات المثانة والتهيج أيضا وقد يسبب الإلحاح أو التردد البولي. وهناك مشاكل إضافية قد تترافق مع آلام العضلات الليفية مثل التشنجات، والدوخة، وآلام في المفصل الصدغي الفكي ومفاصل اليدين والذراعين والقدمين والساقين أو الوجه.

كيف يتم تشخيص الفايبرومايالجيا؟

لا يمكن تشخيص آلام العضلات الليفية الفايبرومايالجيا عبر الفحوص المخبرية، نتائج الأشعة السينية، فاختبارات الدم والخزعات العضلية تبدو طبيعية. لذلك، يعتمد التشخيص على التاريخ الدقيق للمريض والفحص البدني.

وفقا لمعايير الكلية الأميركية لأمراض الروماتيزم (ACR)، يشخص المريض الفايبرومايالجيا إذا كان الشخص لديه تاريخ من الألم على نطاق واسع لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وألم في لا يقل عن 11 أو أكثر من 18موقع ذات النقاط اللينة.

إلا أن بعض الأمراض الشائعة قد تشابه الفيبروميالجيا كاضطرابات الغدة الدرقية، ومرض الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي والالتهابات. هذه الحالات عادة يتم استبعادها عن طريق الفحص المخبري. ولأن أعراض آلام العضلات الليفية (الفيبروميالجيا هي عامة جدا وغالبا ما يتبادر إلى الأذهان اضطرابات طبية أخرى، كثير من الناس تعاني من الخضوع لتقييمات معقدة وكثيرا ما تتكرر قبل أن يتم تشخيصهم الفايبرومايالجيا. من المهم زيارة طبيب الروماتيزم الذي يعرف كيفية تشخيص وعلاج هذه الحالة.

ما الذي يسبب الفيبروميالجيا؟

سبب آلام العضلات الليفية غير معروف. هناك العديد من العوامل المختلفة، وحدها أو مجتمعة، قد تسبب آلام العضلات الليفية أو الفيبروميالجيا. على سبيل المثال، العوامل مثل مرض معد، و الصدمات الجسدية، الصدمة العاطفية أو التغيرات الهرمونية، يمكن أن تسهم في الألم والتعب واضطرابات النوم المعممة التي تميز هذه الحالة. وقد اقترح بعض العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من الفيبروميالجيا لديهم مستويات غير طبيعية بالعديد من المواد الكيميائية المختلفة التي تساعد على نقل وتضخيم إشارات الألم من وإلى المخ. ولكن إذا كانت هذه التشوهات هي سبب أو نتيجة للآلام العضلات الليفية فهذا غير معروف بعد.

كيف يتم معالجة الفيبروميالجيا؟

لا يوجد علاج معروف للفيبروميالجيا. ولكن يمكن طمأنة المرضى أن هذه الحالة، بالرغم من أنها مؤلمة، ولكنها لا تسبب ضرر بالأنسجة، وأنه يمكن أن يسيطر عليها بنجاح في كثير من الحالات.

وتشمل الخيارات المتاحة لعلاج آلام العضلات الليفية:

أدوية للتقليل من الألم وتحسين الأعراض

برامج التمارين التي تمدد العضلات وتقوم بتحسين القلب والأوعية الدموية

تقنيات الاسترخاء لتخفيف توتر العضلات

البرامج التعليمية لمساعدتك على فهم وإدارة الألم.

الطبيب يمكن أن يعمل على خطة علاج خاصة بك. بعض الناس الذين يعانون من الفايبرومايالجيا لديهم أعراض خفيفة وتحتاج القليل من العلاج ، ريثما يفهمون ما هي الفايبرومايالجيا وكيفية تجنب تفاقم حالتهم. البعض الآخر، يتطلب برنامج رعاية الشاملة مكثفة، التي تشتمل على الدواء وممارسة الرياضة التدريب على مهارات التعامل مع الألم.

إدارة الفايبرومايالجيا

في كثير من الأحيان، وقد يخضع الأشخاص الذين يعانون من الفايبرومايالجيا للعديد من الاختبارات ومعاينة العديد من المتخصصين في بحثهم عن الإجابات. فإنهم غالبا ما يقال لهم أنه لا يوجد شيء خاطئ معهم لأن الفحوصات تبدو طبيعية وحالتهم تبدو بشكل جيد . أسرهم وأصدقائهم، وكذلك الأطباء، قد يشكون في حقيقة شكاواهم،ما يزيد في مشاعر العزلة، والشعور بالذنب والغضب. إذا كنت ممن يعانون من الفايبرومايالجيا يجب عليك وعلى عائلتك تفهم أن الألم العضلي الليفي يسبب الألم المزمن والتعب. يجب أن تأخذ دورا فعالا في إدارة المرض ا عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام، وتثقيف نفسك عن حالتك، وتعلم كيفية تنفيذ تقنيات الاسترخاء واستراتيجيات إدارة الإجهاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!