أبدَع بعيدان كبريت فقط.. فنان انتصر على الحياة مرتين ورحل
صدى وادي التيم-فن وثقافة/
هو متحف بكلّ ما للكلمة من معنى، أو هكذا يمكن وصف منزل الفنان بسام أبو بركة، في قريته المتكئة على كتف جبل الشيخ بكيفا، هذا المنزل الشاهد على إبداع فريد من نوعه، وبعدّة بسيطة جداً، فبسام ابتكر عشرات المجسمات فقط من عيدان الكبريت والخشب.
رحل بسام، اليوم، تاركاً موهبة نادرة وبصمة جمالية رائعة ستبقى في تحفه الفنية التي استغرقت ليالٍ طويلة من السهر والتعب. رحل بعدما انتصر مرتين: مرة على ظروفه الصحية الصعبة، ومرة على الحياة التي لم يسمح لها أن تكسره، محوّلًا اليأس الى الأمل والضعف الى قوة وفن وجمال.
ظهرت موهبة بسام في العام 1989، عن عمر 28 عاماً، فبدأ أول الأمر بالرسم قبل أن ينتقل الى النحت بالخشب. وبدأت الفكرة الأولى بعد فيلم شاهده، أثّر به ودفعه لبناء بيت صغير من عود الكبريت، مجهّزاً إياه بأثاث كامل، كما بالإضاءة التي زوّد بها كلّ مجسّماته.
وبعد المنزل، قام بسام ببناء سفينة ومطحنة وشمعدان ومنارة ونرجيلة وطائرة صغيرة وقارب صغير، كما استخدم آلاف عيدان الخشب والكبريت لصنع ناعورة حماه الشهيرة.
وأمّا العدة التي كان يستخدمها، فليست إلّا سكيناً ومبرداً ومواد لاصقة، وهي كافية لنقل أفكاره من الخيال الى الحقيقة. وهو شارك في الكثير من المعارض منها في نادي بكيفا الثقافي الخيري، ونالت فيه أعمال أبو بركة شهرة واسعة واهتمامًا كبيرًا من زوار المعرض.
ظُلم هذا المبدع كما كثيرين مثله في هذه البلاد، فلم تنصفه الأضواء ولا الاعلام ولا دولته، لكن أعماله التي تركها هي أكبر انتصار لموهبته وستبقى خالدة لتروي قصة ابداع وتحدٍّ حوّلت الضعف الى جمالٍ وقوّة.
نادر حجاز