السكن الجامعي نحو الإقفال: تهجير طلاب “اللبنانية”
صدى وادي التيم- لبنانيات/
رغم أن «اهتراء» السكن الطالبي في الحدث ليس جديداً، لكن تبليغ الطلاب بضرورة إخلاء الغرف كان مباغتاً، وسط ارتفاع كلفة السكن خارج المجمع الجامعي والمواصلات. وفيما خرجت اقتراحات من قبيل وضع الطلاب يدهم على السكن والمساهمة بإنقاذه، يتطلع رئيس الجامعة إلى أن تجترح السلطة السياسية حلاً يمنع تهجيرهم
أكثر من 1500 طالب غادروا السكن الطالبي في مجمع الجامعة اللبنانية في الحدث لاستحالة الحياة فيه. القسم الأكبر من هؤلاء لم يعودوا يقيمون فيه بعد تحويل جزء كبير من المحاضرات إلى التعليم عن بعد (أونلاين) بدلاً من التعليم الحضوري. فيما من «أُجبروا» على البقاء، وعددهم نحو 250 طالباً، يعيشون ظروفاً مزرية. إذ لا مياه، باردة أو ساخنة، ولا مازوت، ولا تدفئة، ولا كهرباء، ولا إنترنت، ولا حراس، ولا عمال نظافة، فيما كل ما يتعطل من برادات وأجهزة «مايكرويف» وستائر وحنفيات مياه، لا يجري تصليحه.
«اهتراء» السكن الذي فضحته الأزمة الاقتصادية ليس جديداً. بل يعود إلى عام 2005 عندما بدأت «سوسة» إهمال التصليحات تنخر فيه. وطوال السنة الماضية، صمد السكن رغم امتناع الشركة الملتزمة تشغيله (دنش لافارجيت) عن الصيانة. وتحمّل الطلاب المسجلون فيه (نحو 2000 طالب) غياب أدنى المقوّمات طمعاً في الأجرة المتدنية نسبياً التي يسدّدونها ( 200 ألف ليرة شهرياً)… إلى أن فُرض إقفال السكن كأمر واقع، إذ أبلغت إدارته الطلاب بضرورة إخلاء الغرف نهاية الشهر الجاري.
ألم «القبع» يشعر به خصوصاً الطلاب الذين يسكنون في مناطق بعيدة من الجامعة لأن «ترحيلهم» جاء في ظل ارتفاع كلفة السكن خارج مساكن الجامعة وارتفاع كلفة المواصلات، ما قد يجبرهم على التغيب عن الحصص الحضورية، وصولاً إلى تسرّبهم الجامعي.
وكانت الشركة الملتزمة خدمات تشغيل السكن وصيانته هدّدت أواخر آذار الماضي بالمغادرة لأنها لم تحصل في الأشهر العشرين الماضية على مستحقاتها. إذ إن هذه المستحقات «لا تتناسب مع حجم الأعمال المنفّذة»، بحسب وزير التربية السابق طارق المجذوب الذي رفض الدفع. وعندما مُدّد العقد مع الشركة من دون دفع المستحقات، امتنعت عن الصيانة حتى صار حال السكن على ما هو عليه اليوم.
وطوال الفترة الماضية، لم ينظم الطلاب أي حركة احتجاجية على هذا الإهمال بسبب «خوفنا من الطرد. فأجرة الغرفة شهرياً في مساكن الجامعة لا تتجاوز 200 ألف ليرة، فيما ترتفع إلى مليون ليرة، بالحد الأدنى، في المساكن خارج الجامعة»، على ما يقول أحد الطلاب. لكن، عندما علم الطلاب من إدارة السكن بأن هناك اتجاهاً للإقفال الكامل استشعروا «الكارثة»، نظراً إلى حاجتهم الماسة إلى السكن القريب من الجامعة لحضور الحصص، وإجراء الامتحانات من دون تكبّد عناء المواصلات من قراهم البعيدة.
«يا منسكّر يا منفتح على أسس واضحة»، تقول مصادر مطلعة في المجمع. ليس هناك قرار بالإقفال، كما قالت، بل إن «السكن بيسكّر حالو لحالو، إذ ليست هناك قدرة على الاستمرار من دون حلول استثنائية، خصوصاً أنه ليس هناك ليتر مازوت واحد، وانفجار قسطل يكلف تصليحه 23 دولاراً فقط (ثمن علبة «تلزيق») يمكن أن يقطع المياه 12 يوماً عن السكن». ورغم إقرار المصادر بأن أي مساهمة موازية للطلاب من خلال صندوق ومن خارج بدل إيجار السكن الرسمي «إجراء غير قانوني»، إلا أنه «يمكن أن يُطلب منهم ذلك من باب وضع يدهم على السكن وتسهيل حياتهم، وسيوافقون على ذلك، خصوصاً أن دفع مثلاً 400 ألف ليرة بدلاً من 200 ألف يبقى مبلغاً مقبولاً مقارنة مع إيجارات المساكن في الخارج، على أن تدير العملية لجنة موثوقة من أهالي الطلاب وإدارة الجامعة».
وفي حين تخلّى الكثير من الطلاب عن حضور الحصص بسبب رداءة السكن الطالبي وعادوا إلى قراهم، كيف ستكون الحال مع الإغلاق التام للسكن؟ وهل نكون أمام تسرب جامعي للطلاب، خصوصاً الذين يسكنون في القرى والمناطق النائية؟ يجيب رئيس الجامعة بسام بدران: «صحيح أنه لا حلول فعلية بين أيدينا حتى الآن، لكنني لن أسمح بمغادرة الطلاب سكنهم الجامعي». يستبشر بدران خيراً بعودة المياه إلى مجاريها على الصعيد الحكومي، «علّ الوزراء يبحثون في حلّ لأزمة السكن الطالبي في مجمع الحدث بعدما طرحت المشكلة على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي».
كلفة الصيانة المرتفعة بالدولار مقابل عقود صيانة «تقرّش» بالليرة، أجبرت شركة «دنش» على الامتناع عن التصليح. والسبب نفسه دفع كل الشركات إلى عدم المشاركة في المناقصتين لصيانة السكن اللتين أعلنت عنهما الجامعة وتلك التي أعلن عنها مجلس الإنماء والإعمار. لذلك، يقترح بدران «إما تعديل العقد ودفع جزء من مستحقات الشركة بالدولار أو تأمين دعم من الدول المانحة لتشغيل السكن الطالبي». فهل يتوصل المعنيون خلال الأيام المقبلة إلى حل أزمة الطلاب؟ أم سيحمل الطلاب أمتعتهم ويغادرون سكنهم كما أخلى طلاب الجامعة اللبنانية في مجمع الشمال السكن الطالبي منذ أشهر بعدما أوقفت الشركة الملتزمة تشغيله وصيانته؟
زينب حمود-