معركة طاحنة بين وهاب وجنبلاط… هل يرفع ارسلان السقف؟
صدى وادي التيم – لبنانيات /
طائفة الموحدين الدروز هي طائفة مؤسسة للكيان وارتبط حضورها بشخصيات سياسية من الطراز الاول، ككمال بك جنبلاط والامير مجيد ارسلان وكثر غيرهم، ورغم قلة عددهم لا يزال الدروز يلعبون دوراً مهما ً في السياسية اللبنانية ولهم بصمات في كل المحطات، وقد توزع تمثيلهم النيابي سابقاً بين الجنبلاطيين والارسلانيين، لكن وبعد الحرب اللبنانية ودور الحزب التقدمي الاشتراكي وعدم مشاركة خلدة في حمل السلاح، اصبح التمثيل النيايي الدرزي بنسبة 90% بيد المختارة، واقتصر الحضور النيابي الارسلاني على َمقعد يتيم في عالية بشخص المير، الذي حاول جاهداً أن يفوز بتمثيل نيابي درزي اضافي دون أن يتمكن من تحقيق ذلك، فهل سيستطيع في انتخابات 2022؟.
في جردة في السياسة العامة خيارات ارسلان لم تتغير وبقي على علاقته المميزة والتي يصفها بالاخوية مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي حقق انتصاراً مهماً في الحرب الذي شهدتها بلاده، كما وبقي ثابتاً في علاقته مع ال م ق او م ة التي ثبتت وانتصرت والتي اصبحت محرجة معه نتيجة لعدم دعمه في السابق وهو الحليف الدائم لها، كما وتربطه علاقة مميزة مع التيار الوطني الحر ورئيسه ومع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلاقته مع الرئيس نبيه بري جيدة رغم أنها لا تصل لمستوى علاقة بري بجنبلاط، لذلك يامل ارسلان في أن تكون هذه السنه سنته الانتخابية لتحقيق ما عجز عن تحقيقه سابقاً، بينما جنبلاط يعاني من ناحية علاقته مع سوريا وقيادتها، وعلاقته مع ا ل ح ز ب في مد وجزر دائمين، وخصوصاً انه ياخذ دائما موقع الهجوم على الدور الايراني، كما أن علاقته مع باسيل والتيار الوطني الحر ليست بحال افضل،في حين يتمتع بعلاقة جيدة مع جعجع ويعتمد على حليفه القديم الجديد الرئيس برّي لمساعدته في تدوير الزوايا وتلطيف الامور مع الحزب، لكن مع الشام يبدو أن الطريق مقطوعة على الاثنين حتى الساعة، كما ويعاني من تعاظم دور الحراك المدني في قرى الشوف وعاليه وهذا ما دفعه اخيراً إلى تكثيف زيارته الى العائلات والبلدات ودفعه الى إعادة ترشيح الصقور مروان حمادة وأكرم شهيب تهيباً للمعركة الانتخابية المقبلة.
اما في التفاصيل الانتخابية، تشير مصادر سياسية درزية بارزة، إلى أنه اذا نظرنا الى دائرة عاليه – الشوف، بداية في الشوف ومع ترشح رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب واحتمالية فوزه وهو الذي عمل جاهداً في السنوات الماضية واثبت حضوراً قوياً شعبياً واعلامياً ووطنياً والذي يعتبر أن الاوان قد آن لتحقيق ذلك، نرى أن جنبلاط سيعمل بكل قوته لمنع هذا الخرق لإدراكه أن هذا الامر يزعزع زعامته الشوفية ويجعلها مناصفة ما بين المختارة والجاهلية، وهذا ما لن يقبل به وسوف يدفع بكل ثقله بالاصوات الدرزية لتيمور جنبلاط ومروان حمادة حتى ولو ادى ذلك إلى خسارة القدرة على دعم المرشح عن المقعد المسيحي في الشوف، على امل ان يحقق تعويضاً عن ذلك في عاليه، وخصوصا أن لديه فائضاً لا بأس به من الاصوات، في حين ان ارسلان سيدعم وهاب في الشوف، والمرجح ان يفعل الحزب القومي السوري الاجتماعي ذلك، وسيعمل بكل جهد في عاليه لضمان مقعده والذي قد يشكل خطراً فعلياً عليه الحراك المدني، الذي يبدو أن لديه مرشحاً في هذا القضاء، ولكن التوقع بأن الحزب القومي سيعطي اصواته لارسلان ولن يكون لديه مرشح يجعل ارسلان بمأمن كامل عن اي خطر، وأكثر من ذلك ممكن أن يساهم في نجاح أحد المرشحين المسيحين عن القضاء.
بعد الشوف وعاليه، المعركة في بيروت ترتبط بالتحالفات وبامكانية إعادة تجربة الانتخابات الاخيرة حيث رفض الثنائي الشيعي اخذ مرشح ارسلان نائبه نسيب الجوهري على لائحتهما، مما حرمه من فوز محتم وذلك إكراماً لجنبلاط من الرئيس بري الذي فاز مرشحه فيصل الصايغ عن المقعد البيروتي، هذه المرة المعركة محتدمة بين جنبلاط بمرشحه الصايغ وارسلان بمرشحه الذي يبدو انه سيكون الوزير السابق صالح الغريب الذي نشط كثيراً في بلدته كفرمتى وفي منطقة الغرب في عاليه لتحقيق حضور اجتماعي قوي، ولكن حسب الاحصاءات في بيروت يظهر أن جنبلاط يحظى بالاغلبية الساحقة من دروز بيروت وهذا ما يعطيه الافضلية، الامر الذي يناقضه الديمقراطي الذي يعتبر ان المقعد الدرزي في بيروت هو مقعد معنوي لاهمية الحضور في العاصمة دون ارتباط فعلي بالتوجه الدرزي والعددي، اضف إلى ذلك تمسك جنبلاط بهذا المقعد لرمزيته واهميته في السياسة العامة والذي يبدو سيحرص مع الرئيس بري على ضمان الحصول عليه، مع العلم أن الانتخابات هذا العام ستكون مختلفة عن السابق نتيجة لامكانية عدم ترشح الرئيس سعد الحريري من جهة ولتعدد اللوائح من جهة أخرى.
في المتن يبدو أن تكرار تجربة النائب السابق فادي الاعور صعبه المنال، وان اعادة نجاح النائب هادي ابو الحسن مرجحة، خصوصاً أن نشاطه ودوره في قضاء بعبدا بشكل عام وفي المتن بشكل خاص مع غياب ملحوظ للنائب الاعور من جهة وعدم وجود نشاط حقيقي وكبير للحزب الديمقراطي من جهة اخرى تعطيه الحظ الكبير الا اذا حصلت تغييرات في التحالفات، كما لاصوات حركة امل ووقوفها التاريخي إلى جانب جنبلاط دوراً كبيرًا بذلك.
في دائرة الجنوب الثالثة، وفي قضاء حاصبيا تحديداً هناك خلط كبير للاوراق خصوصًا بعد احجام النائب انور الخليل عن الترشح وهو ما اعلنه لمناصريه، وما اكده النائب جنبلاط الذي كان يتقاسم المقعد مع الرئيس بري باعتبار ان النائب الخليل محسوب على الرجلين، مع عدم ظهور اي بوادر ترشح لنجله الذي هاجم الثنائي الشيعي في السنوات الاخيرة وكان من الداعميين للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، على الارض يتقاسم الاشتراكي من جهة والديمقراطي مدعومًا بالقومي من جهة اخرى الحضور، وخصوصاً أن مناصري القومي اصبحوا بعد انقسام الحزب بالأغلبية، يبدو انه عاقد العزم على دعم ارسلان اينما يستطيع، ومع غياب اي مرشح اشتراكي لهذه اللحظه عن المشهد نتيجة حسابات متعددة لدى جنبلاط، التي تبدأ بعدم قدرة جنبلاط ترشيح احد على لائحة الثنائي نتيجة الخلاف مع ا ل ح ز ب ، وفي نفس الوقت عدم امكانية ترشيح احد الحزبيين على اللائحة المنافسة التي يبدو انها في طور التشكيل بين القوات ومناصري المستقبل والشيعة المستقلين حرصاً على عدم ازعاج بري، يبدو أن الطريق مفتوحة امام ارسلان لتحصين ساحته ووضع مرشحه على لائحة الثنائي، وخصوصاً مع إدراكه أن الفوز بمقعد نيابي اضافي اصبح قريباً، وأكثر يبدو أنن ارسلان يدرك أن الفوز بمقعد حاصبيا هو من الممكن وبقوة، من جهة للحضور الكبير للارسلانيين في المنطقة والذي ارساه الراحل الامير مجيد أرسلان ،والذي بقي قوياً وملتزماً معه، ومن جهة اخرى لان الفوز بهذا المقعد لا يزعج جنبلاط كثيراً كون المقعد ليس محسوباً بالمباشر عليه وخسارته ستكون بأسوأ الاحوال نصف مقعد.
الاسماء المطروحة لدى الديمقراطي تدور حول شخصيتين، المصرفي وصاحب بنك الموارد مروان خير الدين وهو وزير سابق ومصرفي وقريب طلال ارسلان، والذي يبدو انه ليس محمساً للترشح حسب ما يسرب عنه نتيجة للوضع السياسي والمصرفي في لبنان ودقة المرحلة، والدكتور وسام شروف وهو طبيب ودكتور جامعي ولديه كفاءة علمية مميزة ولديه حضور في المنطقة وقد سبق ان خاض الانتخابات مرتين، اخرها سنه 2018 والتي اظهرت حصوله على عدد كبير من الاصوات رغم وجوده في لائحة بمواجهة اللائحة الاساسية، حيث كانت تحظى على الصعيد الدرزي بدعم الاشتراكي والقومي والنائب الخليل واخرين وهذا يؤكد على الحضور الارسلاني القوي في المنطقة، والذي عمل النائب ارسلان على الحفاظ عليه وهو الذي بنى داراً في حاصبيا للوجود المستمر فيها، ولكن الاهم يبقى في ان يكون مرشح ارسلان على لائحة الثنائي الشيعي ليضمن النجاح، ولكي لا تتكرر تجربة الدورة الماضية.
من دون ان نغفل أن القومي يطمح للحصول على المقعد الدرزي في حال عدم ترشح حردان عن المقعد الأرثوذكسي في الدائرة، الامر الذي يبدو حتى الان غير ممكن خصوصا بادراك العلاقة التي تجمع حردان مع القيادة السورية، الا اذا قرر حردان الترشح في منطقة اخرى افساحا في المجال لترشيح احد من التيار الوطني الحر لتعويض خسارته مقاعد في مناطق اخرى، الامر الذي يبدو مستحيلا نتيجة الخلاف الحاد ما بين حركة امل والتيار الوطني الحر الذي وصل إلى مكان بعيد.
في راشيا-البقاع الغربي، يدعم الاشتراكي النائب وائل ابو فاعور الذي تبدو حظوظه مرتفعة، في حين يدعم الديمقراطي طارق الداوود شقيق النائب السابق فيصل الداوود، الذي يصعد وينخفض احتمال نجاحه بالتحالفات التي ستنضج في المنطقة خصوصاً مع ترشيح حركة امل لقبلان قبلان ومع خروج النائب ايلي الفرزلي من تحالفه مع التيار الوطني الحر، وعدم وضوح القرار النهائي لتيار المستقبل بالترشح ام لا، وتحالفات الوزير السابق حسن مراد.
في المحصلة، إن الحزب الاشتراكي سيحافظ على الاغلبية النيابية الدرزية من 5 الى 6 او 7 نواب، مع احتمال فوز وهاب في الشوف والديمقراطي بالغريب في بيروت، وخير الدين او شروف في حاصبيا، التي يبدو ان لديها الاحتمالية الاقوى للفوز، لكن في النهاية يبقى السؤال الاهم، هل ستجري الانتخابات في أيار ام سيطرأ ما يعكر الأجواء ويؤجلها في اللحظة الاخيرة.
بقلم محمد المدني – Alkalima Online