لماذا لا ينزل الناس الى الشارع؟

صدى وادي التيم- لبنانيات/

تتوالى قرارات رفع الدعم في لبنان فصولاً، وكل قرار منها يدفع الشعب الى حافة الانفجار. لكنه لا يسقط ولا يستقيم له حال، بل يبدو كمريض يزداد أنينه مع كل ضربة توجعه، ويتفاقم عجزه عن النهوض والمواجهة.

بعد رفع الدعم عن السلع الرئيسية والمحروقات ثم الدواء، بدأ مؤخراً الهمس حول زيادة تعرفة الاتصالات والانترنت، ومعه بدأت الأسئلة تعصف: متى تدق ساعة الصفر؟ كيف ستكون ومن سيفجر اللحظة الحاسمة باتجاه قلب الطاولة في وجه الفساد وأربابه؟

وبالرغم من ان إجراء رفع الدعم عن الدواء في ظل تفشي جائحة كورونا، يعتبر واحد من أخطر القرارات المتخذة، والتي راهن المجتمع الدولي عليها كعامل تفجيري للوضع العام، وفق تقديرات العديد من الجمعيات الإنسانية والبعثات الدبلوماسية الموجودة في لبنان، ولسان حال المراقبين يتساءل عن “العجيبة” التي تتكرر: ثورة 17 تشرين اشتعلت بفعل زيادة بضع سنتات على خدمة الواتساب، واليوم وصل غالبية الجمهور المتفرج الى عتبة الجوع، مع تضاعف تسعيرة الدواء وارتفاع أسعار المواد الغذائية عشرات المرات، ولم يحصل أي رد فعل شعبي في الشارع؟

بالطبع يصعب تحديد الأسباب في ظل تداخل تأثير قوى الداخل بأحزابه والخارج بسطوته الأبدية على بلاد الأرز، ولكن يمكن ربط “الصمت” او ما يمكن ان يعرف بـ “كبت الغضب” الشعبي باعتبارات عديدة، منها:

1- حال اليأس والإحباط واختزان الألم، نتيجة ادراك المواطن المسحول قهراً، انه فاقد القدرة على التغيير وإحداث الفرق، فهو لم يعد يؤمن ان نزوله الى الشارع والتعبير عن ألمه قد يجدي نفعاً.

2- رفع شعار الفتنة عند كل محطة احتجاجية او انتفاضة، والتحذير من عودة بعبع الحرب الاهلية، من خلال ركوب الأحزاب موجة التظاهرات ووضع شارع مقابل الآخر، والتخويف من إحداث فوضى تذهب بما تبقى من آمال معقودة على الانتخابات النيابية ذات القدرة التغييرية الأولى، وذلك من خلال تطييرها.

3- تحويلات المغتربين بالعملة الصعبة الى ذويهم واقاربهم، والتي ساهمت في تثبيت أكثر من نصف المجتمع اللبناني ومنعه من الانهيار بشكل كلي، وردم الهوة بين غلاء الأسعار والقيمة الشرائية المنهارة للرواتب.

4- اعتماد حلول بعيدة عن رعاية الدولة، وخاصة الأجيال الشابة والمتعلمة والكفؤة ورفضها للواقع من خلال الهروب والهجرة الكثيفة، في ظل تعمّق الازمة وامتدادها لسنوات طويلة.

يبقى أن الصمت الشعبي لن يطول أمده، فحاجة الشعب إلى الخلاص وفرض تحسين معيشته، لا شك ستتخطى عقبة عدم تجاوب الطبقة السياسية مع مطالب الناس، وسيترجمها كل مواطن تألم جوعاً وحرماناً في صندوق الاقتراع، شرط أن يعي مسبقاً ويثق دائماً بأهمية صوته في صنع خلاصه وفرض مطالبه.

هيلدا المعدراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!