زيتون حاصبيا مكبّلٌ بالدولار

 

صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم /

ومع ارتفاع الأسعار وانهيار قيمة الليرة مقابل الدولار، يشهد القطاع الزراعي عموماً «دولرة» للعمل وبيع المُنتجات. هذا هو الحال بالنّسبة إلى موسم قطاف الزيتون في منطقة حاصبيا جنوباً، والتي تُعدّ، بالإضافة إلى مرجعيون والكورة وبشرّي، من أكثر المناطق اللبنانية زراعة للزيتون

يحلّ موسم قطاف الزيتون في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد. سنوياً، يبدأ الموسم مطلع شهر تشرين الأوّل، ويعتاش منه ما بين 170 إلى 200 ألف أسرة لبنانيّة.

يعزو المزارع عماد خير الدين، الّذي يملك 10 دونمات مزروعة بأشجار الزّيتون، الأمر إلى أنّ «الأسمدة الزراعية والأدوية الخاصّة بشجر الزيتون ومعدّات القطاف الحديثة مستوردة وندفع ثمنها بالدولار»، بالإضافة إلى زيادة تكلفة حرث الأرض و«تشحيل» الأشجار بالعملة الوطنية.
المزارع ربيع فرزان، الذي يستخدم الطرق التقليدية في عمله، يلفت إلى أنه «ما عاد حدا ضمّن ع النص… كلّو عالثلث». يعمد فرزان، كغيره من المزارعين، إلى استغلال موسم قطاف الزيتون عبر ضمان «الحصّة» من مالكي الأراضي المزروعة بالزيتون، إذ يتولّى الضامن مسؤولية القطاف ليحصل على ثلث المحصول مقابل ثلثين للمالك، أو عبر دفع بدل من المال لكل «مدٍّ» من الزّيتون، أي 20 كلغ (حُدّد سعر «مدّ الضّمان» بـ 10 دولارات أو ما يعادلها بالليرة في السوق السوداء).

المزارع عماد القضماني، يشير، بدوره، إلى «دولرة» موسم قطاف الزّيتون: «كل شي صار عالدولار بالبلد، أكيد رح نبيع الزيت والزيتون بالدولار». ويوضح أن سعر «تنكة» الزّيت لهذه السّنة بين 75 و 85 دولاراً وكيلو الزّيتون 50 ألف ليرة، ويضيف: «كان أجار أهم عامل 45 ألفاً، اليوم بـ 130 ألفاً وما عم نلاقي ناس تشتغل».

تخلّى المزارع حسام ملاعب عن ضمان الأراضي المزروعة بالزّيتون، واستبدلها بزراعة المزروعات الّتي يحين موعد قطافها في نفس موعد قطاف الزّيتون، كالملفوف والصعتر الأخضر والقرنبيط. يعلّل خياره بإمكانيّة تصريف هذه المزروعات سريعاً، وانخفاض تكلفة زراعتها مقارنة مع ضمان أراضي الزّيتون.

ويشكو العامل نديم شرف من بدل الأجر المنخفض الّذي حدّده اتّحادا بلديّات العرقوب والحاصباني (75 ألف ليرة للعامل و50 ألف ليرة للعاملة): «كنّا ننتظر الموسم لنسترزق بس اليوم الشغل بالباطون أربح». ويرى أنّ بدل الأجر المحدّد من اتحاد بلديات الحاصباني ينحاز إلى مالكي الأراضي ولا يُنصف العمّال.

يوضح رئيس اتحاد بلديات الحاصباني سامي الصفدي، الأسباب التي دفعت الاتحاد لتحديد بدل أجر العامل والعاملة: «التصاق قضاءَي مرجعيون وحاصبيا جغرافياً، وخضوعهما لذات الدورة الحياتية، ولا سيّما في النشاط الزراعي، يحتّم تساوي بدل الأجور فيهما». الجدير ذكره أنّ اتحاد بلديات العرقوب كان قد حدّد مسبقاً بدل الأجور للعمّال في قطاف الزيتون، ما دفع اتحاد بلديات الحاصباني إلى اعتماد نفس البدل المحدّد من قبل اتحاد بلديات العرقوب.

كميل الزّير، عامل ينسّق تأمين عمّال لقطاف موسم الزّيتون، يقول إنّ «العمّال لا يقبلون العمل بأقل من 130 ألف ليرة لبنانية كحد أدنى لليوم الواحد»، مشيراً إلى أنّ «العمّال الذين يعملون بقطاف الزيتون لهذه السنة هم فقط من لا يملكون بديلاً من هذا العمل».

من جانب آخر، يتطرّق أنور أبو غيدا، وهو صاحب معصرة لعصر الزّيتون، إلى تكلفة العصر التي حُدِّدت بألفَي ليرة للكيلو، أو أوقيتين ونصف أوقية من الزيت لكل «مدّ» من الزيتون. وهي تكلفة موحّدة لجميع المعاصر في منطقة حاصبيا، حالها حال بدل ساعة العمل للعامل في المعصرة: 15 ألف ليرة.

فيصل زويهد، هو أيضاً صاحب معصرة لعصر الزّيتون، يشير إلى أنّ أصحاب المعاصر يدفعون بدل «المازوت» بالدولار حصراً، ما يُسهم في ارتفاع تكلفة عصر الزيتون. فبحسب رئيس الجمعية التعاونية لتحسين وتصريف الزيتون، رشيد زويهد، فإنّ ارتفاع ثمن غيار القطاعات الآليّة، وارتفاع بدل ساعات الحراثة بالجرارات الزراعية يشكّلان أزمة حادّة للمزارعين، ما يفرض عليهم تكلفة إضافيّة عن المواسم السابقة، ويؤدّي بالتالي إلى الارتفاع في سعر المنتج الزراعي.

أمّا في تصريف الزيت، فيعتمد المزارعون وأصحاب المعاصر في حاصبيا على السوق اللبنانية المحلّية. يتفاخر هؤلاء بجودة زيتون وزيت منطقتهم، معتبرين أنّ استيراد الزيت من أوروبا وشمال أفريقيا، وحتّى إدلب السورية، لا يشكّل عائقاً أمام تصريف إنتاجهم. وبالفعل، تؤكّد المهندسة الزراعية نور رعد، أنّ «جودة زيت الزيتون في منطقتَي حاصبيا ومرجعيون تطابق أعلى معايير المواصفات الدولية، ويصنّف الزيت ضمن النوع الأوّل المسمّى “extra virgin”، أي أنّ نسبة الأسيد فيه أقل من 0.8، والـ”تي أوكسيد” أقلّ من 20».

تُعدّ المواسم الزراعية في لبنان، على تنوّعها، مسؤولة عن تأمين الأمن الغذائي للمواطن، في حين أنّها تؤمّن ما لا يزيد عن 10 في المئة فقط منه، ما يدلّ على عدم تحمّل الدولة لمسؤوليّاتها تجاه الإنماء في المناطق كافّة، ولا سيّما الزراعي منه.

بهجت سعيد – الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى