“فاكهة التنين” تزدهر جنوباً
صدى وادي التيم- لبنانيات/
“فاكهة التنين” (Dragon Fruit).. الإسم ليس خرافياً أو مستوحى من أفلام الخيال والأساطير. إنه إسم حقيقي لفاكهة حقيقية موطنها الأصلي في الأميركيتين الوسطى والجنوبية وتحديداً المكسيك. لكن في زمن العولمة الذي طاول كل شيء بدأت تلك الثمرة تبحث عن أوطان جديدة تسافر إليها حيث حطت رحالها في جنوب لبنان منذ سنوات عدة.
الـ (Dragon Fruit) بدأت تحجز لها مكاناً مميزاً بين أشجار الأفوكادو والقشطة والمنجا والليتشي وغيرها من أنواع الأشجار التي بدأ الجنوبيون يزرعونها بكثافة في أراضيهم خلال السنوات الأخيرة. لكن يصح القول في فاكهة التنين أنها ثمرة مدللة ومغناجة نظراً لشكلها الذي يرسم ملامح التنين كما انرسم في مخيلتنا، وأيضاً لأنها فاكهة نخبوية بامتياز حيث الطلب عليها يقتصر على فئة معينة والمعرفة بها أيضاً. وكذلك نسبة لأسعارها المرتفعة وعدم تواجدها في معظم محلات الخضار والفاكهة، بل في محلات معروفة ومحددة فقط.
الدراغون فروت هي فاكهة بيتايا أو بيتاهايا، علمياً تسمى Hylocereus undatus وهي من الصباريات العصارية ويمكن نزع قشرتها بسهولة. هي شجرة أنيقة، موطنها الأصلي المكسيك وأميركا الجنوبية وتم نقلها إلى دول شرق آسيا مثل تايلاند وفيتنام والفيليبين وهي جزء أساسي من النظام الغذائي في جميع تلك الدول، يوجد منها البتايا الحلوة والمرة وتختلف بالأشكال.
البتايا او فاكهة التنين Dragon fruit هي ثمار إستوائية، يتميز مذاقها بالجمع بين طعم الكيوي والاجاص. تحمل الثمرة على قشرتها البراقة حراشف، وتلك الحراشف هي السبب في منحها اسم “فاكهة التنين”.
محمد جابر الذي يقول إنه عشق فاكهة التنين من أول نظرة و“انغرم” بها بعد أن تعرف إليها منذ حوالى الخمس سنوات، يمضي الآن معظم أوقاته في العناية بها حيث يملك بستاناً في الجنوب يضم قسماً كبيراً منه أشجار متنوعة من فاكهة التنين، ويضم أعداداً كبيرة أيضاً من الشتول الجاهزة للزرع. جابر يقول إن علاقته بالشجرة ليست مادية بل تحولت إلى عشق وهواية استحوذت على جلّ وقته وجهده، وأصبح مرجعية وموسوعة بها.
يضم بستان جابر في الجنوب حوالى 150 شجرة دراغون فروت ويضم أيضاً حوالى 5000 شتلة منها. جابر قال إن فاكهة التنين تتوزع على حوالى 150 نوعاً والسبب في ذلك يعود إلى عمليات التهجين التي يقوم بها المزارعون، حيث ينتج عنها أنواعاً جديدة من الدراغون فروت، تختلف في أشكالها وطعمها وخصائصها، لكن تبقى جميعها ضمن أنواع فاكهة التنين.
وبالرغم من أن تصنيفها يُعتبر من ضمن فصيلة الصباريات، إلا أن الدراغون فروت تنفرد بطعم خاص لا يشبه طعماً آخر. وهي كما يقول جابر حلوة المذاق، لكن قليلة السكر، لها فوائد عديدة منها تقوية المناعة ومحاربة مرض السكري. أوراقها تستعمل مع الشاي بعد تييبيسها وفي بعض الدول يضيفونها في الطبخ.
تعتبر الدراغون فروت فاكهة صيفية إذ تبدأ أزهارها بالظهور في شهر تموز وينتهي الموسم في نهاية شهر تشرين الأول.
تنتشر الدراغون فروت في حوالى 100 بستان نموذجي في لبنان، منها حوالى 12 في الجنوب ضمن ارتفاعات يصل أقصاها إلى 300 متر وذلك في الهواء الطلق أو في خيم زراعية.
فاكهة التنين محصولها غزير وغالي الثمن تتحمل درجات حرارة تصل حتى 40 درجة مئوية. يبلغ متوسط عمر الشجرة حوالى الستين عاماً وقد يصل لأكثر من ثمانين. عن نجاح زراعتها في لبنان يقول جابر إنها ناجحة جداً بسبب ملاءمة تربة لبنان لها وخصوصاً مناطق الساحل، فهي بحاجة الى الأجواء الحارة لكن هذا لا يعني أنها لا تعيش في الاجواء المائلة للبرودة.
عن طريقة زراعتها والتربة المناسبة لها يقول جابر إن جميع انواع التربة مناسبة لها، لكن من الأفضل أن تكون جيدة التصريف، وأن تكون خليطاً ما بين الرمل الأحمر والسماد العضوي، مع التذكير أن هناك طرائق عدة لزراعة نصوب الشجرة منها بالأرض مباشرة، ومنها ضمن مساكب أو أواني ترتفع عن الأرض حوالى الـ70 سم وتكون بعرض حوالى الـ 50 سم. وأشار جابر إلى أن هناك “زراعة السطوح” حيث يُصار إلى زرعها ضمن أواني كبيرة أو أحواض.
أما في المساحات الكبيرة، فيستوعب الدونم الواحد حوالى الـ 350 شتلة من الدراغون فروت، تتباعد فيما بينها بمعدّل ثلاثة أمتار بين الشجرة والأخرى، وبالمستطاع زراعتها طوال العام.
تُسنّد شجرة الدراغون فروت بعصا لكي تستقيم أثناء النمو، وهي تحمل الثمار بعد تمدد الأغصان بشكل أفقي حيث يُطلق عليها “العقلة” التي تتدلى منها الثمار التي لا يمكن أن تنمو على الأغصان العامودية. مع الإشارة إلى أن شجرة الدراغون فروت بحاجة إلى نصب “سقالة” تشبه إلى حدٍ بعيد المظلة في أعلاها لكي تحمل الأغصان وتتمدد عليها.
لا تحتاج الدراغون فروت إلى الكثير من العناية فهي مقاومة للأمراض، وليس من الضروري زراعتها في البيوت البلاستيكية حسب جابر الذي أشار بأفضلية تظليلها من أشعة الشمس المباشرة من خلال الغطاء المخرم. كما يمكن استخدام الأسمدة العضويه البلدية لتعزيز النبتة وتحفيزها على النمو وإنتاج ثمار أفضل.
لا تحتاج الدراغون فروت لعلاجات، لكن من المستحسن رشها بمبيد حشري مرة أو مرتين بالسنة حسب الحاجة. ولا تحتاج أيضاً للكثير من الماء بل لحوالى 20 ليتراً كل حوالى 8 أيام وذلك خلال فصل الصيف فقط. عن الوقت التي تحتاجه الشجرة بعد زراعتها لكي تعطي ثماراً يقول جابر إن ذلك يعود إلى نوع وعمر الشتلة، فمنها ما هو بحاجة لسنة ومنها لسنتين كحد أقصى. والمقصود بالشجرة حسب جابر هو ثلاث شتلات مجتمعة، حيث يصل إنتاجها إلى حوالى 150 حبة أي حوالى 50 كيلو بعد السنة الثانية من زراعتها.
هناك إقبال كبير على زراعة الدراغون فروت وخصوصاً بين أوساط الشباب الذين يبحثون عن معلومات عنها عبر شبكة الإنترنت. عن أسعار الثمار يقول جابر إنه يبيع الكيلو بالجملة بسعر مائة ألف ليرة بينما يُباع بالمفرق في المحلات وهي محدودة بسعر يصل إلى 300,000 ليرة. وبذلك تكون الجدوى الاقتصادية والاستثمار في زراعتها ناجح جداً.
جابر الذي أطلق على منتجاته من فاكهة التنين Fruit’s Force يعتبر بستانه الأول في الجنوب من حيث الإنتاج، حيث وصلت الكمية التي أنتجها بستانه هذا العام حوالى الألف كيلو من جميع الأصناف، بعض الأنواع وصل سعر الحبة الواحدة منها إلى 50,000 ألف ليرة. جابر هجّن نوعاً خاصاً به من دراغون فروت أطلق عليه Palora X2 حيث قال إنه نجح نجاحاً باهراً وقد باع منه حوالى الألف شتلة.